ببيان سياسي باهت، اختتم مؤتمر باريس للسلام أعماله في العاصمة الفرنسية، مع الاكتفاء بالدعوة إلى إعادة إحياء مفاوضات التسوية المجمّدة بين الفلسطينيين وإسرائيل، على مبدأ حل الدولتين والعودة إلى حدود عام 1967.
ولم يعلن المشاركون، في بيانهم الختامي، أي آليات لتفعيل المفاوضات المجمدة بقرار إسرائيلي منذ عدة سنوات. كما أنّ المؤتمر تجاهل "عمداً" المقررات الدولية الخاصة بالحقوق الفلسطينية، ولم يأت على الإشكاليات المتوقعة في حال تنفيذ الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، تعهداته بنقل السفارة الأميركية إلى القدس.
ومع غياب الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي عن المؤتمر رسمياً، فإنّ كل ما نتج عنه لا يعدو كونه محاولة لإحياء "فاشلة" لعملية ماتت سريرياً من جراء الإجراءات الإسرائيلية التصعيدية ضد الفلسطينيين، والتي تطاول السلطة أيضاً، في كثير من الأحيان، إلى جانب استشراء الاستيطان في القدس والضفة المحتلتين.
ولم يكن متوقعاً من المؤتمر الكثير، لكنّ نتائجه الباهتة تدلل، من جديد، على أنّ مشروع التسوية، رغم كل محاولات الإحياء، لن يتقدم ولن تعاد له الحياة، مع إصرار السلطة الفلسطينية على خيار المفاوضات كخيار وحيد في مواجهة إسرائيل واعتداءاتها واستيطانها.
كما أنّ إسرائيل، بقيادتها وحكومتها الحالية، أبعد ما تكون عن الرغبة في العودة إلى طاولة المفاوضات وإعادة إحياء مسارها المجمد، رغم كل الإشارات "الإيجابية" التي تبادلتها السلطة الفلسطينية معها أخيراً، سواء عبر التنسيق الأمني أو التعزية في قادتها، وغير ذلك من الخطوات التي لم ترق لإسرائيل.
وفي هذا الصدد، قال الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عبد اللطيف القانوع، لـ"العربي الجديد"، إنّ أي عودة إلى المفاوضات في ظل الوضع القائم والجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني والواقع السياسي الذي يعيشه الشعب، "مضيعة للوقت".
وأشار القانوع إلى أنّ الشعب الفلسطيني جرّب مسار التسوية والمفاوضات على مدار عقدين كاملين ولم يحصل منها على أي شيء، في ظل تنصّل الاحتلال الإسرائيلي من كل الاتفاقيات، بما فيها اتفاقية "أوسلو".
وأكد أنّ الشعب الفلسطيني يترقب عقد مؤتمر ينهي الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل، ويعترف بالحقوق الفلسطينية، بعيداً عن تقديم أي تنازلات للاحتلال، أو إهدار للوقت في عقد لقاءات ومؤتمرات يتنكّر لها الاحتلال الإسرائيلي.
أما القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خضر حبيب، فأشأر لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ هذه المؤتمرات، والتي كان آخرها مؤتمر باريس، لن تقدم للقضية الفلسطينية أي شيء جديد، ولن تخدم إلا المصالح والأهداف الإسرائيلية، في ظل تنكرها للحقوق الفلسطينية.
وأوضح حبيب أنّ حركته ستكون ضد أي محاولة للانتقاص من حقوق الشعب الفلسطيني، في ظل حالة التنكر الإسرائيلية لهذه الحقوق، لافتاً في ذات الوقت إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي لم يعد يتحدث حتى عن دولة فلسطينية.
وبيّن القيادي في حركة الجهاد الإسلامي أنه لا جدوى من عقد مؤتمرات جديدة حالياً ستعمل فقط على حفظ المصالح الإسرائيلية، من دون أي نظر للحقوق الفلسطينية، وستكون أبعاده وآثاره السلبية أكثر خطورة على القضية والشعب الفلسطيني.
بدوره، يرى عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كايد الغول، أنّ مؤتمر باريس وغيره من المؤتمرات ورغم حالة الاهتمام بها، إلا أنه خرج بحالة انتقاص لحقوق الشعب الفلسطيني، ولم يركز إلا على حل الدولتين والعودة إلى المفاوضات.
وقال الغول، لـ"العربي الجديد"، إنّ مؤتمر باريس الأخير خرج بالتركيز على قرارات مجلس الأمن والعودة إلى المفاوضات من دون وضع أي قرارات أو إجراءات تلزم إسرائيل أو تعاقبها حال تنكرت للقرارات الدولية، وهو ما يعتبر مكسباً لها.
ويشدد القيادي في الجبهة الشعبية على أنّ النتائج ستبقى قاصرة، في ظل حالة التجاهل لحقوق الشعب الفلسطيني، وهو الأمر المرفوض الذي يجب أن يقابل بالتصدي له من قبل الشعب الفلسطيني والمؤسسات الرسمية.
ونوه الغول إلى أن إسرائيل مارست ضغوطاً شديدة قبل المؤتمر، الأمر الذي مكّنها من عدم تحديد ووضع آليات ملزمة لمخرجات المؤتمر، الذي تغيبت عنه هي والسلطة الفلسطينية، وشاركت فيه أكثر من 70 دولة.