اندلعت اشتباكات بين فصائل المعارضة وقوات النظام السوري، اليوم الأحد، في شمال غربي سورية، فيما قُتل عدد من عناصر النظام، خلال عملية تسلل للفصائل في ريف حماة.
وأكدت "غرفة عمليات الفتح المبين" مقتل عنصرين وإصابة 3 آخرين من قوات النظام السوري في "عملية انغماسية" نفذها عناصر من فصيل "جيش النصر" على مواقع لقوات النظام في بلدة العمقية غربي حماة.
كما أعلنت فصائل المعارضة عن قنص 3 عناصر من قوات النظام على محور البريج في ريف إدلب الجنوبي، وعنصر آخر على محور الحدادة شمال اللاذقية.
وقال الناشط حسام الإدلبي لـ"العربي الجديد" إنّ الفصائل قصفت بالصواريخ وقذائف الهاون مواقع للنظام على جبهة محور جمعية الأمين والفوج 46 غرب حلب، ومحور قرية الرويحة جنوب إدلب، فيما قصفت قوات النظام بالمدفعية وقذائف الهاون محيط بلدات معارة النعسان، وسان، ومجدليا، والفطيرة شرقي وجنوب إدلب، وقرية "المشيك" بسهل الغاب شمالي غرب حماة، واستقدمت قوات النظام تعزيزات في ريف مدينة منبج شرقي حلب.
وفي شرقي البلاد، ذكر مصدر محلي لـ"العربي الجديد" أن وحدة من "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، مدعومة بمروحيات من قوات التحالف الدولي، اعتقلت، أمس السبت، عدداً من الأشخاص في بلدة حزيمة شمال مدينة الرقة، حيث جرت مداهمة منزل بالقرب من الجامع الشمالي، واعتقال 3 أشخاص، دون معرفة دوافع الاعتقال.
من جهة أخرى، أشار المصدر إلى اختطاف جديد لطفل قاصر، من قبل عناصر "الشبيبة الثورية" التابعة لحزب العمال الكردستاني لتجنيده في صفوف قوات الحزب قسرياً، مضيفاً أن الطفل يبلغ 17 عاماً وجرى اقتياده إلى معسكرات تجنيد الأطفال.
وكان تقرير لمنظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، قد ذكر في وقت سابق أن قوات "قسد" تواصل عمليات تجنيد الأطفال القاصرين في مناطق شمال وشرق سورية، على الرغم من توقيع زعيمها مظلوم عبدي اتفاقاً مع الأمم المتحدة منذ حوالي 4 سنوات يقضي بإنهاء ومنع تجنيد الأطفال دون سن الـ18، واستخدامهم بالنزاعات العسكرية.
وفي ريف العاصمة دمشق، استقدمت "الفرقة الرابعة"، التابعة للنظام، تعزيزات عسكرية باتجاه الحدود السورية اللبنانية، أمس السبت، شملت عشرات العناصر التي توزعت في محيط بلدة الجبة في منطقة يبرود بريف دمشق، وذلك بناءً على طلب من حزب الله اللبناني، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى أن "أمن الفرقة الرابعة" يحاول السيطرة على المنطقة، في إطار المنافسة مع المخابرات العسكرية على بسط النفوذ على المناطق القريبة من الحدود التي تشهد عمليات تهريب للبضائع.
وفي جنوب البلاد، قُتل الشاب علاء إسماعيل الحلَقَي نتيجة اشتباكات بالأسلحة الرشاشة بين مجموعتين مسلحتين محليتين في مدينة جاسم شمال درعا، إحداهما بقيادة توفيق الحجي والأخرى بقيادة عبد الله إسماعيل الحلَقَي، وفق "تجمع أحرار حوران"، وخلال اليومين الماضيين، شهدت المحافظة تصاعداً في التوتر، إثر اغتيال مدني على يد مجهولين، ونشوب احتجاجات بعد اعتقال شاب من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري.
"تحرير الشام" تشن حملة اعتقالات
وفي سياق آخر، شن الجهاز الأمني في "هيئة تحرير الشام"، سلطة الأمر الواقع في شمال غربي سورية، حملة اعتقالات اليوم الأحد طاولت ناشطين وشخصيات مستقلة وعسكريين وأعضاء في حزب "التحرير"، في محاولة جديدة لتأكيد سلطتها في إدلب ومحيطها.
وأكدت مصادر محلية متقاطعة في ريف إدلب لـ"العربي الجديد" أنّ الهيئة "شرعت الأحد في حملات مداهمة لمنازل ناشطين ومقاتلين في فصائل المعارضة السورية ومنتسبين لحزب التحرير، أبرزهم مدير المكتب الإعلامي"، مشيرة إلى أنّ "هناك حالة استياء من قبل الناس، خاصة أنّ الحملة أدت إلى ذعر وخوف لدى المعارضين لنهج الهيئة المتشدد في إدارة المناطق التي تقع تحت سيطرتها".
وبُثت مقاطع فيديو تظهر جانباً من عبث عناصر الهيئة بالمنازل التي داهمتها لاعتقال معارضين لها، ولكن مصدراً مقرباً من الهيئة بيّن في حديث مع "العربي الجديد" أن الاعتقالات "طاولت مفسدين وتجار مخدرات وأصحاب الخلفيات الدينية المتشددة، والمطلوبين للمحاكم، أو من صدرت بحقهم أحكام"، بحسب قوله.
وتؤكد مصادر مطلعة في المنطقة أنّ الهيئة "تعمد فعلاً للقبض على بعض المطلوبين للمحاكم أثناء الحملات التي تقوم بها لاعتقال معارضين، للإيحاء بأن هذه الحملات تستهدف خارجين عن القانون"، وفق المصادر.
وتسيطر "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) على أجزاء من محافظة إدلب ومن ريف حلب الغربي، وتفرض قوانينها المتشددة على السكان، وجلهم نازحون يعانون من ظروف معيشية خانقة، وكانت الهيئة قد شنّت حملة اعتقالات على منتسبين لحزب "التحرير" محدود التأثير السياسي في ريف إدلب، منتصف عام 2020.
ووفق مصادر مطلعة ليس لحزب "التحرير" "وجود حقيقي على أرض الواقع"، مشيرة إلى أنه يتبنى "خطاباً راديكالياً ويدعو إلى إحياء الخلافة الإسلامية"، وأشارت إلى أنّ "حزب التحرير" يُطلق عليه اسم "حزب المناشير" في الشمال الغربي من سورية، كون تأثيره "لا يتعدى توزيع منشورات بين وقت وآخر تدعو إلى تبني مشروع الخلافة الإسلامية".
وبيّنت المصادر أنّ عدد المنتسبين للحزب قليل، موضحة أنه ينشط في مناطق تقع تحت سيطرة هيئة تحرير الشام في ريف إدلب، وفي بلدات بريف حلب الغربي.
وأوضح الباحث المختص بالحركات والتيارات الإسلامية، عرابي عرابي، في حديث مع "العربي الجديد" أن "الحملة التي قامت بها هيئة تحرير الشام استهدفت شخصيات كانت تخطط لشن عملية ضد قوات النظام"، مضيفاً "تخشى الهيئة من تمرد مجموعات عليها مستقبلاً في حال تهاونها مع أي طرف يريد القيام بأعمال عسكرية ضد قوات النظام خارج مخططات الهيئة".
وأعرب عرابي عن قناعته بأنّ الحملة التي شنّتها الهيئة صباح الأحد، واستهدفت العشرات "هدفها تجميع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن الشخصيات والمجموعات التي تريد العمل خارج نطاق هيمنتها".
وكانت "هيئة تحرير الشام" قد شنّت، خلال السنوات الفائتة، العديد من حملات الاعتقال ضد كل المجموعات والتنظيمات التي تشكل خطراً على سلطة هذه الهيئة في محافظة إدلب وبعض محيطها، واعتقلت مطلع عام 2021 العديد من القياديين في تنظيم "حراس الدين"، الأكثر تطرفاً في شمال غربي سورية، في محاولة كما يبدو لإخراج نفسها من عباءة التنظيمات المتشددة، في سياق محاولات لطرح نفسها أمام المجتمع الدولي جزءاً من الحل في الشمال الغربي من سورية مستقبلاً.
كما تندرج الحملات التي تقوم بها الهيئة ضد متشددين في نطاق مساعيها لإثبات اعتدال خطابها، مقارنة مع تنظيمات أخرى، وخاصة أن الهيئة تؤكد أنها أنهت أي ارتباط لها مع تنظيم "القاعدة" منتصف عام 2016، وذلك "تلبية لرغبة أهل الشام في دفع ذرائع المجتمع الدولي"، وفق خطاب لأبو محمد الجولاني، قائد الهيئة في حينه.
ودأب الجولاني خلال العامين الأخيرين على الظهور الإعلامي المتكرر في المناطق التي تسيطر عليها قواته، وفي اجتماعات حكومة "الإنقاذ" التابعة له، والتي تدير هذه المناطق إدارياً وخدمياً، وحاول أواخر العام الفائت توسيع نطاق سيطرته، وداهم منطقة عفرين في شمال غربي حلب، مستغلاً صداماً بين الفصائل المعارضة التي تسيطر على المنطقة.
وكاد الجولاني أن يطيح بهذه الفصائل في مناطق سيطرتها في ريف حلب الشمالي، وخاصة مدينة أعزاز، المعقل الأهم لهذه الفصائل في هذا الريف، لولا تدخل الجيش التركي الذي أجبر قواته على العودة إلى قواعدها في ريف إدلب شمال غربي سورية.