كيف قرأت الصحف الأميركية قضية اتهام ترامب؟

31 مارس 2023
تصدّرت قضية اتهام ترامب عناوين الصحف الأميركية (Getty)
+ الخط -

تصدّرت، اليوم الجمعة، مسألة اتهام الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب رسمياً في قضية شراء صمت نجمة أفلام إباحية عام 2016، في حدث غير مسبوق لرئيس أميركي سابق، عناوين الصحف الأميركية، التي أشاد بعضها بالخطوة، فيما حذرت أخرى من تداعياتها على البلاد.

واعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحيتها أن ترامب يستحق التدقيق القضائي الذي يخضع له، معتبرة في المقابل أن القضية التي وُجِّه على أساسها الاتهام إليه قد تكون الأقل إلحاحاً، ما يدعو للقلق والحذر مستقبلاً.

ورأت الصحيفة أن انتهاكات قانون تمويل الحملات الانتخابية تقوّض الديمقراطية، وتستحق أن تؤخذ على محمل الجدّ، ومع ذلك يجب أن تؤخذ الجوانب السلبية المحتملة لتوجيه الاتهام إلى ترامب على محمل الجدّ أيضاً، مشيرة إلى أن هذه الدعوى ستكون بمثابة اختبار لأي رئيس سابق في المستقبل، وكذلك للإجراءات ضدّ هذا الرئيس السابق على وجه الخصوص، والكثيرة فعلاً.

وذكّرت الصحيفة بالتحقيقات الأخرى الجارية بحق ترامب، مثل اقتحام مبنى الكابيتول في يناير/كانون الثاني 2021، والوثائق السرية المكتشفة في مقر إقامته في مارالاغو، حيث تُعتبر إعاقة العدالة فيها خطيرة بشكل خاص.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه قضايا صريحة مقارنة مع قضية مانهاتن، لافتة إلى أن فشل قضية الرشوى قد تعرّض كل القضايا الأخرى للخطر، وتمنح ترامب دافعاً لادعاءاته بأن ما يجري معه هو "مطاردة الساحرات"، وهو تعبير لطالما استخدمه ترامب لوصف إجراءات مساءلته.

وشددت "واشنطن بوست" على وجوب أن تكون هذه القضية محكمة، وإلا فهي لا تستحقّ الاستمرار.

يوم حزين

من جانبها، تخوّفت صحيفة "وول ستريت جورنال" من التداعيات السياسية لقضية اتهام ترامب، والتي "لا يمكن التنبؤ بها وقد تكون مدمّرة"، واصفة الأخبار بإدانة ترامب بأنها "يوم حزين للبلاد".

وقالت الصحيفة: "إذا كانت هناك قضية تفتح (صندوق باندورا)، فإنّ أول لائحة اتهام في تاريخ الولايات المتحدة بحق رئيس سابق هي هذه القضية". وتُستخدم عبارة "صندوق باندورا" للإشارة إلى مفاجآت غير سارة تأتي من المجهول.

ولفتت الصحيفة في افتتاحيتها إلى أن أي محاكمة لرئيس سابق يجب أن تنطوي على جريمة خطيرة، وأن يكون الدليل فيها قوياً بدرجة كافية، بحيث يُقنع أي ناخب عاقل. واعتبرت أن آخر ما تحتاجه أميركا المستقطبة سياسياً، هو حالة تُحدث اصطفافات مثل قضية أو جاي سيمبسون، مشددة على ضرورة أن يُنظر إلى المحاكمة من قبل غالبية المواطنين على أنها مثال للعدالة المنصفة.

وذكرت الصحيفة هنا أن المدعي العام في مانهاتن ينتمي إلى الحزب الديمقراطي نفسه الذي ينتمي إليه الرئيس الحالي جو بايدن، والذي يطرح نفسه مرشحاً مجدداً للبيت الأبيض على غرار ترامب، ما يعزز الشبهات في أن تكون المحاكمة سياسية، لافتة إلى أن هذا هو السبب وراء حثها مدعي عام مانهاتن ألفين براغ على عدم إحياء قضية عمرها سبع سنوات، سبق أن رفض المدعون الفيدراليون التحرك بشأنها.

وإذ اعتبرت "وول ستريت جورنال" أن سلوك ترامب الشخصي جعله ضعيفاً، لفتت إلى أن مبالغة الديمقراطيين تجاهه قد تنقذه من جديد.

وختمت الصحيفة بالقول إن الخطر على أميركا هو السابقة التي تحدّدها هذه الملاحقات القضائية، إذ إنه بمجرد توجيه اتهام إلى رئيس سابق ومرشح حالي، سيبحث بعض المدعين الجمهوريين المحليين عن صنع اسم لأنفسهم من خلال القيام بالأمر نفسه مع ديمقراطي، معتبرة أن الديمقراطية الأميركية ستتعرّض لمزيد من الانتهاك، وأن براغ يطلق العنان لقوى "قد نندم عليها جميعنا".

"يجب أن يُحاسَب"

صحيفة "نيويورك تايمز" في المقابل كان لها رأي مغاير، وعنونت افتتاحيتها بـ"حتى دونالد ترامب يجب أن يُحاسَب"، مشيرة إلى أن ترامب أمضى سنوات مرشحاً، وفي البيت الأبيض وخارجه، متجاهلاً الأعراف الديمقراطية والقانونية، محاولاً جعل القضاء ووزارة العدل في تصرّفه، والتصرف كما لو أن القواعد لا تنطبق عليه.

واعتبرت الصحيفة أن اتباع نمط يتجاهل القانون غالباً ما يؤدي إلى توجيه اتهام جنائي، وهذه فعلاً النتيجة التي يواجهها ترامب، مذكّرة بأن الأخير غيّر تماماً العلاقة بين الرئاسة وسيادة القانون، مؤكداً في كثير من الأحيان أن الرئيس فوق القانون. ورأت أنه من المناسب أن يجرى تقييم أفعاله كرئيس ومرشح رسمياً من قبل القضاة والمحلفين، مع إمكانية فرض عقوبات جنائية عليه.

ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أن ترامب أضرّ بشدة بالمؤسسات السياسية والقانونية الأميركية، وهدّدها مجدداً بدعوات لاحتجاجات واسعة بمجرد توجيه الاتهام إليه، إلا أن هذه المؤسسات أثبتت أنها قوية بما يكفي لتحميله المسؤولية عن هذا الضرر.

وختمت الصحيفة بالقول إن قرار محاكمة رئيس سابق يُعدّ مهمة مهيبة، لاسيما بالنظر إلى الانقسامات الوطنية التي سيزيدها ترامب حتماً مع اقتراب الحملة الرئاسية لعام 2024، لكن تكلفة عدم السعي لتحقيق العدالة ضد زعيم، ربما يكون قد ارتكب هذه الجرائم، ستكون أعلى، وفق "نيويورك تايمز".

المساهمون