نظمت "جمعية القضاة التونسيين"، اليوم السبت، اجتماعاً عاماً، لتدارس التطورات الأخيرة التي يشهدها القضاء، بعد إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد حلّ المجلس الأعلى للقضاء، وقراره وضع مجلس مؤقت وقانون جديد، وهو ما ترفضه الجمعية وعدد هام من القضاة.
وأكد القضاة أنّ "النضال مستمر، وسيتم الإعلان إثر انتهاء هذا الاجتماع عن خطوات تصعيدية". وجاء الاجتماع لتدارس الخطوات القادمة بعد تعليق العمل في المحاكم ليومين، ونجاح الإضراب، وأكد القضاة أنهم سيعلنون عن القرارات الجديدة ويوجهون رسالة إلى رئيس الجمهورية بأنه "لن يتم السماح بهدم مؤسسة المجلس الأعلى للقضاء والعودة تحت وصاية السلطة التنفيذية".
وقال رئيس "جمعية القضاة التونسيين"، أنس الحمادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "القضاء يشهد اليوم عدة هجمات ومخاطر، والأمر لا يتعلّق بقانون أساسي وظروف عمل مهنية، بل هي أكبر وأخطر، لأنها تتعلّق بالدفاع عن وجود السلطة القضائية"، محذراً من الخطاب التحريضي ضد القضاة، خاصة إثر تواتر تصريحات رئيس الجمهورية الأخيرة.
وأكد الحمادي أن "عدة قضاة يتعرضون لتهديدات، ومعطياتهم الشخصية تستباح على شبكات التواصل الاجتماعي. كما أن رئيس المجلس الأعلى للقضاء مهدد بتهديدات إرهابية"، داعيا سعيّد إلى "العودة إلى خطاب الحكمة والهدوء والتراجع عن هذا التوجه".
كذلك أشار إلى أنه "لابد من الجلوس على طاولة الحوار والنظر في الإصلاحات المطلوبة"، محذراً من أن "التفرد بالقرار والسلطة القضائية سينسف كامل المسار الديمقراطي، وسيفتح الباب على مجالات أخرى بحل الهيئات الدستورية وضرب الإعلام".
وشدد على أن "السلطة القضائية سلطة مستقلة، منصوص عليها بنص الدستور، ولا يمكن إلغاء المؤسسات الدستورية بقرار فوقي وبجرة قلم"، مؤكدا أن "رئيس الجمهورية، حتى لو كان أعلى هرم في السلطة، لا يحق له حل المجلس الأعلى للقضاء".
وفيما أوضح الحمادي أنه "لن يتم السماح بإعادة التحكم مجددا في السلطة القضائية من قبل السلطة التنفيذية بالأوامر الفوقية"، شدد على أن القضاة "لا يتبعون أي حزب ولا أي طرف سياسي، لا ممن حكموا سابقا ولا من يحكمون حاليا ولا من سيحكم مستقبلا، بل هم مستقلون وحماة الحق والحرية"، مضيفا أنهم "مع دولة وسيادة القانون، وهناك بالفعل إخلالات ولكن المسيرة متواصلة للإصلاح".
هجمات ومخاطر جسيمة
وخلال كلمته التي ألقاها في اجتماع "جمعية القضاة التونسيين"، قال الحمادي إن "هناك رغبة في جعل القاضي موظفا عليه واجب الطاعة، لأن هناك من يعتبر القضاء وظيفة وليس سلطة"، مضيفا أن "هذا الاجتماع العام وهو بمناسبة ذكرى مرور 32 عاما على تأسيس الجمعية في 1990، ولكنه يأتي في ظروف خاصة".
ولفت إلى أن "الجمعية صمدت في وجه الاستبداد والاضطهاد من أجل استقلال القضاء"، مشيرا إلى أنه "في مثل هذه الأوقات العصيبة يبرز دور الجمعية ودور القضاة، لأن ما يشهده القضاء اليوم من هجمات ومخاطر يعتبر جسيما".
وأكد الحمادي أنهم "يفتخرون بالفصل 102، وهو دستور السلطة القضائية، والذي ينص على أن القضاء سلطة مستقلة، وهذه الفقرة هي التي يريد الرئيس اجتثاثها وبناء فصول جديدة وقوانين خالية من الاستقلالية"، مضيفا أن الفصول التي تحكم عمل القضاء بتونس هي "نتاج نضالات كبيرة للقضاة والمجتمع المدني من مسيرات واحتجاجات قادت إلى دستور 2014، ولكن الرئيس وبصورة فردية وبجرة قلم يلغي كل الأحكام، ويلغي المجلس الأعلى للقضاء".
وقال إن "جمعية القضاة ليست بمفردها في هذه المعركة، بل هي قوية وصلبة بالقوى الحية، فالمسألة تهم الحريات والديمقراطية"، مشيرا إلى أنهم تلقّوا "مساندة من عدة جمعيات حقوقية دولية".
وأوضح الحمادي أن "من يشرع القوانين وينفذ الأحكام ليس المجلس الأعلى للقضاء، بل السلطة التنفيذية، وبالتالي هناك عدة مغالطات الهدف من هذا التشويه وهذا واضح".