- الخلاف حول التصويت يستند إلى اتفاق نوميا 1998، الذي كان يهدف لإعطاء تمثيل أكبر للكاناك، ويعتبر الانفصاليون القانون الجديد تقليلاً من شأنهم.
- فرضت الحكومة الفرنسية حالة الطوارئ لمدة 12 يوماً لقمع الاضطرابات، مما يبرز التحديات أمام فرنسا في الحفاظ على نفوذها بالمحيط الهادئ وسط التنافس الجيوسياسي الدولي، خاصة مع الصين والولايات المتحدة.
منذ يوم الاثنين الماضي، باتت كاليدونيا الجديدة عنواناً رئيسياً وثابتاً في معظم نشرات الأخبار، عقب اندلاع أعمال شغب في هذا الأرخبيل الفرنسي في المحيط الهادئ، بسبب مشروع قانون يسمح للمواطنين الفرنسيين الذين عاشوا في كاليدونيا الجديدة لـ10 سنوات بالتصويت في الانتخابات المحلية، غير أن هذا الخلاف ليس طارئاً على الأرخبيل الشهير بإنتاج المعادن والذي يعد ثالث أكبر منتج للنيكل في العالم، إذ يشهد صراعاً منذ عقود بين شعب الكاناك الأصليين الذين يسعون إلى الاستقلال وأحفاد المستعمرين الذين يريدون البقاء جزءا من فرنسا.
-
نظرة عامة على كاليدونيا الجديدة
كاليدونيا الجديدة هي تجمع خاص تابع لفرنسا يقع في أوقيانوسيا في جنوب غرب المحيط الهادئ على بُعد 1210 كلم. إلى الشرق من أستراليا، وعلى بُعد 16.136 كلم. إلى الشرق من الأراضي الفرنسية، وتبلغ مساحة أراضيها 18.576 كيلومتراً مربعاً. وبلغ عدد سكانها 268,767 نسمة وفقاً لتعداد أجري في أغسطس/آب 2014.
يتألف سكانها من مزيج من شعب الكاناك (السكان الأصليون لكاليدونيا الجديدة)، وسكان من أصول أوروبية (من الكالدوش وفرنسيي الأراضي الفرنسية)، وشعوب بولينيزية (هم في معظمهم من الواليسيين) وسكان من جنوب شرق آسيا، إلى جانب أقليات ترجع جذورها إلى الأقدام السوداء وجزائريي المحيط الهادئ. ويشمل الأرخبيل الذي يتخذ من نوميا عاصمة له، كلاً من جزيرة غراند تير، وجزر لوايوتيه، وجزر شسترفيلد، وأرخبيل بيليب، وجزيرة الصنوبر، وعددا من الجزر النائية.
يعود اكتشاف كاليدونيا الجديدة إلى الرابع من سبتمبر/أيلول 1774، حين صار المستكشف البريطاني جيمس كوك أول أوروبي يقع بصره عليها. وقد سماها بهذا الاسم لأن شمال الجزيرة الشرقي ذكّره بإسكتلندا. ضمت فرنسا كاليدونيا الجديدة إليها عام 1853، وفي عام 1946، وافقت الحكومة الفرنسية على منحها صفة "أرض فرنسية فيما وراء البحار"، وفي عام 1953 مُنح جميع مواطني كاليدونيا الجديدة "على اختلاف أعراقهم" المواطنة الفرنسية.
-
لماذا أحدث مشروع القانون الجديد الفوضى في كاليدونيا الجديدة؟
وفقاً لاتفاق نوميا عام 1998، اقتصر التصويت في انتخابات المقاطعات على الأشخاص الذين أقاموا في كاليدونيا الجديدة قبل عام 1998 وأطفالهم. وكان الهدف من هذا الإجراء إعطاء تمثيل أكبر للكاناك، الذين أصبحوا أقلية من السكان. ويؤيد المعارضون للاستقلال مشروع القانون الجديد، فيما يرى الانفصاليون أن باريس تريد من خلال ذلك "مواصلة التقليل من شأن شعب الكاناك الأصلي"، الذي كان يمثل 41.2 بالمئة من سكان الجزيرة في تعداد العام 2019، مقابل 40.3 بالمئة قبل 10 أعوام. ويخشى بعض القادة المحليين من أن هذه الخطوة ستقوض قدرة تصويت السكان الأصليين من الكاناك.
وذكر جيمي ناونا، عضو المكتب السياسي لجبهة الكاناك الاشتراكية للتحرير الوطني، أن اطلاع رئيس الوزراء الفرنسي جابرييل أتال على ملف الأزمة أمر إيجابي. وأضاف أن الائتلاف المؤيد للاستقلال ألغى مكالمة فيديو مع ماكرون أمس الخميس لرغبته في أن تسحب فرنسا مشروع القانون أولًا، كما رفض الائتلاف الموعد النهائي الذي حدده الرئيس الفرنسي في يوليو/ تموز للتوصل إلى اتفاق.
-
ما هي أحدث التطورات؟
والأربعاء الفائت، أعلنت الحكومة الفرنسية، أنها ستفرض حالة الطوارئ في كاليدونيا الجديدة لمدة 12 يوما على الأقل، ما يعزز صلاحيات الشرطة في محاولة لقمع الاضطرابات الدامية التي خلفت أربعة قتلى، فضلا عن إصابة أكثر من 300، واعتقال أكثر من 130.
وأعلنت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، بريسكا تيفينو، القرار بعد اجتماع لمجلس الوزراء بعد ظهر الأربعاء في باريس. وستمنح إجراءات الطوارئ السلطات صلاحيات أكبر لمعالجة الاضطرابات، بما في ذلك إمكانية الإقامة الجبرية للأشخاص الذين يعتبرون تهديدا للنظام العام في الإقليم، وتسعى فرنسا لاستعادة النظام والهدوء والسكينة في الأرخبيل، بعد أن رفعت عدد أفراد الشرطة والدرك فيه إلى 2700 بدلا من 1700.
وقال المفوض السامي الفرنسي لوي لو فرانك للصحافيين في مؤتمر بثه التلفزيون إن ليلة الخميس كانت هادئة نسبياً بعد أعمال الشغب التي بدأت يوم الاثنين. وأضاف أنه لا تزال هناك نقاط مواجهة وقلق في نوميا. وفتح القضاء الفرنسي، أمس الجمعة، تحقيقا مع "المخططين" لأعمال الشغب التي تهز كاليدونيا الجديدة.
وبالنسبة لمعظم سكان نوميا، كانت الأولوية الجمعة هي الحصول على مواد غذائية، في حين تسببت أعمال نهب المتاجر وتخريبها بنقص الإمدادات. وكانت طوابير الانتظار طويلة أمام المتاجر القليلة التي لا تزال مفتوحة. ووعد المفوض السامي بتحرك الدولة "لتنظيم نقل السلع الأساسية" وإقامة "جسر جوي" بين العاصمة والأرخبيل ويفصل بينهما أكثر من 16 ألف كلم. والاضطرابات التي أثارها غضب بين السكان الأصليين من الكاناك تجاه تعديل محل نزاع على قانون الانتخابات قد تعقد خطة الرئيس إيمانويل ماكرون لزيادة نفوذ فرنسا في منطقة المحيط الهادئ، التي تشهد صراعاً على الهيمنة بين الصين والولايات المتحدة.
وترجع أسباب الصراع على المنطقة التي تقع بها كاليدونيا الجديدة، لكونها في قلب منطقة بحرية معقدة جيوسياسيا، من يمتلكها يمتلك السلطة والنفوذ في مجالي الأمن والتجارة. ودون أن يسمي الصين بالاسم، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في وقت سابق إن حملة فرنسا لتوسيع نفوذها في المحيط الهادئ تهدف إلى ضمان "التنمية القائمة على القواعد".
(العربي الجديد، وكالات)