يزور رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا كوريا الجنوبية الأحد المقبل، فيما يسعى البلدان إلى دفن العداوات التاريخية وإعادة إطلاق علاقتهما بمواجهة التهديد المتزايد من كوريا الشمالية.
وهذه الرحلة التي تبدأ يوم الأحد، وتستمر مدة يومين، ستكون أول زيارة رسمية يقوم بها زعيم ياباني إلى سيول منذ أكثر من عقد.
وسيلتقي كيشيدا الرئيس يون سوك يول، الذي جعل من إعادة العلاقات مع اليابان أولوية، وذلك بعد أسابيع فقط من زيارة الرئيس الكوري الجنوبي إلى طوكيو في مارس/ آذار.
كذلك، عاد يون أخيراً من زيارة دولة إلى واشنطن، حيث التقى الرئيس جو بايدن ووقّع اتفاقاً يهدف إلى تعزيز الحماية النووية التي تقدّمها الولايات المتحدة لكوريا الجنوبية.
والعلاقات بين البلدين، الحليفين الإقليميين الرئيسيين للولايات المتحدة، متوتّرة منذ فمدة طويلة بسبب الاحتلال الاستعماري الياباني القاسي لشبه الجزيرة الكورية بين عامَي 1910 و1945، والذي فرض خلاله العمل القسري والعبودية الجنسية.
لكنّ يون، الذي تولى منصبه العام الماضي، تعهّد بدفن الأحقاد التاريخية، وأعلن خطة لتعويض ضحايا اليابان الكوريين الذين فرض عليهم العمل القسري في زمن الحرب.
ويقول خبراء إنّّ هدفه النهائي يتمثّل في تعزيز الأمن الإقليمي لمواجهة التهديدات التي تمثلها كوريا الشمالية.
وأوضح الباحث في معهد أسان للدراسات السياسية في سيول، تشوي أونمي، أنّ "العلاقة بين كوريا واليابان تُعرف بأنّها الحلقة الأضعف في التعاون الثلاثي مع الولايات المتحدة".
"مؤامرة حرب"
وتأتي جهود تعزيز التعاون العسكري فيما يضاعف زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، الذي أعلن العام الماضي أن وضع بلاده كقوة نووية "لا رجعة فيه"، عملية تطوير الأسلحة واختبارها.
وأجرت بيونغ يانغ سلسلة قياسية من عمليات إطلاق الصواريخ هذا العام، بما في ذلك اختبار أول صاروخ باليستي يعمل بالوقود الصلب، وهو اختراق تكنولوجي كبير لقوات كيم جونغ أون المسلحة.
في المقابل، عزّزت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تعاونهما الدفاعي، وأجرتا سلسلة تدريبات عسكرية، بما فيها تدريبات ثلاثية شاركت فيها اليابان هذا العام. لكنّ واشنطن وسيول تسعيان للقيام بالمزيد، فخلال اجتماعهما الشهر الماضي، أصدر بايدن ويون "إعلان واشنطن" الذي يعزز المظلة النووية الأميركية فوق كوريا الجنوبية، وتعهدا بتسريع التعاون الثلاثي مع اليابان.
من جهتها، تعتبر كوريا الشمالية كلّ ذلك "مطابقاً لمؤامرة حرب خطيرة"، وفقاً لتعليق نقلته وكالة الأنباء المركزية الكورية.
مستوى جديد من التعاون؟
وقال رئيس الوزراء الياباني إنّه يأمل أنّ "تعطي هذه الرحلة زخماً لـ(الدبلوماسية المكوكية)" بين اليابان وكوريا الجنوبية.
وتعهد كيشيدا ويون في مارس/ آذار باستئناف الزيارات المتبادلة بشكل منتظم، بعدما عُلّقت أكثر من عقد، فيما دعا رئيس الوزراء الياباني الرئيس الكوري الجنوبي إلى حضور قمة مجموعة السبع يومَي 19 و21 مايو/ أيار في هيروشيما.
وأوضح الباحث في معهد الشؤون الدولية في جامعة سيول الوطنية بنجامين إنغل، لوكالة "فرانس برس"، أنّ "الاجتماعات المتبادلة، أولاً في اليابان والآن في كوريا، تهدف إلى الإشارة إلى أنّ اضطرابات الماضي أصبحت وراء كوريا الجنوبية واليابان".
وتدهورت العلاقات بين البلدين بشكل أكبر بعدما أمرت المحكمة العليا في كوريا الجنوبية عام 2018 الشركات اليابانية بتعويض ضحايا العمل القسري في زمن الحرب.
لكن في مارس/ آذار من هذا العام، أعلنت سيول خطة لدفع تعويضات للمتضررين من دون إشراك طوكيو بشكل مباشر، وهي خطوة أثارت غضب الكثير من الكوريين الجنوبيين.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "غالوب"، ونُشر في الشهر نفسه، أنّ حوالى 60 في المئة من المستطلعة آراؤهم يعارضون اقتراح الحكومة.
وقال إنغل إنّه ما دامت المشاعر العامّة في كوريا الجنوبية متوترة تجاه اليابان، فقد يكون الرفاه الدبلوماسي الحالي "قصير الأجل". وأضاف: "إذا كان للولايات المتحدة دور إيجابي تؤدّيه، فيجب أنّ تعتمد على طوكيو لإظهار المزيد من الندم تجاه كوريا".
وإذا سارت رحلة كيشيدا بشكل جيد، مع توقّع وسائل إعلام يابانية أنّ يعيد تأكيد اعتذارات طوكيو السابقة بشأن الممارسات في زمن الحرب، فقد تبشّر ببداية مستوى جديد من التعاون.
من جهته، قال نائب مدير برنامج آسيا في مركز ويلسون في واشنطن شيهوكو غوتو، لوكالة "فرانس برس"، إنّ "نجاح الزيارة سيقاس بمدى عقد اجتماعات ومشاركات منتظمة بين البلدين على مستوى القيادة". وأضاف: "سيتمثّل التحدي في ما إذا كان الرأي العام في البلدين سيدعم مبادرات مماثلة".
(فرانس برس)