جاءت زيارة رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، إلى رام الله، وتل أبيب، أمس الأربعاء، لمتابعة الجهود المصرية في إطار عملية السلام بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، بحسب بيان رسمي، أكد أن الزيارة جاءت بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي، في إطار دفع الجهود المصرية لعملية السلام، والتي يرعاها رئيس الجمهورية. وقالت مصادر مصرية خاصة، لـ"العربي الجديد"، إن كامل الذي قام بزيارة غير مجدولة إلى تل أبيب، أمس الأربعاء، استغرقت عدة ساعات، برفقة وفد ضم مسؤول ملف فلسطين في الجهاز اللواء أحمد عبد الخالق، التقى عدداً من المسؤولين الإسرائيليين، على رأسهم رئيس الوزراء نفتالي بينت، الذي أعلن تلقيه دعوة لزيارة القاهرة خلال الأسابيع المقبلة، ووزير الأمن بني غانتس، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولتا.
اتفق كامل مع الإسرائيليين على فتح معبر كرم أبو سالم
وقال مصدر دبلوماسي مصري، لـ"العربي الجديد" إن هذه الزيارة شهدت إحياء محاولات التقريب بين الأطراف الفلسطينية والاحتلال، في إطار مقاربة واسعة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وعدد من الدول العربية ذات الصلة. وكانت هذه الاتصالات قد واجهت بعض المعوقات خلال يونيو/حزيران الماضي، بسبب خلافات بينية فلسطينية وأخرى في وجهات النظر بين القاهرة وحركة "حماس". وبحسب المصادر، فإن كامل توصل إلى اتفاق عاجل مع الجانب الإسرائيلي بشأن قطاع غزة، سيدخل حيز التنفيذ خلال ساعات، يتضمن فتح معبر كرم أبو سالم لاستيراد وتصدير المنتجات، والسماح بإدخال مواد البناء وعدد من البضائع التي حظرتها سلطات الاحتلال، في أعقاب المواجهة الأخيرة، مؤكدة أنه تم الاتفاق على إدخال المنحة القطرية إلى القطاع.
وبحسب المصادر، فإن الزيارة الطارئة جاءت بشأن ملفات متعلقة بتطورات وتحركات المحور الإيراني في المنطقة بالأساس، وتقاطع تلك التحركات مع الملفات ذات الصلة، مثل الوضع في قطاع غزة، وأمن الممرات المائية، والتعاون مع الخليج، في ضوء اتصالات مصرية إيرانية جرت أخيراً، على طريق تطوير العلاقات بين البلدين. وأوضحت المصادر أن التنسيق بين مصر والحكومة الإسرائيلية، بلغ ذروته، خلال الأيام الماضية، بعد ما تمكنت القاهرة من وقف موجة تصعيد كانت قادمة لا محالة، في ظل حالة الاستنفار التي تعيشها فصائل قطاع غزة، بسبب تأخر الجانب الإسرائيلي في الوفاء بعدد من التعهدات الخاصة بتثبيت الهدنة، عقب المواجهة الأخيرة في مايو/أيار الماضي، وكذلك تحريض جهات إقليمية على تفجير أزمة جديدة بالمنطقة، في إطار الصراع غير المعلن بين إسرائيل وإيران. وأوضحت المصادر، أن انفجار حرب مع "حزب الله" على الجبهة الشمالية يشغل الحكومة الإسرائيلية في الوقت الراهن.
وبحسب المصادر، فإن القاهرة لعبت دوراً كبيراً في تفويت الفرصة على محاولات إشعال مواجهة جديدة بين قطاع غزة والاحتلال الإسرائيلي، بعد إطلاق صاروخين من قطاع غزة صوب مستوطنة "سديروت"، مؤكدة أن المسؤولين في مصر كانوا السبب الرئيس وراء تغيير السياسة الإسرائيلية الخاصة بـ"الرد الفوري". وشددت المصادر على أن "التدخل المصري ساهم في منع التصعيد، خصوصاً في ظل حالة تأهب من جانب الفصائل للتصعيد، عبر المسيرات الشعبية، وحراك الإرباك الليلي، بالإضافة إلى المواجهة العسكرية، وكذا في ظل الترقب، من جانب حزب الله، لجر الجانب الإسرائيلي، إلى مواجهة على أكثر من محور في الوقت نفسه". وأكدت المصادر أن "المباحثات التي أجراها كامل لم تكن صفقة الأسرى على رأسها، كون الزيارة تحمل أهدافاً أوسع، تتعلق بالإقليم، خصوصاً قبل الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن خلال الأيام المقبلة، وما ستتناولها من ترتيبات إقليمية متعلقة بإيران".
المباحثات التي أجراها كامل لم تكن صفقة الأسرى على رأسها
وفي الإطار ذاته، قالت المصادر إن كامل التقى في رام الله بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" حسين الشيخ، ورئيس المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج، وجرى التوافق بشأن مجموعة من التفاهمات الخاصة بقطاع غزة، بحيث لا تكون السلطة معرقلة لها، في ظل تحقيقها استفادة منها، وعلى رأسها فتح معبر كرم أبو سالم، الذي سيساهم في إدخال ضرائب على المنتجات لصالح خزينة السلطة. وتابعت المصادر: "هناك حرص مصري على تأكيد دور المسؤولين في القاهرة في ضبط إيقاع ملفات المنطقة الملتهبة"، مشددة على أن "السيسي، يأمل من وراء ذلك ترتيب زيارة قريبة إلى واشنطن، ولقاء الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال فترة وجيزة، وهو ما تم التأكيد عليه أيضاً خلال زيارة مدير المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز إلى القاهرة" الأحد الماضي.