انتهى الاجتماع الثلاثي الذي عقد، اليوم الجمعة، بين المغرب وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، إلى الاتفاق على شراكة جديدة لمواجهة الهجرة السرية وشبكات الاتجار بالأشخاص، وذلك بعد أسبوعين على أحداث مليلية المأساوية التي خلفت مصرع 23 مهاجراً سرياً.
وأعلن كل من وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت، ونظيره الإسباني فيرناندو غراندي مارلاسكا، ومفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية إيلفا جوهانسون، عقب اجتماعهم الجمعة، عن الاتفاق على تجديد شراكتهم لمواجهة، بشكل مشترك، شبكات الاتجار بالأشخاص، لا سيما، عقب بروز أنماط عملياتية جديدة تتسم بالعنف الشديد من طرف هذه الشبكات الإجرامية.
وبحسب بيان صادر عن الاجتماع الثلاثي، فإن الشراكة العملياتية الجديدة في مجال مكافحة الاتجار بالأشخاص بين المفوضية والمغرب يمكن أن تغطي، على الخصوص، دعم تدبير الحدود، وتعزيز التعاون بين مصالح الشرطة، بما في ذلك التحقيقات المنجزة بشكل مشترك، والتوعية بمخاطر الهجرة غير القانونية، وكذلك تعزيز التعاون مع وكالات الاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الداخلية.
إلى ذلك، اعتبر المجتمعون أن أحداث مليلية، بالإضافة إلى كونها مأساة إنسانية، تكشف عن الخطورة الكبيرة والعنف الذي تلجأ إليه شبكات الاتجار بالأشخاص، المستعدة لجميع المخاطر، مؤكدين أن التحقيقات تتواصل من أجل إماطة اللثام عن الجوانب المتعلقة بهذه الأحداث.
من جهة أخرى، اعتبر البيان الصادر عقب الاجتماع أن المغرب شريك استراتيجي وملتزم للاتحاد الأوروبي تعود الشراكة معه في مجال الهجرة إلى سنوات عدة، مشيراً إلى أن الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء تشكل اليوم واحداً من النماذج الأكثر تقدماً لتدبير الهجرة، سواء على الصعيد التشريعي أو المؤسساتي، والتي مكنت من تسوية الوضعية الإدارية للآلاف من المهاجرين وإدماجهم في المجتمع المغربي.
وقال البيان إن الجهود العملياتية التي يقوم بها المغرب تمكن من إحباط عشرات الآلاف من عمليات العبور غير القانوني نحو أوروبا، مع تسجيل عدد مهم من الأشخاص الذين يتم إنقاذهم في عرض البحر، مضيفاً أن المغرب فكك خلال الفترة نفسها حوالي مائة شبكة إجرامية للاتجار بالأشخاص.
وتعد مكافحة الهجرة غير النظامية ملفاً أساسياً في التعاون بين المغرب وإسبانيا، غير أن منظمات حقوقية تنتقد ما تعتبره "دور الدركي" الذي يؤديه المغرب لصالح الاتحاد الأوروبي.
وعرف السياج الحدودي الفاصل بين مدينة مليلية المحتلة ومحافظة الناظور منذ الساعات الأولى من صباح الجمعة 25 يونيو/ حزيران الماضي، محاولات اقتحام لنحو ألفي مهاجر، وصفتها وسائل إعلام إسبانية بـ"العنيفة والمنظمة"، مشيرة إلى أن المجموعة التي تمكنت من الاقتراب من السياج كانت محملة بحقائب ظهر مليئة بالحجارة والأسلحة البيضاء.
وتعتبر مليلية وكذلك سبتة نقطتي عبور معروفتين للمهاجرين السريين الذين يحاولون الوصول إلى الفردوس الأوروبي. وقبل أسابيع من الحدث المأساوي تجاوز عدد المهاجرين، الذين دخلوا سبتة ومليلية ثلاثة أمثال العدد، الذي دخل في نفس الفترة من 2021.
ومن أجل مواجهة تدفق مهاجرين السرّيين، شيّدت سلطات مدينتي سبتة ومليلية سياجين شائكين زودتهما بأجهزة لاستشعار الصوت والحركة على مسافة 12 كيلومتراً من مليلية و8 كيلومترات من سبتة. وموّل الاتحاد الأوروبي عبر وكالته لحماية الحدود الخارجية "فرونتكس" تشييد السياجين بكلفة 66 مليون يورو (72 مليون دولار).