ضربة موجعة لمرتزقة "فاغنر" من طوارق مالي

30 يوليو 2024
مواطن مالي خلال عيد الاستقلال في باماكو، 22 سبتمبر 2022 (عثمان ماكافيلي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **ضربة موجعة لفاغنر في مالي**: تعرضت قوات فاغنر الروسية لهجوم كبير من متمردي الطوارق شمالي مالي، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من عناصرها والجيش المالي، في أكبر خسارة لفاغنر في يوم واحد بمالي.

- **اعتراف فاغنر بالخسائر**: أقرت فاغنر بمقتل عدد من قواتها بقيادة سيرغي شيفتشينكو خلال قتال مع متمردي الطوارق، مشيرة إلى أن عاصفة رملية ساعدت المتطرفين على إعادة تنظيم أنفسهم.

- **تداعيات المعركة وتدخل القاعدة**: أعلنت حركة متمردة عن "انتصار كبير" على الجيش المالي وحلفائه الروس، بينما أعلنت جماعة تابعة للقاعدة مسؤوليتها عن كمين أسفر عن مقتل 50 مرتزقاً روسياً وعشرة عسكريين ماليين.

ضربة كبيرة تلقتها قوات مجموعة "فاغنر" للمرتزقة الروس، في مالي، الأسبوع الماضي، على يد المتمردين الطوارق شمالي مالي قرب الحدود مع الجزائر، ما أدّى إلى مقتل وإصابة (وربما أسر) عدد من عناصرها، ما قد يشكّل الحصيلة الكبرى في يوم واحد لقتلاها في مالي، فضلاً عن عدد آخر من قوات الجيش المالي الذين يأتمرون بأوامر المجلس العسكري الانقلابي. ولا تعني الضربة التي تعرضت لها "فاغنر" في مالي، نهاية عملها هناك، حيث توسع وجودها في دول الساحل الأفريقي، مالي وبوركينا فاسو والنيجر، على حساب القوة الاستعمارية فرنسا والولايات المتحدة. إلا أن ما حصل الأسبوع الماضي في تين زاوتين، على يد طوارق مالي في الشمال، والذي نسبته "فاغنر" التي باتت تتبع وزارة الدفاع الروسية منذ مقتل قائدها يفغيني بريغوجين بتحطم طائرة قرب موسكو في أغسطس/آب من العام الماضي، إلى "عاصفة رملية"، من شأنه إلحاق ضرر بالغ بصورتها في هذا البلد، حيث جاءت لتحلّ محل القوات الفرنسية، التي انسحبت تحت وطأة ضغوط المجلس العسكري الانقلابي، في أغسطس 2022.

فضلاً عن ذلك، فإن رغبة موسكو بتوسيع رقعة الشطرنج بينها وبين الغرب، بعيداً عن أوكرانيا، إلى شمال أفريقيا، قد تكون بمثابة جبهة أخرى ضاغطة عليها، لا سيما أن أي قوة محلية أو أجنبية، بل حتى أممية، لم تتمكن على مرّ عقود، من القضاء على الحركات المتمردة في المنطقة، والتي أضيفت إليها المجموعات المتطرفة المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، ما يجعل "فاغنر" تواجه على الأرجح حرب استنزاف طويلة، قد تفشل معها أيضاً المفاوضات من تحت الطاولة لإبرام أي صفقة مع طوارق مالي.

"فاغنر" تقرّ بضربة طوارق مالي

وباعتراف نادر لها، أقرّت مجموعة فاغنر للمرتزقة الروس، أمس الاثنين، أن مقاتليها وجنوداً ماليين تكبدوا خسائر خلال قتال شرس مع متمردي طوارق مالي قرب الحدود مع الجزائر، الأسبوع الماضي. وتفاوتت أرقام قتلى "فاغنر" والجنود الماليين، بين وكالة أنباء وأخرى، ووسيلة إعلام وأخرى. وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت فيديوهات في صحراء مالي، لاحتراق مدرعات عسكرية، وجنود من "فاغنر" قتلى أو في الأسر، وهي فيديوهات ظلّت غير مؤكدة المصدر.

أقرّت "فاغنر" بمقتل عدد من قواتها بقيادة سيرغي شيفتشينكو

وذكرت "فاغنر" في بيان لها أمس، إن قواتها قاتلت في صف جنود مالي من 22 إلى 27 يوليو/تموز الحالي، أي حتى يوم السبت الماضي، وأن مقاتليها بالقرب من تين زاوتين كانوا بقيادة سيرغي شيفتشينكو، الذي يحمل الاسم الحركي "بوند". وأضافت "فاغنر" على تطبيق تليغرام، أنه "في اليوم الأول، قضت مجموعة بوند على أغلب الإسلاميين وجعلت البقية يهربون، لكن عاصفة رملية أتاحت للمتطرفين إعادة تنظيم أنفسهم وزيادة أعدادهم إلى ألف شخص". وذكرت مجموعة المرتزقة الروس، أن مقاتليها صدّوا هجوماً جديداً، إلا أن وطأة إطلاق النار الكثيف من المتمردين من طوارق مالي تسببت بخسائر في صفوف فاغنر والجيش المالي، مؤكدة كذلك مقتل شيفتشينكو.

تقارير دولية
التحديثات الحية

من جهته، قال الجيش المالي في بيانات عدة، أمس، إن اثنين من جنوده قُتلا، وإن عشرة آخرين أُصيبوا، مضيفاً أن إحدى مروحياته تحطمت في كيدال يوم الجمعة الماضي، خلال مهمة دورية بدون أن يسفر هذا عن سقوط قتلى. وفي بيان آخر، قال الجيش المالي إنه "ليلة 26 إلى 27 يوليو، بدأت وحدات القوات المسلحة المالية التي تقوم بدوريات في قطاع تين زاوتين منذ ثلاثة أيام، تراجعها"، مضيفاً أن "المنطقة تخضع للمراقبة ويتم متابعة الوضع عن كثب". ولفت بيان الجيش المالي، إلى أنه "تم التعامل بنجاح مع خمسة أهداف إرهابية بواسطة طائرات القوات المسلحة المالية".

وأكدت حركة "الإطار الاستراتيجي الدائم للسلام والأمن والتنمية" المتمردة، (أبرمت الطوارق اتفاق سلام مع باماكو في 2015 لكن حركة الإطار الاستراتيجي الدائم للسلام والأمن والتنمية انسحبت من المحادثات في نهاية 2022)، يوم السبت الماضي، أنها استولت على مركبات مدرعة وشاحنات وناقلات خلال القتال الذي دار في تين زاوتين. وفي اليوم التالي، أعلن الانفصاليون تحقيق "انتصار كبير" على الجيش المالي وحلفائه الروس بعد ثلاثة أيام من "قتال عنيف" في تين زاوتين. وقال محمد المولود رمضان، المتحدث باسم الحركة، وهي تحالف جماعات انفصالية يهيمن عليها الطوارق، إن "قواتنا دمّرت يوم السبت قوات العدو تماماً، وتم الاستيلاء على عربات وأسلحة مهمة أو إتلافها، وأُسر عدد قليل من الناجين من صفوف القوات المسلحة المالية ومليشيا فاغنر". وفي صفوف قوات الحركة المتمردة، قُتل سبعة عناصر وأصيب 12 بجروح، بحسب البيان، مضيفاً أن تحالف الجماعات الانفصالية "يشيد بهذا النصر الذي حقّقه رجاله، مدعوماً بصور ومقاطع فيديو خلال هذه المعارك كلها".

متطرفو "القاعدة" يدخلون على الخطّ

وبينما لم يعلن الجيش المالي والروس عن حصيلة قتلاهم، أرسل المتحدث باسم الانفصاليين مقاطع فيديو قالت وكالة فرانس برس إنها وصلتها، وتظهر جثثاً عديدة تعود لأفراد في هذا المعسكر، ويظهر في بعضها جنود بيض بين الأسرى. وبالإضافة إلى الانفصاليين، أكد مسؤول محلي منتخب وموظف سابق في بعثة الأمم المتحدة بكيدال، للوكالة، أن "الجيش المالي انسحب"، وأن 15 من مقاتلي "فاغنر" على الأقل قتلوا أو أسروا، لافتاً إلى أنها حصيلة موقتة. وقال أحد قادة الحركة الانفصالية، موسى آغ إنزوما، للوكالة، إن "عشرات من أفراد فاغنر والقوات المسلحة المالية قتلوا وأسروا".

"تنسيقية الأزواد" اتهمت "القاعدة" بمحاولة "سرقة الانتصار"

وبينما لم تعلن "فاغنر" رسمياً عن حصيلة قتلاها، ذكر عدد من المدونين العسكريين الروس، أول من أمس الأحد، أن 20 على الأقل من مقاتلي المجموعة قُتلوا في كمين قرب الحدود الجزائرية. وكتب المدون العسكري الروسي البارز سيميون بيغوف، الذي يستخدم اسم وور جونزو، أن "موظفين من مجموعة فاغنر، الذين كانوا يتحركون في قافلة مع القوات الحكومية، قُتلوا في مالي وأُسر بعضهم". كما ذكرت قناة بازا الإخبارية ذات الصلة بالمؤسسات الأمنية الروسية، أن ما لا يقل عن 20 من مقاتلي "فاغنر" سقطوا قتلى.

في سياق متصل، قالت "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة، في بيان تحقّقت من صحّته منظمة سايت الأميركية غير الحكومية المتخصّصة برصد التنظيمات المتطرفة على الإنترنت، إن مقاتليها نصبوا كميناً لقافلة تابعة للجيش المالي وحلفائه الروس من "فاغنر" جنوب بلدة تين زاوتين. وأكّدت الجماعة المتطرفة، أن الكمين أسفر عن مقتل 50 مرتزقاً روسياً وعشرة عسكريين ماليين، في حصيلة لم تتحدث عنها لا "فاغنر" ولا القوات المالية. وسارعت "تنسيقية حركات أزواد" المتمردة من الطوارق، إلى نفي أي مشاركة لمتطرفي "القاعدة" في قتال الجيش المالي وحلفائه الروس، متهمة "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" بمحاولة سرقة هذا "الانتصار الكبير". وقال محمد المولود رمضان: "لا يمكن لأي مجموعة أو أي دعاية أخرى معادية لالتزامنا أن تسرق انتصارنا الكبير".

يذكر أن معارك تين زاوتين اندلعت الأسبوع الماضي، بعدما أعلن الجيش المالي في 22 يوليو الحالي، سيطرته على منطقة إن - أفراك الاستراتيجية الواقعة على بُعد 120 كيلومتراً شمال غرب تيساليت في كيدال.

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)