قدري جميل في موسكو.. لإعادة تفعيل منصته أم لتحقيق الأهداف الروسية؟ 

10 ديسمبر 2020
قدري جميل التقى نائب وزير الخارجية الروسي في موسكو (صفا كاراكان/الأناضول)
+ الخط -

يبدو أن روسيا تسعى لخلط مزيد من الأوراق في ملف الحل السوري، بالتنسيق مع المعارضة المحسوبة عليها، لا سيما "منصة موسكو" المشاركة في هيئة التفاوض، والتي يقودها رئيس "جبهة التغيير والتحرير" قدري جميل، الذي التقى يوم أمس الأربعاء نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف في العاصمة الروسية موسكو، بعد يومين من خروجه بمؤتمر صحافي مفاجئ تحدث فيه عن أخطار محدقة في الوضع السوري، مركزاً على التدخلات الأجنبية والوضع الاقتصادي المتدهور، معطياً حلولا ومقترحات تتعلق بصياغة الدستور القادم للبلاد.

وحسب بيان لوزارة الخارجية الروسية، فإن كلا من جميل وبوغدانوف ناقشا، خلال الاجتماع، تطورات الوضع في سورية ومحيطها بشكل معمق، وتم التأكيد مجدداً على أهمية تسريع عملية التسوية السياسية في سورية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، بما في ذلك عمل اللجنة الدستورية ونتائج دورتها الرابعة التي عقدت في جنيف من 30 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 4 ديسمبر/ كانون الأول من العام الجاري. وأضاف البيان أن اللقاء بين بوغدانوف وجميل في موسكو جاء بناء على طلب الأخير. 

ويقرأ من تحركات رئيس منصة موسكو الأخير سياسياً على أنها تأتي لإعادة تفعيل دور المنصة ضمن مسارات الحل السياسي وفق الرؤية الروسية الداعمة للمنصة، سيما مع تقاطع المعلومات حول تحركات عربية لإعادة هيكلة "هيئة التفاوض" المعارضة من قبل السعودية والإمارات، بهدف إبعاد قرارها عن النفوذ التركي. 

كذلك، فإن تحركات موازية شهدتها الأيام الأخيرة لإعادة ترتيب وتفعيل منصة القاهرة، التي يقودها الممثل السوري جمال سليمان، وبرز عن ذلك اجتماع ضم 25 شخصية من المنصة وآخرين مستقلين، أشارت معلومات إلى أن ذلك يأتي لتهيئة المنصة وتفعيلها من جديد لتكون جاهزة لأي ترتيبات قادمة.  

وكان جميل عقد، يوم الإثنين الماضي، مؤتمراً صحافياً مفاجئاً في العاصمة الروسية موسكو، تطرق خلاله للأوضاع السياسية والميدانية التي تشهدها البلاد ومسارات الحل السياسي الرامية لحل الأزمة السورية.

وتحدث رئيس "منصة موسكو" المعارضة خلال المؤتمر عما وصفهما بخطرين رئيسيين بشكل أساسي، يتمثلان بحالة التقسيم التي تشهدها البلاد، والوضع الاقتصادي المتدهور الذي يزيد من معدل الهجرة، قائلاً: "هناك تقسيم، وهو أمر واقع، فهناك ثلاث مناطق، سيطرة النظام، وشمال شرق سورية، وإدلب، واستمرار هذا الوضع لفترة طويلة أمر خطير، لأنه سيثبته"، معتبراً أن "وحدة البلاد تهددها التدخلات الخارجية"، موجهاً بذلك أصابع الاتهام على وجه الخصوص نحو الوجود الأميركي والتركي والإسرائيلي، التي وصفها جميل بأنها "غير شرعية"، دون أن ينتقد الوجود الروسي والإيراني في البلاد، لكنه قال إن المطلوب حالياً "إنهاء كل التدخلات، وعلى رأسها التدخلات غير الشرعية"، مشيراً إلى أنه مع تطبيق "القرار الدولي 2254 لن يكون هناك حاجة للتدخلات حتى الروسية والإيرانية".

وكشف جميل أثناء المؤتمر عن أنهم في منصة موسكو سيتوجهون للأمم المتحدة عبر المبعوث الأممي غير بيدرسون، قبل الجولة القادمة برسالة واضحة، "تطلب أولاً المساعدة على عدم السماح بعمل اللجنة الدستورية، والدفع باتجاه تحقيق نتائج ملموسة، وسنقترح تعديلات ملموسة على الدستور"، موضحاً أن الاتجاه الأول للتعديل يتعلق بالصلاحيات بين رئيس الجمهورية والحكومة ومجلس الشعب (البرلمان)، معتبراً أنهم في منصة موسكو مع نظام رئاسي شرط ألا يكون مضاعفا، بل مخففا، يعطي صلاحيات للحكومة ومجلس الشعب". 

تقارير عربية
التحديثات الحية

 

وأضاف: "إلى جانب ذلك، سنقترح في الدستور الجديد تخفيض عدد سنوات ولاية رئيس الجمهورية، وأن يتم تثبيت مسألة الدورتين بشكل واضح"، مشدداً على أن "مسألة ولاية الدورتين للرئيس أمر هام، وهو موجود في الدستور الحالي، ويجب تثبيته في الدستور القادم بشكل واضح لا لبس فيه ولا غموض".

أما عن الاتجاه الثاني في التعديل، فكشف جميل عن أنهم سيقترحون إيجاد نظام انتخابي ينص عليه الدستور الجديد، واعتبار سورية دائرة انتخابية واحدة، وأشار كذلك من خلال النقطة أو الاتجاه الثالث أنه "يتعلق بشكل الدولة من خلال نظام جديد لعلاقة المركز مع المناطق"، مشيراً إلى أن "سلطة الشعب يجب أن تتحقق في كل مناطق سورية، فالبلاد بحاجة لنظام جديد يربط المركزية واللامركزية، وهما نظام واحد ولا معنى لأي منهما دون الأخرى"، منتقداً النظام الإداري الحالي في البلاد، قائلاً: "نحن ضد لامركزية مطلقة، وضد مركزية مطلقة. المركزية المطلقة أثبتت أنها استنفدت دورها التاريخي، ولكن هذا لا يعني وجوب الذهاب نحو لامركزية مطلقة، ويجب إيجاد صيغة ذهبية بين سلطة دولة مركزية مسؤولة عن الدفاع والأمن والخارجية والاقتصاد والمالية، وبين سلطة الشعب في المناطق على الأمور الأخرى".

والواضح أن هناك تصورات روسية لشكل الدولة السورية القادمة، الأمر الذي دفع قدري جميل للحديث عنها، ما سيجعل الانتظار حتى انعقاد الجولة القادمة من أعمال اللجنة الدستورية في الـ25 من الشهر المقبل أمراً مطلوباً لمعرفة فيما إذا كانت تلك المقترحات ستزج في جدول أعمال الجولة.