فورين بوليسي: السيسي تعلم الدروس الخاطئة من سقوط مبارك... ونهايته ستكون أسرع

12 فبراير 2021
السيسي يستخدم العنف المفرط ضد المصريين (Getty)
+ الخط -

اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، في مقال لها، اليوم الجمعة، أن القمع الوحشي الذي يمارسه النظام المصري يؤدي إلى زيادة الضغط الذي يصب باتجاه "انتفاضة مقبلة". في المقابل، تجنّبت مصادر مصرية رسمية، وأخرى إعلامية، حكومية، التعليق، على ما أوردته المجلة الأميركية.
وجاء في مقال مجلة "فورين بوليسي"، للصحافي فرانسيسكو سيرانو، أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يحكم البلاد منذ 2013، عبر انقلاب عسكري ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي، كان، أي السيسي، تلميذاً نجيباً لحاكم مصري آخر وهو حسني مبارك.

العنف الذي يمارسه نظام السيسي على المصريين في السنوات القليلة الماضية، يؤكد أن خوفه الأكبر هو خروج الحشود لتملأ الشوارع مرة أخرى

 

وذكر المقال أن مبارك أصبح رئيساً بعد اغتيال أنور السادات خلال عرض عسكري في عام 1981، وبعد عقود من الشلل السياسي والسخط الاقتصادي والقمع المتزايد، انتهى حكم مبارك الذي استمر 30 عاماً، بسرعة في انتفاضة شعبية استمرت 18 يوماً في عام 2011.
ولفت إلى أن العنف الذي يمارسه نظام السيسي على المصريين في السنوات القليلة الماضية يؤكد أن خوفه الأكبر هو خروج الحشود لتملأ الشوارع مرة أخرى.
وبحسب كاتب المقال، فإن مبارك والسيسي هما نتاج الجيش، وبالنسبة إلى الضباط، قد تبدو أحداث عام 2011، والتجربة الديمقراطية القصيرة والصاخبة التي تلت ذلك، مجرد انقطاع في السلطة الأبوية طويلة المدى للجيش على مصر ومواطنيها.

 

وبيّن أنه أثناء حكم مبارك، كان الجيش جيداً في الحفاظ على هذا الدور، وعلى الرغم من الطبيعة الاستبدادية لنظامه، فقد ترك مبارك بعض السبل لأشكال الخلاف الخاضعة للرقابة، ولم يرحب بأي معارضة من شأنها أن تعرض سيطرته للخطر، وبموجب قوانين الطوارئ، قامت قوات الأمن التابعة له بشكل روتيني بتعذيب المشتبه فيهم ومضايقة المواطنين.
واستدرك قائلاً "لكن نظام مبارك، بكل افتقاره إلى الرؤية السياسية، أدرك أهمية صمامات الأمان. وظهرت الانتقادات حول الصعوبات اليومية الشائعة في الصحف والخطاب العام. وطالما كانت الأصوات المعارضة لا تستهدف الرئيس بشكل مباشر أو تعرض نظامه للخطر، فقد كانت مفيدة في إعطاء السياسة الوطنية طبقة رقيقة من التعددية، وقد ساعدت تلك الطبقة الرقيقة في بقاء الرئيس في السلطة لعقود".
وتابع الكاتب: "لكن السيسي قلص جميع أشكال الخطاب العام والمعارضة، معتقداً على ما يبدو أن مثل هذه المخصصات، مهما كانت صغيرة، كانت أكبر خطأ فادح لمبارك. وبدلاً من ذلك، اختار المستبد الحالي في مصر مساراً آخر وهو القضاء على أي بقايا من الفضاء العام، باستخدام القوة الكاملة للأجهزة الأمنية"، مضيفاً "يبدو أن السيسي يسعى إلى نزع الطابع السياسي عن المجتمع بالكامل".

 

وأشار كاتب المقال إلى أن النظام "ركّز في البداية على جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، وسرعان ما امتد قمعه ليشمل أي شخص أو حركة سياسية تشكك في الوضع الاجتماعي والاقتصادي الراهن، من المعارضين السياسيين، والنشطاء العلمانيين، والعاملين في مجال حقوق الإنسان، والفنانين، والصحافيين، والأكاديميين، وحتى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي غير السياسيين، الذين يتعرضون الآن لخطر الاعتقال لقولهم أي شيء". وأضاف أن "النظام المصري يشن حرباً حتى ضد أطبائه والعاملين الصحيين الآخرين وسط جائحة كورونا".
وقال أيضاً إنه بدلاً من الأخذ والعطاء بين السياسيين، قام السيسي بحقن "الوطنية الخبيثة" في الخطاب العام، والتي تخرج بعنف، سواء في الطريقة التي تروج بها الحكومة وأنصارها إنجازات نظام السيسي أو في الطريقة التي يسخرون بها من أعدائه المفترضين. وكثيراً ما شبه الرئيس الولاء له ومسؤوليه بالالتزام تجاه مصر.
وبحسب الكاتب فقد أوجد نظام السيسي لعبة للرئيس وأتباعه، وهي إذا كان الشخص المعارض لمصر هو الذي يشتكي من السوء الذي وصلت إليه الأمور هناك، فإن غالبية المصريين - الذين يواجهون تدني الأجور وعدم كفاية الخدمات الحكومية وتدهور الصحة العامة والتعليم - هم أشخاص ضد مصر. وبحسب منطق السيسي، يجب قمعهم جميعاً.
ووصف الكاتب "ديكتاتورية السيسي" بأنها غير "مستقرة" وتفتقر إلى الثقة بالنفس "لأنه دائماً ما يلجأ إلى خرطوم كبير من أجل إخماد الحرائق الصغيرة" في إشارة إلى استخدامه للقمع والقوة المفرطة.

 

ولفت الكاتب إلى أن السجون المصرية تضم عشرات الآلاف من السجناء السياسيين. وفي غضون ذلك، يبدو أن القاهرة تشن حرباً على الأطباء والمهنيين الصحيين في البلاد. 
وبحسب ما ورد توفي المئات من الطاقم الطبي المصري منذ اندلاع الوباء. ويؤكد نقص المعدات الطبية، من معدات الحماية الشخصية إلى الأكسجين المطلوب لإنقاذ مرضى كورونا، على المشكلات في النظام الصحي في البلاد.
ورأى أن قمع السيسي للأطباء المصريين هو أكثر من مجرد إخفاء نقاط الضعف، إذ تطارد الحكومة الأطباء على وجه الخصوص لأنهم سلطوا الضوء على المسرح الدولي على أوجه القصور في الحكومة بشكل عام.
واعتبر أن "مشاريع الغرور، مثل العاصمة الجديدة التي تبلغ قيمتها 66 مليار دولار والتي أمر السيسي ببنائها في الصحراء، لا تحسن الحياة اليومية لغالبية المصريين".
وأكد أنه "بدلاً من ذلك، في افتقاره إلى الكفاءة وعدم كفاية تخصيص الموارد المالية، فإن نظام السيسي هو ببساطة تكرار أكثر عنفاً لسنوات مبارك".
وختم الكاتب مقاله بأنه "على عكس ما يعتقده الرئيس المصري، فإن الانتفاضة الشعبية التي أدت في النهاية إلى زوال مبارك لم تكن نتيجة القمع غير الكافي. إذ كان على الرغم من ذلك هناك قيود كثيرة على حرية التعبير في عهد مبارك".
 وأوضح أن "سبب سقوط مبارك هو التدهور الطويل في الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمصريين العاديين - ضغوط البناء لدولة بوليسية فشلت في تصميم حلول للمشاكل اليومية. من خلال الفشل في تحسين معيشة المصريين ومن ثم اعتقالهم وقتلهم بسبب الشكوى من ذلك. وأن نظام السيسي يعمل فقط على تسريع تراكم الطاقة الحتمي ضده".