ظلام وبرد في أوكرانيا وزيلينكسي يطالب الأمم المتحدة بمعاقبة روسيا

24 نوفمبر 2022
أغرق وابل من الصواريخ العديد من المدن الأوكرانية في ظلام دامس (Getty)
+ الخط -

طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأمم المتحدة بمعاقبة روسيا على الضربات الجوية للبنية التحتية المدنية، بعد وابل من الصواريخ الذي أغرق المدن في ظلام دامس، في أسوأ حالات انقطاع التيار الكهربائي على مستوى البلاد حتى الآن.

ومع انخفاض درجات الحرارة دون الصفر، عملت السلطات، اليوم الخميس، على إعادة الإضاءة والتدفئة، وأدى وابل الصواريخ الروسي أمس، إلى مقتل عشرة أشخاص، كما أدى إلى إغلاق جميع محطات الطاقة النووية في أوكرانيا لأول مرة منذ 40 عاما.

وقالت السلطات المحلية في كييف إن الكهرباء أعيدت إلى ثلاثة أرباع العاصمة بحلول صباح اليوم الخميس، وعاد تدفق مياه الشرب مرة أخرى في بعض المناطق، كما استؤنفت حركة وسائل النقل للعمل في المدينة وحلت الحافلات محل الترام الكهربائي.

وتأمل السلطات في إعادة تشغيل محطات الطاقة النووية الثلاث في الأراضي الخاضعة لسيطرة أوكرانيا بنهاية اليوم الخميس.

ومنذ أوائل أكتوبر/ تشرين الأول، شنت روسيا ضربات جوية شديدة مرة واحدة كل أسبوع على أهداف للطاقة في أنحاء من أوكرانيا، وفي كل مرة أطلقت صواريخ بمئات الملايين من الدولارات لتعطيل شبكة الكهرباء الأوكرانية.

وتعترف موسكو بمهاجمة البنية التحتية الأساسية، قائلة إنها تستهدف تقييد قدرة أوكرانيا على القتال ودفعها للتفاوض، فيما تقول كييف إن مثل هذه الهجمات تستهدف بوضوح إلحاق الضرر بالمدنيين، ما يجعلها جريمة حرب.

وقال زيلينسكي ليلاً، عبر وصلة فيديو لمجلس الأمن الدولي، إن "اليوم ليس إلا يوم واحد، لكننا تلقينا 70 صاروخا، هذه هي الصيغة الروسية من الإرهاب، كل هذا ضد بنيتنا التحتية للطاقة (...) المستشفيات والمدارس والنقل والأحياء السكنية جميعها تضررت".

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن خطأ كييف هو الذي جعل الأوكرانيين يعانون، لأنها رفضت الانصياع لمطالب موسكو التي لم يحددها، وتقول أوكرانيا إنها لن تتوقف عن القتال إلا بعد رحيل كل القوات الروسية.

وقالت أولينا شافينسكا (27 عاما)، وهي تقف مع مجموعة من الأصدقاء في طابور عند صنبور للحصول على المياه في ساحة بوسط كييف: "ماذا يمكننا أن نقول؟ أعتقد أن الخطوة الأولى يجب أن تأتي منهم. كبداية، عليهم التوقف عن قصفنا".

وأجبرت الهجمات الروسية مدينة كييف، لأول مرة، على إغلاق محطات الطاقة النووية الثلاث التي ما زالت تسيطر عليها، والمحطة الرابعة الواقعة في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا اضطرت إلى اللجوء للمولدات الاحتياطية التي تعمل بالديزل للحصول على الكهرباء، ويقول مسؤولون نوويون إن انقطاع الكهرباء قد يعطل أنظمة التبريد ويسبب كارثة نووية.

وقال رئيس شركة الطاقة النووية الأوكرانية إنيرجواتوم بيترو كوتين إن "هناك خطرا حقيقيا من وقوع كارثة نووية وإشعاعية نتيجة إطلاق صواريخ كروز وصواريخ باليستية روسية على كامل أراضي أوكرانيا"، ومضى يقول إنه "يتعين معاقبة روسيا على هذه الجريمة المخزية".

استخدام الشتاء كسلاح

حل الشتاء فجأة في أوكرانيا وانخفضت درجات الحرارة كثيرا عن الصفر في العاصمة التي يقطنها ثلاثة ملايين نسمة، وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "من الواضح أنه استخدم الشتاء كسلاح ليتسبب بمعاناة كبيرة للشعب الأوكراني".

وأضافت أن بوتين "سيحاول الوصول بالدولة (أوكرانيا) إلى التجمد لإخضاعها".

وليس من المحتمل أن يتخذ مجلس الأمن، الذي تتمتع فيه روسيا بحق النقض (فيتو)، أي إجراء. وقال سفير موسكو لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن ظهور زيلينسكي عبر الفيديو يتعارض مع قواعد مجلس الأمن، ورفض ما سماه "تهديدات وإنذارات متهورة" من أوكرانيا وأنصارها في الغرب.

وألقى باللوم في الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في أوكرانيا على صواريخ الدفاع الجوي التي أطلقتها كييف، وقال إنه ينبغي على الغرب التوقف عن إمدادها بهذه الصواريخ.

وقالت السلطات الأوكرانية إن ثلاث مجمعات سكنية تعرضت للقصف، أمس الأربعاء، ما أسفر عن مقتل عشرة أشخاص.

وقال رجل عرف نفسه باسم فيودر، وهو يجر حقيبة سفر مبتعدا عن مبنى سكني يحترق بعد قصفه في كييف، إن "طفلتنا الصغيرة كانت نائمة، عمرها عامان، كانت نائمة وعليها غطاء، إنها على قيد الحياة، شكرا للرب".

كما امتد انقطاع التيار الكهربائي إلى مولدوفا المجاورة، حيث قالت السلطات إن الكهرباء عادت إلى معظم المناطق بحلول اليوم الخميس.

وتحولت موسكو إلى أسلوب ضرب البنية التحتية لأوكرانيا، حتى في الوقت الذي ألحقت فيه كييف هزائم في ساحة المعركة بالقوات الروسية منذ سبتمبر/ أيلول. كما أعلنت روسيا ضم الأراضي التي تحتلها واستدعت مئات الآلاف من جنود الاحتياط.

وسيكون الشتاء الأول في الحرب الآن اختبارا لمعرفة ما إذا كان بإمكان أوكرانيا المضي قدما في معركتها لاستعادة الأراضي، أو ما إذا كان بإمكان القادة الروس مواصلة الإمدادات لقوات الغزو، وإيجاد طريقة لوقف زخم كييف.

وبعد التقهقر، صار لروسيا خط أقصر كثيرا للدفاع عنه من أجل الاحتفاظ بالأراضي التي استولت عليها، حيث يغلق نهر دنيبرو حاليا أكثر من ثلث الجبهة.

وقال مارك هيرتلنج، وهو قائد سابق للقوات البرية الأميركية في أوروبا، عبر تويتر: "ستزيد قدرات أوكرانيا ببطء، لكن المناورة المستمرة شرق نهر دنيبرو وفي منطقة دونباس التي تحتلها روسيا ستتضمن معارك أشد ضراوة".

وأضاف أن الروح المعنوية الأوكرانية "ستواجه اختبارا باستمرار الهجمات الروسية ضد البنية التحتية المدنية (...) لكن أوكرانيا ستثابر".

وتمضي روسيا في هجماتها على خط المواجهة غربي مدينة دونيتسك، التي يسيطر عليها وكلاء لموسكو منذ عام 2014، وتقول أوكرانيا إنها قتلت آلاف الجنود الروس هناك، ولم تتنازل عن أراض تذكر، واصفةً الروس بأنهم دخلوا المعركة بدون معدات أو تدريب كاف بأي صورة من الصور.

وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن القوات الروسية حاولت مرة أخرى التقدم نحو هدفيها الرئيسيين في منطقة دونيتسك، بلدتي باخموت وأفدييفكا، دون أن تحقق سوى نجاح محدود.

وإلى الجنوب، توغلت القوات الروسية إلى الضفة الشرقية لنهر دنيبرو، وقصفت مناطق عبره، من بينها خيرسون، التي استعادتها القوات الأوكرانية هذا الشهر. ولم يتسن لرويترز التحقق حتى الآن من الروايات في ساحة المعركة.

وتقول موسكو إنها تنفذ "عملية عسكرية خاصة" لحماية الناطقين بالروسية، في ما يسميه بوتين دولة مصطنعة مقتطعة من روسيا، وتصف أوكرانيا والغرب الغزو بأنه حرب عدوانية لا مبرر لها. 

(رويترز)