عمر صبري كتمتو: أن تكون سفيراً فلسطينياً في اسكندنافيا(1/3)

أوسلو

أجرى الحوار أنس أزرق

صورة
أجرى الحوار أنس أزرق
من أسرة العربي الجديد
17 أكتوبر 2023
عمر كتمتو سفير فلسطين في الشمال
+ الخط -

 

يتمتع السفير الفلسطيني عمر صبري كتمتو بذاكرة قوية لأحداث مهمة عايشها وشارك فيها، فقد عيّنه الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات من خارج فتح كأول سفير لمنظمة التحرير الفلسطينية في الدنمارك عام 1985، ولكن سرعان ما نقل إلى النرويج وهناك ساهم بالتحضير لاتفاق أوسلو، ثم كُلف بعد ذلك بمهام السفير في الدنمارك والنرويج وأيسلندا بين عامي 1994 و 1996 وبقي سفيرا في النرويج وأيسلندا حتى تقاعده عام 2006. 
يكشف السفير في الحلقة الأولى عن ملابسات تعينيه وظروف العمل الفلسطيني في الدول الاسكندنافية والتحضير لانطلاق المفاوضات السرية.
في الحلقة الثانية يكشف كتمتو عن دور متهاون لأعضاء في الوفد الفلسطيني ويكشف عن مخطط لاغتيال عرفات وكذلك حصول أبو عمار على جائزة نوبل للسلام والمواجهات مع الموساد.
في الحلقة الأخيرة يستعيد عمر كتمتو أجواء انشقاق الجبهة الشعبية وتحرير جورج حبش من المعتقل وتأسيس الجبهة الديمقراطية.
زرنا السفير في منزله بأوسلو وكان هذا الحوار:
* كلفت بتمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في الدنمارك، كيف حصل ذلك؟ 
- عينت كأول سفير للمنظمة في الدنمارك ثم في النرويج لأن المنظمة عينت في أوسلو قبلي السفير عبد الرحمن علاوي، لكن الحكومة النرويجية لم تمنحه الإقامة فكلفني أبو عمار شخصيا عام 1985 بهذه المهمة، وقدمت أوراقي بصفتي مواطنا نرويجيا وكنت قد حصلت على الجنسية لأن زوجتي الأولى نرويجية فوافقت السلطات النرويجية.

صورة تجمع الرئيس ياسر عرفات مع السفير في النرويج عمر صبري كتمتو.

* هل كنت تعرف أبو عمار في ذلك الوقت؟
لم أكن أعرفه، ولكنه كان يعرف أخي الأصغر أبو فراس، محمد صبري، أحد مؤسسي الجبهة الديمقراطية ومن الذين انشقوا مع نايف حواتمة عن الجبهة الشعبية.
كنت من الجبهة الديمقراطية وكان كل السفراء من فتح باستثناء تجربة فاشلة واحدة هي تجربة غازي حسين من الصاعقة الذي عينه عرفات سفيرا في النمسا إرضاء لسورية ثم عزله لأنه كان يقدم تقاريره للصاعقة قبل أن يقدمها لابي عمار، لاحقا كتب غازي حسن كتابا عن أبي عمار يقول فيه إن أصل عرفات من يهود المغرب، وحدثني رئيس عربي وكذلك أحد الأصدقاء المقربين من حافظ الأسد أن الأسد كان يصدق ويردد هذه الرواية. 

ياسر عرفات يعزي حافظ الاسد بوفاة ابنه باسل في القرداحة.

* لماذا عينك عرفات سفيرا بعد هذه التجربة الفاشلة؟
عقد المجلس الوطني الفلسطيني في الأردن عام ١٩٨٤، وقاطعت الفصائل، ومنها الشعبية والقيادة العامة، ولكن الديمقراطية شاركت وأرسلت ٥ مندوبين أكملوا النصاب فكانت هذه مكافأة للديمقراطية بالإضافة إلى أن أبو عمار كان يحترم أخي أبي فراس كما كان مدير مكتب أبو عمار رمزي الخوري صديقا لي فقد درسنا في بلغاريا معا.

عرفات مع نايف حواتمة الامين العام للجبهة الديمقراطية.

*هل كانت هناك موافقة من الدنمارك لفتح مكتب للمنظمة؟
ساعدني بعض النواب على عقد مؤتمر صحافي في البرلمان أعلنت فيه افتتاح مكتب المنظمة ثم رددت خلال لقاء تلفزيونيّ على ما قاله حاخام الطائفة اليهوديّة إنّه يخشى على طائفته بعد افتتاح مكتبنا وقلت: إنّنا نخشى من الأساليب الإرهابيّة التي تلجأ إليها إسرائيل ضد الفلسطينيّين في أوروبا، كما أشرت إلى الحادثة الإرهابيّة التي وقعت في النرويج حينما اغتال الموساد مواطنًا من اصل مغربي يدعى أحمد بوشيخي ظنًّا أنّه المرحوم أبو حسن سلامة، كما وجهت الدعوة للحاخام لزيارتي في المكتب مثل أي رجل دين، وافق الحاخام على الحضور ثم تراجع.
عقدت مناظرة على القناة الدنماركيّة مع رئيس تحرير صحيفة بوليتيكن هيربيرت بوندك الذي كان صديقًا حميمًا لشيمون بيريز، وبالمناسبة فان ابنه مايكل بونديك كان عضوًا في الوفد الإسرائيليّ في محادثات أوسلو السريّة.  

*كانت السويد أول دولة اسكندنافية تفتح مكتبا لمنظمة التحرير، صحيح؟
كان هناك مكتب للمنظمة يرأسه داوود الكالوتي ثم د. يوجين مخلوف، لا بد أن نذكر هنا زيارة أبو عمار للسويد عام ١٩٨٣ بعدما عرّف الرئيس هواري بومدين رئيس الوزراء السويدي أولف بالمه إلى عرفات في الجزائر، وكان بالمه قد دعا قادة الأحزاب الاشتراكيّة في دول الشمال للقاء عرفات، ومنهم زعيمة الحزب الاشتراكيّ النرويجي غروهارلم برونتلاند ومعها وزير خارجيّة الظلّ آنذاك تورفالد ستولتنبيرغ والذي أشرف على المحادثات السريّة عام ١٩٩٢-١٩٩٣ بين الوفدين الفلسطينيّ والإسرائيليّ. 
في هذا الإطار، لا بد أن نذكر أن عرفات التقى قبل بالمه عددا من قادة الأحزاب الاشتراكية الدولية، ومنهم مستشار ألمانيا الغربية ويلي برانت والمستشار النمساوي برونو كرايسكي.
لم تنس السويد حتى الآن جريمة اغتيال الكونت فولك برنادوت، ابن عم الملك، الوسيط الدولي في فلسطين والذي اغتالته عصابات الهاغاناه وأرغون بقيادة بيغن وشامير عام ١٩٤٩، وهي تطلب من كل مبعوث إسرائيلي يزورها حتى الان وضع ذلك في جدول الأعمال.

اولاف بولة رئيس الوزراء السويدي الذي فتح ابواب الدول الاسكندنافية امام منظمة التحرير الفلسطينية.

* نعود للنرويج، ماذا فعلت هناك؟
كانت النرويج من أكثر الدول مناصرة لإسرائيل، بل إنّ عددًا لا يستهان به من شبيبة حزب العمال الذي حكم البلاد بعد الحرب العالميّة الثانية عملوا في الكيبوتسات الإسرائيليّة.
كان في البرلمان النرويجي ١٥٧ نائبا، منهم ٨٧ أعضاء في لجنة تسمى (مع إسرائيل من أجل السلام).
رفضت حكومة النرويج منح إقامة لزميلي عبد الرحمن، بل إن مناقشات افتتاح المكتب أدت إلى تهديد الوزير كوري كريستيانسن بالانسحاب من الحكومة الائتلافيّة، وكان هذا النائب قد حضر مؤتمرًا لحزب الكتائب بعد المذابح التي تعرّض لها الفلسطينيون في لبنان.
أروي لك حادثة تدلل على صهيونيته فعندما مُنح أبو عمار جائزة نوبل للسلام عام ١٩٩٤ وكان كوري عضوا باللجنة استقال احتجاجًا على ذلك وكان يريد منح الجائزة ليس لرابين وبيريز، بل لإسحاق شامير لمشاركته في مؤتمر مدريد، وأثناء احتفال نوبل سافر إلى فلسطين المحتلّة وصرح بأنه لن يكون في أوسلو ما دام عرفات فيها. 
كانت هناك مجموعات يسارية من لجان مناصرة فلسطين فكنا نخرج في مظاهرات لا يتجاوز عدد المشاركين فيها ٢٠ شخصا، ومنهم المناضل النرويجيّ الراحل شل بيغستاد والأطّباء النرويجيّون تروند لينستاد، وإيفا فيرغيلاند، وإيريك فوسسا وماتس غيلبرت، والأخيران هما الطّبيبان اللذان عايشا قسوة الحرب على غزّة عام ٢٠٠٨.

* نعود لفتح مكتب المنظمة في أوسلو.
رفضت الحكومة برئاسة كوري فيلوك التعامل معي بصفتي ممثلا للمنظمة، وسمحت بممارسة نشاطي كمواطن نرويجي، فاشتريت منزلا بقرض شخصي وعلقت عليه لافتة مكتب منظمة التحرير الفلسطينية وكان هذا المكتب لا يبعد سوى ٥٠٠ متر عن السفارة الإسرائيلية.
لاحقا أصبح فيلوك رئيسا للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان واتخذ مواقف مناصرة للقضية الفلسطينية وطالب إسرائيل بإعادة الماء الثقيل الذي اشتروه من النرويج في الخمسينيّات لأغراض سلميّة بعدما كشف موردخاي فونونو مفاعل ديمونا الذري.
بقيت على هذه الحال حتى عام ١٩٨٧ عندما تولت الحكومة غرو هارلم برونتلاند زعيمة حزب العمّال وأصبح تورفالد ستولتنبرغ وزيرًا للخارجيّة، وهما حضرا اللقاء مع عرفات في السويد عام ١٩٨٣، ثم جاء كنوت فريدينلوند وزيرًا للخارجيّة، وكان من المتحمّسين للحوار مع منظّمة التحرير الفلسطينيّة منذ العام 1974، حيث منح صوت النرويج في الجمعيّة العامّة لصالح حضور عرفات جلسة الأمم المتحدة الشهيرة، وعندما عوتب بشأن ذلك قال للنواب إن التاريخ سيثبت أنني كنت على صواب. 
بعد خطاب أبو عمار في جنيف عام ١٩٨٨ طلب وزير الخارجية ستولتينبيرغ زيارة أبو عمار في تونس وجاء الطلب وأنا ضمن وفد زيارة عرفات لفنلندا بعد زيارة السويد، وكان أعضاء الوفد كلّ من ياسر عبد ربه ومحمود درويش وبسام أبو شريف، والسفراء في الدول الاسكندنافية.
كانت زيارة عرفات للسويد بدعوة من رئيس الوزراء إنغمار كارلسون، وأدّت إلى اتّفاقنا مع الإدارة الأميركيّة على صياغة تشاركنا فيها مع السويديّين وتضمّنها خطاب أبي عمار في جنيف، ما أدى لإعلان اميركا استئناف الحوار مع المنظمة.
تغيرت الحكومة العمالية وجاءت حكومة محافظة عام ١٩٨٩ وكان وزير الخارجية فيها شل ماغني بوديفيك، وهو قس بروتستانتي بنفس صهيوني، ولكنه تبنى مواقف معتدلة عندما أصبح لاحقا رئيسا للوزراء بفضل تأثير صديقه مطران القدس البروتستانتيّ المطران منيب يونان.

ذات صلة

الصورة
محمد الدجاني عانيت قبل رحلتي مع أياكس وأحلم بقيادة الفدائي

رياضة

أكدّ المدرب الفلسطيني الشابّ محمد الدجاني (31 عاماً) عن سعادته الكبيرة، بعدما انضم بشكل رسمي إلى الجهاز الفنّي للفريق الأول لكرة القدم مع أياكس.

الصورة
حسين الشيخ (عمار عوض/رويترز)

سياسة

دعا حسين الشيخ، أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، لتقييم شامل يشمل جميع الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك حماس، بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة
الصورة
أزمة القبور باب لاستغلال أوجاع الفلسطينيين في لبنان

تحقيقات

امتلأت 13 مقبرة مخصصة للاجئين الفلسطينيين في لبنان والذين يعيش 80 % منهم تحت خط الفقر، ما أسفر عن أزمة البحث عن قبر لا يتوفر إلا بالدولار، بينما يتاجر سماسرة الموت بالأماكن الشحيحة المتوفرة وينتهكون حرمة المدافن
الصورة
عرفات ورابين وبيريز

سياسة

في الحلقة الثانية من الحوار مع السفير الفلسطيني عمر صبري كتمتو، يكشف عن دور متهاون لأعضاء في الوفد الفلسطيني، ويكشف عن مخطط لاغتيال عرفات، وكذلك حصول أبو عمار على جائزة نوبل للسلام، والمواجهات مع الموساد