يسوّق كل طرف من أطراف الصراع في سورية نفسه على أنه نموذج يحتذى به في إدارة المنطقة التي يسيطر عليها، وأنه الأجدر بأن يكون جزءاً من أي حل سياسي مقبل.
وفي الوقت ذاته، يبتدع كل طرف شتى الطرق لابتزاز المواطنين الذين يعيشون تحت سيطرته، من أجل تمويل نفسه من جيوب المواطنين المعدمين أصلاً. إلا أن أخطر الممارسات التي تقوم بها تلك الأطراف، هي الاستيلاء على ممتلكات المواطنين، الذين اضطروا لتركها بسبب الحرب، والنزوح أو الهجرة إلى مناطق أخرى.
ففي مناطق سيطرة النظام استولى ضباط الجيش، وعناصر "الدفاع الوطني"، على معظم أملاك المواطنين الذين تركوا بيوتهم ونزحوا منها إلى مناطق أخرى، وذلك من خلال وضع اليد على تلك البيوت بقوة السلطة التي يمتلكونها، وهم يتصرفون بتلك البيوت كملكيات خاصة لهم.
وربط النظام موضوع نقل ملكيات تلك البيوت، إما بوجود الشخص نفسه، أو بوكالة مرفقة بموافقة أمنية على البيع، الأمر الذي يجعل إمكانية بيع تلك الأملاك، أمراً شبه مستحيل. كما ينشط هناك سماسرة، مهمتهم نقل ملكيات تلك العقارات بأسعار لا تتجاوز عشرة في المائة من قيمتها، بسبب الوضع الذي آلت إليه. طبعاً هذا عدا عن قرارات مصادرة أملاك المعارضين من قبل الحكومة.
ففي المناطق التي سيطر عليها النظام في ريف إدلب الجنوبي استولى ضباط النظام على البيوت والأراضي الزراعية وقاموا باستثمارها. وحتى أن العدد القليل الذين أجروا تسويات، وعادوا لمناطقهم، قاموا باستئجار أملاكهم من ضباط النظام كي يتسنى لهم العمل فيها.
أما في مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام"، فأملاك المعارضين لها تعتبر غنائم حرب، وخاصة أملاك السوريين الذين ما زالوا في مناطق النظام. كما قامت الهيئة بمصادرة تجمعات سكنية غير مكتملة الإكساء، كان تم التسجيل عليها من خلال جمعيات سكنية قبل الثورة، وتم دفع معظم ثمنها، وذلك على الرغم من تقديم أصحابها كل ما يثبت ملكيتهم لها.
ولا يختلف الوضع في مناطق سيطرة "الجيش الوطني" عن مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام"، إذ تتم مصادرة أملاك الغائبين. ولكن مع اختلاف التهمة، التي غالباً ما تكون "العمالة لقوات سورية الديمقراطية" (قسد). وكذلك الأمر بالنسبة لمناطق سيطرة "قسد"، فتهمة التعامل مع تنظيم "داعش" كافية لمصادرة الأملاك.
إن مصادرة أملاك السوريين هي سرقة علنية، وسلب لحقوق تصونها كل القوانين والدساتير، بغض النظر عن الانتماء أو مكان الإقامة، الأمر الذي يجعل من كل أطراف الصراع أقرب للعصابات منها إلى مناطق إدارة وحكم.