قرّرت محكمة التمييز المدنية في لبنان عدم قبول طلب ردّ المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، المقدّم من الوزيرين السابقين، النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، وتضمينهما الرسوم والمصاريف، وذلك لعدم الاختصاص.
وتبعاً لقرار محكمة التمييز برئاسة القاضية جانيت حنّا، فإنّ القاضي البيطار له أن يعقد جلسات الاستجواب المحدّدة يوم غدٍ لوزير المال السابق النائب علي حسن خليل، والأربعاء لوزيري الأشغال السابق النائب غازي زعيتر والداخلية السابق النائب نهاد المشنوق، وكذلك استجواب رئيس الوزراء الأسبق حسان دياب الموجود في الولايات المتحدة الأميركية، في 28 أكتوبر/تشرين الأول.
ويأتي قرار محكمة التمييز، اليوم، ليُكسب القاضي البيطار جولة جديدة في معركته مع المسؤولين السياسيين، بعدما كانت محكمة الاستئناف ردّت بدورها طلبات المدعَى عليهم في وجه المحقق العدلي، لعدم الاختصاص النوعي، وألزمت طالبي الردّ بدفع غرامة مالية وتدريكهم الرسوم والنفقات القضائية كافة.
هذه التطوّرات دفعت جهة الدفاع عن النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، إلى تقديم دعوى جديدة لردّ القاضي البيطار أمام محكمة التمييز، على أن يحيلها رئيسها الأول إلى الغرفة المعنية بالطلب وبرئاسة قاضٍ آخر غير القاضية جانيت حنّا، بعدما شكّكا كذلك في قرارها السريع ووضعا ملاحظاتهما على عدم قبولها طلب الردّ، ملوّحين باستنسابية قرارها وانحيازها للقاضي البيطار.
واستندت محكمة التمييز في قرارها إلى أن "المحقق العدلي المطلوب ردّه ليس من عداد قضاة محكمة التمييز، وأن الصلاحيات الممنوحة له لا تجعله تابعاً للنيابة العامة التمييزية، ولا قاضياً من قضاة محكمة التمييز".
وتبعاً لحيثيات قرار محكمة التمييز، فإن "علي حسن خليل وغازي زعيتر طلبا إبلاغ طلبهما إلى القاضي المطلوب ردّه، لكي يتوقف عن متابعة النظر في القضية، وفقاً لما تنصّ عليه المادة 125 من أصول المحاكمات المدنية، كما طلبا إبلاغ الخصوم توصلاً لإعطاء القرار برد القاضي البيطار عن ملف الدعوى".
وأكد القرار "ليس لمحكمة التمييز أن تضع يدها على طلب الرد بصورة قانونية وأن تسير في إجراءاته، بدءاً بإبلاغ الطلب إلى القاضي البيطار، وكذلك الخصوم، ما لم يكن القاضي المطلوب ردّه من قضاة محكمة التمييز".
وقدّم المدعَى عليهما بانفجار مرفأ بيروت، الوزيران السابقان النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر (ينتميان إلى "حركة أمل" برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري) يوم الجمعة الماضي، دعوى ردّ أمام محكمة التمييز، بهدف وقف التحقيقات إلى حين البتّ في الطلب، بذريعة أن المحقق العدلي خالف الأصول الدستورية وتخطى صلاحيات المجلس النيابي والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وفي اليوم نفسه، قدّم وزير الداخلية الأسبق والنائب الحالي نهاد المشنوق أيضاً طلباً لنقل الدعوى من القاضي البيطار بسبب "الارتياب المشروع"، وطلب وقف السير في التحقيقات لحين البتّ في الدعوى أمام محكمة التمييز الجزائية، بعدما رفضت محكمة الاستئناف طلب الردّ الذي تقدّم به.
ويسعى المدعى عليهم النواب منهم، بحسب مطلعين على مسار التحقيقات، إلى المماطلة عبر تقديم طلبات ودعاوى غير قانونية وتطيير التحقيقات أقلّه لما بعد 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وذلك حتى استعادة حصانتهم النيابية، ومن غير المتوقع أن يمثل أي منهم أمام القاضي البيطار.
أما الاحتمالات أمام المحقق العدلي فتبقى مفتوحة، منها إصدار مذكرات توقيف غيابية في حال لم يمثل المدعى عليهم وبعد تبليغهم وفق الأصول أو إصدار مذكرات إحضار، كما فعل مع رئيس الحكومة الأسبق حسان دياب أو خيارات أخرى له تقديرها في حال لم يمثلوا ولم يمثل عنهم وكلاؤهم.
وكان المدعى عليه وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس (ينتمي إلى "تيار المردة" بزعامة سليمان فرنجية) الصادرة بحقه مذكرة توقيف غيابية، تقدّم بدوره بطلب لنقل الدعوى لـ"الارتياب المشروع" من المحقق العدلي إلى قاضٍ آخر، كما تقدّم بإخبار تزوير ضد القاضي البيطار بهدف إطاحته، مع العلم أن مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحقه لم تنفذ بعد من قبل النيابة العامة رغم مرور حوالي الشهر على إصدارها.
وفي السياق، رفض وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي طلب المحقق العدلي الحصول على إذن بملاحقة المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، والذي كان أيضاً ردّه سلفه وزير الداخلية الأسبق محمد فهمي.