تحرّك النائب في البرلمان اللبناني علي حسن خليل قضائياً بوجه المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، اليوم الإثنين، عبر ثلاث شكاوى. اثنتان منها بالاشتراك مع النائب غازي زعيتر.
وتضمنت الدعوى الأولى، التي رُفعت أمام النيابة العامة التمييزية، برئاسة القاضي غسان عويدات، جرمي اغتصاب السلطة وإساءة استعمال السلطة، بينما رفعت الثانية أمام التفتيش المركزي بتهمة ارتكاب أخطاء مسلكية، والثالثة أمام محكمة التمييز الجزائية، لنقل الملف من يده للارتياب المشروع بعد عودته إلى التحقيق رغم قرار كف يده.
وتُضمّ هذه الشكاوى إلى قائمة الدعاوى الكثيرة التي تقدّم بها النائبان المدعى عليهما في القضية، خليل وزميله في "حركة أمل" (يتزعمها رئيس البرلمان نبيه بري) زعيتر، بهدف كف يد القاضي البيطار، وإبعاده عن ملف انفجار مرفأ بيروت، ما جعلهما في دائرة الاتهام من قبل حقوقيين ونقابة المحامين في بيروت، لوكالتها عن أهالي الضحايا، بتعسّفهما في استعمال حق الدفاع وحق الادعاء، بشكل يعوق سير العدالة.
ويشمل تحرّك المدعى عليهما الجرائم نفسها التي ارتكز عليها القاضي غسان عويدات في ادعائه على القاضي البيطار، وإحالته على التفتيش المركزي، وذلك في سياق القرارات القضائية التي اتخذها، ردّاً على قرار المحقق العدلي العودة إلى التحقيقات التي كانت متوقفة منذ 23 ديسمبر/كانون الأول 2021، بفعل الدعاوى التي تخطى عددها الثلاثين.
وتوالت الأحداث في لبنان منذ قرار المحقق العدلي استئناف التحقيقات، الإثنين الماضي، وإصداره لائحة ادعاءات جديدة تطاول كبار الشخصيات الأمنية والسياسية والعسكرية والقضائية، من ضمنها القاضي عويدات، وموافقته على طلبات إخلاء سبيل 5 موقوفين، لعلّ أبرزها، ردة فعل النائب العام التمييزي الذي يُحسَب على المنظومة الحاكمة، والتي وضعتها أوساط قانونية وقضائية في خانة الانقلاب على التحقيقات.
ومن جملة القرارات التي أصدرها القاضي عويدات، والتي وضعتها نقابة المحامين في بيروت بخانة تجاوز الصلاحيات وخرق القانون، إحالة المحقق العدلي إلى هيئة التفتيش القضائية، بعد الادعاء عليه بتهمة اغتصاب السلطة، وإساءة استعمال السلطة والنفوذ، ومنعه من السفر، واعتبار جميع قرارات القاضي البيطار كأنها لم تكن، والأمر بعدم تنفيذها، إلى جانب قراره إخلاء سبيل جميع الموقوفين، مع منع سفرهم، علماً أن ذلك لم ينطبق على المخلى سبيله، رئيس مصلحة الأمن والسلامة في مرفأ بيروت محمد زياد العوف، الذي يحمل الجنسية الأميركية، وغادر سريعاً إلى الولايات المتحدة.
كذلك، وجّه عويدات كتاباً إلى رئيس وموظفي قلم النيابة العامة التمييزية وأمانة سرّ النائب العام لدى محكمة التمييز، طلب فيه عدم استلام أي قرار أو تكليف أو تبليغ أو استنابة أو كتاب أو إحالة أو مذكرة مراسلة أو أي مستند من أي نوع صادر عن البيطار، إن ورد مباشرة من قبله أو بواسطة أي مرجع آخر، كونه مكفوف اليد في قضية انفجار المرفأ، وغير ذي صفة، على أن يصار إلى إعلام قسم المباحث الجنائية المركزية بذلك.
في المقابل، أكد المحقق العدلي بانفجار مرفأ بيروت أنه مستمرٌّ بتحمّل مسؤولياته لحين إصدار القرار الاتهامي في القضية، والذي شارف على الانتهاء منه.
وهنا تبقى الأنظار موجهة إلى جلسات الاستجواب التي حددها القاضي البيطار للمدعى عليهم، والتي تنطلق في 6 فبراير/شباط، مع توقعات بعدم مثول هؤلاء، وإمكان اتجاه المحقق العدلي إلى إصدار مذكرات توقيف غيابية بحقهم، علماً أن كل المذكرات التي أصدرها سابقاً لم تنفذ، من الجهات والمرجعيات المعنية، بأمر سياسي.
كذلك، تتجه الأنظار إلى مجلس القضاء الأعلى، الذي لم يحدد بعد جلسة لانعقاده لبحث آخر المستجدات القضائية في الملف، في ظل استمرار الخلاف بين أعضائه، وخشيته من اتخاذ أي قرار من شأنه أن يؤجج الشارع بوجهه، لا سيما تعيين قاض بديل عن البيطار، وسط رفض كامل من أهالي الضحايا وعدد من النواب والناشطين، هذا السيناريو.
وادعى القاضي البيطار على علي حسن خليل وغازي زعيتر، إلى جانب شخصيات سياسية وأمنية وعسكرية وإداريين، بملف انفجار المرفأ، بتهمة الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وجرح مئات الأشخاص؛ وأصدر في أواخر عام 2021، مذكرة توقيف غيابية بحق خليل الذي يعتبر من أبرز المقرّبين إلى رئيس البرلمان نبيه بري، وقد أدرج أيضاً على لائحة العقوبات الأميركية عام 2020 لدعمه نشاط "حزب الله" المالي، مستغلاً منصبه وزيراً للمال، ولضلوعه في عمليات فساد.
كما أصدر القضاء اللبناني، في وقتٍ سابقٍ، قراراً بالحجز الاحتياطي على ممتلكات علي حسن خليل وزعيتر الذي تربطه صلة قرابة مع القاضي عويدات، بناءً على دعوى قدمتها نقابة المحامين في بيروت بوكالتها عن أهالي الضحايا.