النظام يحارب "اللجنة السياسية" المنتخبة في السويداء

06 اغسطس 2024
من تظاهرات السويداء، 1 سبتمبر 2023 (سام حريري/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تحديات اللجنة السياسية في السويداء**: تواجه اللجنة السياسية تحديات كبيرة من النظام السوري الذي يحاول التقليل من شأنها عبر حملات تشكيك ووصفها بمؤامرة "انفصالية"، بهدف تشويه صورتها وإضعاف تأثيرها.

- **تشكيل اللجنة وأهدافها**: تم انتخاب اللجنة السياسية من قبل الهيئة العامة للحراك الثوري في السويداء، وتضم 11 عضواً منتخبين ديمقراطياً، ملتزمين بأهداف الحراك للحفاظ على التظاهر السلمي والتفاعل مع السوريين للوصول إلى حل سياسي.

- **التحديات الداخلية والتشكيك بشرعية اللجنة**: رغم محاولات التشكيك، حصلت اللجنة على مشروعيتها من خلال الانتخاب الحر، واجتمعت مع ممثلين عن كافة الأحزاب لتشكيل رؤية موحدة، مما أكسبها دعماً واسعاً وأربك النظام السوري.

تواجه اللجنة السياسية التي انبثقت أخيراً عن الحراك الثوري الشعبي في محافظة السويداء جنوب سورية، جملة تحديات، في ظلّ محاولات النظام التقليل من شأنها، عن طريق فعاليات وشخصيات مرتبطة به في هذه المحافظة التي لم ينقطع حراكها منذ نحو عام. وأطلق النظام قبل أيام، حملات تشكيك باللجنة السياسية في السويداء عن طريق فرق وشعب حزب البعث، وفق مصادر إعلامية محلية، أكدت أن قيادة فرع البعث في السويداء أوعزت إلى أمناء الفرق الحزبية في المحافظة، بإصدار بيانات تعلن الولاء للقيادة والجيش والحزب الحاكم، وجمع توقيعات من السكّان ضد مؤامرة "انفصالية".

لجنة سياسية في السويداء

وكانت الهيئة العامة المنتخبة من الحراك الثوري المناهض للنظام اختارت الشهر الماضي لجنة سياسية، لتكون العنوان السياسي لهذا الحراك الذي يدخل عامه الثاني بعد أيام. وأكد مدحت أبو رسلان، أحد أعضاء الهيئة العامة في حديث إلى "العربي الجديد"، أن أعضاء الهيئة الـ47 انتخبوا "من قبل تجمعات الحراك الشعبي في بلداتنا لنمثل معظم فعاليات هذا الحراك منذ نشأته". وأضاف: "ثم أعلنا عن فتح باب الترشح لانتخاب 11 عضواً مستقلاً للجنة السياسية الممثلة للحراك، وتمّ انتخاب اللجنة بشكل علني، وأمام كاميرات الإعلام المحلي، لنشكل بهذا الانتخاب أول لجنة سياسية من معظم ممثلي الحراك بشكل ديمقراطي وحر". وأشار أبو رسلان إلى أن "هذا الانتخاب الديمقراطي العلني شكّل نقلة نوعية في تاريخ الحراك وربما في تاريخ العمل السياسي في سورية"، مضيفاً: "أحرج المنافسين من الكتل والتيارات السياسية، بعد فشلها في تشكيل جسم سياسي خلال الأشهر الماضية، وأعطى صورة ناصعة عن العمل السياسي الثوري".

جمال الشوفي: أولى مهام اللجنة اليوم بالتنسيق مع الهيئة العامة، الحفاظ على استمرارية التظاهر السلمي

ومنذ ظهور الهيئة العامة للحراك الشعبي في السويداء بدعمٍ من الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، بدأت أجهزة النظام بالتشكيك في مرجعية أعضاء الهيئة المنتخبين بشكل مباشر من أفراد الحراك الشعبي في بلداتهم.

وكانت مقاطعة انتخابات مجلس الشعب التي نظّمها النظام في شهر يوليو/تموز الماضي، أول موقف سياسي لهذه الهيئة، ما دفع النظام إلى محاولة جرّ الحراك إلى العنف من خلال اغتيال أحد رموزه، وهو مرهج الجرماني، قائد فصيل "لواء الجبل" منتصف الشهر الماضي. وكان الجرماني من مؤسسي ساحة الكرامة في قلب السويداء والتي تشهد تظاهرات بشكل يومي، فكان بذلك له دور في تنظيم واستمرار الاحتجاجات ضد النظام والتي ترفع شعارات الثورة السورية وتدعو إلى تغيير حقيقي في البلاد.

وبيّن الدكتور جمال الشوفي، أحد أعضاء اللجنة السياسية المنتخبة، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن اللجنة "ملتزمة بأهداف ورؤية الحراك العامة وبثوابته المعلنة". وقال: "نحن بصدد صياغة الرؤية العامة وخطة عمل للمرحلة المقبلة، وأولى مهام اللجنة اليوم بالتنسيق مع الهيئة العامة، هي الحفاظ على استمرارية التظاهر السلمي في ساحات الحرّية والكرامة ومتابعة التفاعل والحوار مع السوريين، للوصول إلى استحقاق الحلّ السياسي الذي يفضي إلى دولة الحق والقانون، دولة المواطنة لكل السوريين".

وأشار الشوفي إلى أن "التظاهر السلمي رافعة أساسية للحل السياسي للقضية السورية وبمرجعية القرارات الدولية وفي مقدمتها 2254"، مضيفاً أن "السويداء جزء من سورية، ولا تمييز بيننا كسوريين أياً كان موقعنا، ومطلبنا واضح هو الانتقال والتغيير السياسي والوصول إلى دولة المواطنة والقانون، وهذه تتطلب جهوداً وإمكانات كل السوريين".

واعتبر الشوفي أن الهيئة العامة واللجنة السياسية المنبثقة عنها "تجربة أولى في ممارسة الديمقراطية التي نطمح لتحققها سورية بشكل عام في المستقبل القريب، بعد التوصل لحل سياسي شامل للقضية السورية".

تشكيك وإلصاق تهم

وكانت اللجنة السياسية في السويداء قد استمهلت الإعلان عن برنامج عمل إلى حين اللقاء مع كافة التيارات والكتل السياسية والاجتماعية، من أجل بلورة رؤية مشتركة لآلية العمل والتواصل، فيما سارع حزب اللواء، والتيار الفيدرالي، واللذان لم ينجح أي من أعضائهما في انتخابات الهيئة أو اللجنة السياسية، لتشكيل تكتل جديد للحصول على موقع مؤثر ضمن الحراك قابل للتأثير بشكل أو بآخر، ولتسويق فكرة بناء كيان فيدرالي مستقل في السويداء، المرفوضة لدى معظم السكان.

وتعليقاً على محاولات التشكيك بأهلية وشرعية اللجنة السياسية في السويداء، أشار عدنان أبو عاصي، أحد أعضاء "الهيئة الاجتماعية للعمل الوطني" المشكّلة منذ العام 2012، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "اللجنة اجتمعت الأحد (الماضي) مع ممثلين عن كامل الأحزاب واستمعت إلى كافة الآراء والمواقف بهدف تشكيل رؤية موحدة للحراك، وخلصت إلى توافق شبه كامل بالرؤية والهدف وحتى برنامج العمل، وهذا مؤشر جيّد لانطلاقتها".

قيادة فرع البعث في السويداء أوعزت إلى أمناء الفرق  بجمع توقيعات من السكّان ضد مؤامرة "انفصالية"

وأضاف: "لقد أخذت اللجنة مشروعيتها من خلال الانتخاب الحرّ الديمقراطي، وهذا بحدّ ذاته انتصار، ثم بدأت عملها في السياسة بعيداً عن الغطاء الديني، وهذا انتصار آخر". وأكد أنها "لم تستثن أحداً في لقاءاتها التشاورية، بما فيها الأحزاب التي كانت تدعو إلى الانفصال وتشكيل كيان مستقل، وهذا أمر مهم بعدم إقصاء أحد". وأضاف: "وجدت اللجنة ذاتها في موقع العداء للسلطة وجهازها الحزبي، فما كان من جميع التيارات والأحزاب إلا الالتفاف حولها ومساندتها وهذا أمر مهم".

ومنذ بدء الحراك الشعبي في منتصف العام الماضي في السويداء، والنظام يحاول إلصاق التهم به من أجل تطويقه والقضاء عليه، إلا أن هذا الحراك لم ينقطع وأخذ أشكالاً تنظيمية أربكت النظام الذي اهتزت صورته في المحافظة ذات الغالبية الدرزية من السكّان، وخصوصاً بعد إغلاق معظم مقرات حزب البعث، وإزالة صور رأس النظام بشار الأسد من المؤسسات والدوائر الرسمية في المدن والبلدات.

وأعلن المحتجون منذ اليوم الأول تمسكهم بوحدة سورية ورفضهم أي محاولات تقسيم تحت عناوين مختلفة، لقطع الطريق أمام النظام الذي حاول إظهار هذا الحراك على أنه يشكل تهديداً لوحدة البلاد. وتجنّب النظام السوري أي مواجهة مباشرة مع المحتجين في السويداء، مراهناً على الوقت في تراجع مدّ الحراك ضده في هذه المحافظة محدودة الموارد. إلا أن هذا المد لم ينحسر، وباتت السويداء، التي حاول النظام تحييدها منذ عام 2011، في قلب الثورة السورية.

المساهمون