أعلن الرئيس اللبناني، ميشال عون، أنّ عملية إعادة اللاجئين السوريين على دفعات إلى بلدهم ستبدأ الأسبوع المقبل، في تصريحٍ لافتٍ بتوقيته وربطه بإنهاء ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل.
وقال عون في تصريح، اليوم الأربعاء، إنّ "إنجاز اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بعد المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، سيمكّن لبنان من استخراج النفط والغاز، وبالتالي، سيُنتشل من الهاوية التي أُسقِط فيها نتيجة عدم تغيير طريقة الحكم لسنوات، إضافة إلى الهدر الذي شاب عمل المؤسسات والإدارات العامة"، مشيراً إلى أنّه "تبقى اليوم تطبيق آلية محاسبة المسؤولين عن سرقة الأموال العامة، الذين كشفت مسؤوليتهم من خلال التحقيق القضائي".
وإذ أشار عون إلى أنّ اتفاقية الترسيم "هي هدية للشعب اللبناني بكل فئاته"، كشف أنّه "ستبدأ الأسبوع المقبل عملية إعادة النازحين السوريين على دفعات إلى بلدهم، الأمر الذي يعتبر قضية مهمة بالنسبة إلينا"، على حد تعبيره.
الرئيس عون: انجاز الاتفاقية سيتبعها ابتداءً من الأسبوع المقبل، بدء إعادة النازحين السوريين الى بلدهم على دفعات
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) October 12, 2022
وسبق للمسؤولين اللبنانيين أنّ طالبوا في أكثر من تصريح، المجتمع الدولي بتقديم الدعم لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، لكنهم انتقدوا في المقابل تجاهل طلب لبنان المستمرّ، مشككين في مواقف الدول الكبرى حيال هذا الملف الذي يعتبره الجانب اللبناني "حساساً".
وأشار المسؤولون اللبنانيون على رأسهم عون، إلى ضغوط تمارس من قبل بعض الدول من دون تسميتها، لدمج اللاجئين السوريين (تصرّ السلطات اللبنانية على توصيفهم بالنازحين)، في المجتمعات التي تستضيفهم، وفي مقدمتها لبنان، الذي يقيم على أرضه نحو مليون سوري يتوزعون في مختلف المناطق، الأمر الذي يفتح علامات استفهام حول دخول الخطة، رغم الانتقادات الدولية بشأنها، حيّز التنفيذ اليوم، على وقع انتهاء ملف الترسيم بالوساطة الأميركية، مع الإشارة إلى أنّ هذا الملف يعدّ أيضاً من الملفات التي يطمح عون إلى "إنجازه" قبل انتهاء ولايته، في 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وتنص خطة لبنان بشكل أساسي على إعادة 15 ألف لاجئ من القرى والضواحي الآمنة كل شهر، أي حوالي 180 ألف لاجئ في السنة، على أن يكونوا محميين ولهم مراكز إيواء مؤمنة مع كافة مستلزمات العيش والحياة، من بنى تحتية وكهرباء ومياه صرف صحي وطرقات ومدارس وغير ذلك.
وانتقدت منظمات دولية بينها "هيومن رايتس ووتش" خطة الدولة اللبنانية لـ"الإعادة القسرية للاجئين السوريين"، واضعةً إياها في خانة "غير الآمنة، وغير القانونية".
وعبّرت مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، لـ"العربي الجديد"، عن القلق على اللاجئ السوري الذي يعود إلى مناطق تحت سيطرة الحكومة السورية، لا سيما أنّ اللاجئين السوريين الذين عادوا بين 2017 و2021، واجهوا انتهاكات حقوقية جسيمة، إذ تعرّضوا للخطف والتوقيف والاعتقال والتعذيب والقتل، وذلك رغم نيلهم الإذن من المخابرات السورية.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، قد وجّه في سبتمبر/أيلول الماضي، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، حذّر فيها من أنّ الوضع الصعب الذي يواجهه لبنان يقتضي مقاربة مختلفة نوعياً في التعاطي مع أزمة اللجوء السوري، قبل أن تتفاقم الأوضاع بشكل يخرج عن السيطرة.
وزادت في الفترة الأخيرة الحملات في لبنان ضد اللاجئين السوريين، الملف الذي يستخدم من قبل المسؤولين السياسيين كورقة للتفاوض والتسويات والحملات الانتخابية، وذريعة تستخدم لتحميلهم جزءاً كبيراً من أعباء الأزمة الاقتصادية، رغم تلقي لبنان مساعدات كبيرة على صعيد مختلف قطاعاته، من بوابة استضافته اللاجئين.
وعبّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، في الفترة الماضية، عن قلقها الشديد إزاء الممارسات التقييدية والتدابير التمييزية ضدّ اللاجئين في لبنان.
وفي أغسطس/آب الماضي، زار وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال، عصام شرف الدين، سورية لبحث الخطة الموضوعة من قبله لعودة اللاجئين السوريين، علماً أنّ خلافاً برز على الصعيد اللبناني حول صلاحيات إدارة الملف، الأمر الذي أدى إلى حصول سجال واسع بين شرف الدين وميقاتي، وتسبّب في تمسّك الأخير، بإخراج شرف الدين من الحكومة الجديدة التي يعمل على تأليفها، فكان ذلك واحداً من أبرز العراقيل الحكومية.