أظهرت شهادات أدلى بها أسرى من الداخل الفلسطيني، الجمعة، الظروف التي يمر بها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال، والتي شملت عمليات إعدام بطيء، من خلال تجاهل وضع الأسرى الصحي بعد الاعتداء عليهم.
وخلال محاكمتهما، أدلى الأسيران أحمد خليفة ومحمد طاهر جبارين بشهادتهما، كلٌ على حِدة، شارحين ظروف الاعتقال، ومستذكرين أصعب المواقف التي مروا بها، نشرها مركز "عدالة" عبر صفحته الرسمية.
ومددت محكمة الصلح في حيفا، الخميس، اعتقال الناشطين البارزين محمد طاهر جبارين والمحامي أحمد خليفة من مدينة أم الفحم، حتى يوم الخميس 4 يناير/ كانون الثاني المقبل.
واعتقل كلّ من جبارين وخليفة يوم 19 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مع 10 آخرين، أُفرج عنهم لاحقاً، على خلفية تظاهرة في مدينة أم الفحم نددت بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في ظل عدم سماح المؤسسة الإسرائيلية لفلسطينيي الداخل بالتظاهر ضد الحرب على القطاع، وقدّمت النيابة العامة يوم 6 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي لائحتي اتهام بـ"التحريض والتماهي مع منظمة إرهابية" بحق المعتقلين.
"فأر في صحن الطعام"
ووصفَ المعتقلان، خلال شهادتهما، ظروف السجن بأنها "متدنّية للغاية"، وتشمل عمليات "إهانة وضرب وتهديد"، وأكدا أن غرف السجن "لا تحتوي على أدوات استحمام ولا فراش ولا ملابس كافيين، كما كان الطعام شحيحاً وأحياناً عفناً".
وأضاف الأسيران أن "الأسرى يعيشون ضمن سياسة ممنهجة تستمر في مفاقمة قسوتها مع سيطرة وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير على مصلحة السجون".
وفي وصفهم هذه الظروف الصعبة، قال أحد المعتقلين إنه في إحدى المرات "خرج فأر من صحن أرزّ قُدّم له، ورأى السجان ذلك دون أن يتحرك ساكناً (…) كانت هناك كاميرات مراقبة عند وقوع الحدث وبالإمكان فحصها".
"الفرح جريمة"
وفي قاعة المحاكمة ذاتها، روى أحد المعتقلين أنه تقاسمَ زنزانته مع شاب يكاد يكون قاصراً، وبعد أن "أخطأ هذا الصّبي وظنّ أن بإمكانه الابتسام داخل السجن، أمسك به سجان وسأله لماذا كان يبتسم؟ وأخرجه السجان من زنزانته إلى منطقة معزولة في السّجن، وانهال عليه بالضرب المبرح، ثم قاموا بالدعس على رأسه وصدره بأقدامهم".
وأضاف: "عندما أعادوه إلى زنزانته، قال إنّه فحص له رأسه ليطمئن أن كل شيء على ما يرام. كان هو والصّبي في ما يسمّى (غرفة مراقبة)، كانت توجد فيها ثلاث كاميرات، وبالإمكان فحصها للتأكد من صحّة الرواية".
الاستشهاد البطيء
وبحسب بيان المركز، فقد كانت الشهادة الأكثر ترويعاً هي وصف أحد المعتقلين صراخ واستنجاد أسير في الزنزانة المحاذية له لأيّام، قالوا إنّه "تشاجر مع أحد السّجانين" وأبرحوه ضرباً، ثمّ ألقوه في هذه الزنزانة لثلاثة أيّام".
وأكد المعتقل أن "الأسير شكا باستمرار من آلام حادة في بطنه وأمعائه، قوبلت بالتجاهل والإسكات من السّجانين"، وأنهم "عندما أخرجوه أخيراً من زنزانته، ظن للحظة أنهم أخذوه ليتلقّى العلاج، ليتضح أنهم عزلوه بالحبس الانفرادي حتى فارق الحياة، ومن ثم طلبوا له إسعافاً".
ظروف لا إنسانية
وفي حديثهم، وصف المعتقلون ظروف اعتقالهم بأنها "قاسية"، وأن إدارة السجن كانت تقوم بـ"تجويع وتوسيخ وجبات الأسرى برفسها إلى داخل الزنزانة، خاصةً الأرز"، وذكروا أنهم قضوا غالبية وقتهم في الملابس الصيفية نفسها، وأنه كان عليهم طلب إدخال لباس من خلال محاميهم، وأنهم تلقوا ستراً شتوية ليقوا بها أنفسهم شرّ البرد فقط قبل أيام.
كما ذكروا أنهم عند "مشيهم في الطابور كان السجانون يطلقون أصوات تستعمل لسياق الدواب كأنما كانوا حيوانات. عند الضرب والشتم أيضاً قال الجنود لهم إنهم (إرهابيون)، وإنهم يريدون قتل الرجال والنساء ولا فرق عندهم".
من جانبه، علّق مركز عدالة قائلاً: "منذ بداية الحرب قامت السلطات الإسرائيلية بمنع زيارات الأهل وتقييد زيارات المحامين للأسرى، ليتسنى لهم المس بالأسرى بدون أي رقيب، وذلك تماشياً مع سياسات بن غفير".
وأضاف المركز أن "الشهادات التي سمعناها اليوم بالمحكمة بالنسبة لشروط الاعتقال تمثل فقط جزءاً من معاناة الأسرى، والتي أسفرت عن استشهاد 6 أسرى، 2 منهم في سجن مجيدو".