يستقبل السوريون العام الجديد بمزيد من المآسي نتيجة استمرار الوضع الاقتصادي المتردي، الذي وصل إلى حافة الانهيار في كل المناطق السورية، بالتوازي مع انعدام فرص العمل، فيما تتخلى المنظمات الدولية الإنسانية تدريجياً عن التزاماتها تجاه السوريين الذين لا يزال يقبع مئات الآلاف منهم في خيم مهترئة، وينتظر ملايين آخرون بصيص أمل يعيدهم إلى مناطقهم التي هجروا منها.
أما العملية السياسية فبقيت متوقفة خلال العام الحالي، الذي شهد تغيراً كبيراً في تعاطي المجتمع الدولي مع القضية السورية، تجلى بتهميش تام لمعظم مكونات المعارضة السورية مقابل ميل جزء منه، خصوصاً العربي، نحو تقديم محفزات للنظام السوري على أمل أن يغيّر من سلوكه، متجاهلين كل الجرائم التي ارتكبها بحق السوريين ولا يزال يرتكبها بشكل شبه يومي.
ولعل أبرز تلك المحفزات هو إعادة النظام إلى جامعة الدول العربية، وتقديم الدعم له بذريعة الزلزال الذي ضرب شمال غرب سورية في فبراير/ شباط الماضي، حين تضررت نتيجته المناطق الخاضعة للمعارضة أضعاف ما تضررت منه المناطق الخاضعة للنظام، لتستمر تلك المحفزات بتطبيع بعض الدول العربية علاقتها مع نظام بشار الأسد، وتبادل السفارات معه ودعوته إلى المحافل الدولية كممثل للسوريين.
ولكن وسط كل هذا الإحباط واليأس اللذين يعيشهما السوريون، ظهر في النصف الثاني من العام بصيص أمل في تحقيق اختراق على مستوى تغيير الوضع القائم. وتجلى ذلك في حراك محافظة السويداء المجاورة للعاصمة دمشق، الذي تمثّل في انتفاضة عارمة وسلمية في وجه النظام، تطالبه بالرحيل وتدعو لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الخاص بالحل السياسي.
ولعل أبرز ما ميّز تلك الانتفاضة أنها خرجت في المناطق الخاضعة للنظام وفضحت الرواية التي استند إليها حول حماية الأقليات، ووصم المعارضة بأنها تنظيمات إرهابية سلفية. فجاءت الانتفاضة من محافظة مكوّنها من الأقليات (طائفة الموحدين الدروز)، التي يدّعي النظام حمايتها من الإرهاب، لتقول له إنه هو من يستخدم التنظيمات الإرهابية لتهديد أمنها، وإن من يثور في وجهه هم مواطنون سلميون من كل أطياف المجتمع ولا ينتمون للتنظيمات المتشددة.
وعلى الرغم من تجاهل النظام لتلك التظاهرات على أمل أن يملّ المنتفضون من التظاهر، إلا أن الواقع أثبت عكس ما كان يعوّل عليه، إذ اتسعت رقعة الانتفاضة حتى شملت كل مناطق المحافظة، وبدأت تتبلور لديها رؤية سياسية وتنظيمية واضحة.
الأمر الذي أعاد إلى السوريين الأمل بتوسع نطاق تلك الانتفاضة لتشمل كل المناطق الخاضعة للنظام، علّها تحث المجتمع الدولي على التحرك والنظر بجدية إلى ضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالحل السياسي للقضية السورية، وقيام نظام يحقق آمال السوريين، لا وجود لنظام الأسد فيه.