سيل مبادرات ليبية

14 يوليو 2022
حاول حفتر استغلال حراك الشارع لصالحه (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

تتوالى المؤشرات على تزايد التعقيد السياسي في المشهد الليبي، الملبّد أصلاً بغيوم الانسدادات، في وقت اختفى فيه الحديث عن لقاء جديد بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، كان مقرراً أن يجري بعد انتهاء إجازة عيد الأضحى، لتعويض فشلهما في لقائهما السابق لتجسير هوة الخلاف حول نقاط جدلية في مسودة الدستور.

ومن تلك المؤشرات تدفق سيل من المبادرات الشخصية والرسمية، في شكل مقترحات وأخرى في شكل خطط طريق، على الرغم من تأكيد الأمم المتحدة وعواصم ذات ثقل دولي استمرار خريطة طريق جنيف، وتشديدهم على أن أجلها ينتهي بإجراء الانتخابات.

ومن أبرز المقترحات الجديدة، مبادرة للمجلس الرئاسي برسم ملامح لخطة حل الأزمة السياسية، بهدف كسر الجمود والتقريب بين الأفرقاء الليبيين لـ"صياغة مبادرة وطنية شاملة". لكن لم تمر ساعات على إطلاقها حتى تعرضت لهزات، أولها اتهام عقيلة صالح لرئيس المجلس محمد المنفي، بالضلوع في حادثة اقتحام مقر البرلمان.

فيما مضى نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، للقاء الأفرقاء الفاعلين في البلاد، وأولهم صالح نفسه، لمناقشة كيفية معالجة النقاط الخلافية في مشروع الدستور. لكن النائب الآخر لرئيس المجلس الرئاسي، موسى الكوني، كان يؤكد خلال لقائه السفير الألماني مايكل أونماخت، أن حسم الخلافات بين الأفرقاء الليبيين لن يتم إلا بعقد مؤتمر دولي، في مؤشر واضح على عدم توافق أعضاء المجلس الرئاسي حول شكل ومضمون مبادرة المجلس حتى قبل أن ترى النور.

ولم يغب اللواء المتقاعد خليفة حفتر عن المشهد، إذ خرج المتحدث باسمه أحمد المسماري، ليطلق مبادرة حاول فيها الانحياز لحراك الاحتجاجات في الشارع، في محاولة للنفاذ منها لتحقيق حلمه القديم بالحصول على تفويض الشعب لحكم البلاد. وأكد المسماري باسم حفتر أن "الشعب الليبي هو من يدفع ثمن إخفاق الاتفاقيات والمبادرات المحلية والدولية"، وأنه "يتعيّن على الشعب إنتاج خريطة طريق نحو الدولة المزدهرة"، متعهداً بدعم ما سماه "الجيش الوطني" لتحقيقها.

ولم يتخلّف سيف الإسلام القذافي عن سوق المبادرات وخطط الطريق، فقد خرج محاميه خالد الزايدي ليعلن عن مبادرة تسير في خطين: أولهما تكليف جهة محايدة بوضع ترتيبات الانتخابات، وثانيهما انسحاب كل الشخصيات التي يدور حولها جدل، من الترشح للانتخابات.

هذا التدفق للمبادرات والخطط، جاء في وقت تحدثت فيه مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة للشأن الليبي، ستيفاني وليامز، عن انخراط مكاتب الأمم المتحدة في عملية تواصل بين رئيسي الحكومتين المتصارعتين في البلاد، عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، بغية التوسط لحل الخلاف الحكومي في البلاد.

قد تقف وراء هذا السيل من المبادرات والخطط مخاوف القادة السياسيين من احتجاجات الشارع، وإمكانية تكرر "جمعة الغضب"، لكن ما لا شك فيه أنها أكدت إفلاس كل المتصدرين للمشهد، وأن أياً منهم لا يمتلك إمكانيات لقيادة البلاد، وأولها القبول من الشارع.

المساهمون