سفير للأسد في تونس وقنصل في الرياض.. تطبيع عربي بلا ثمن؟

سفير للأسد في تونس وقنصل في الرياض.. تطبيع عربي بلا ثمن؟

03 أكتوبر 2023
النظام رافض للتعاون مع مبادرات حل سياسي للأزمة السورية(عارف وتد/فرانس برس)
+ الخط -

 

بعد أيام قليلة من إعادة افتتاح سفارته في المملكة العربية السعودية، قرر النظام السوري إرسال سفيره إلى الجمهورية التونسية، في خطوة تأتي في سياق تصاعد التوجه العربي للانفتاح على نظام الأسد. هذا التحرك يأتي على الرغم من موقف النظام الرافض للتعاون مع مبادرات حل سياسي للأزمة السورية، مما يجعل هذا الانفتاح موضوع تساؤل حول مدى تصنيفه كتطبيع مجاني مع نظام يتجاهل القرارات الدولية.

صحيفة "الوطن"، التي تتبع النظام السوري، أعلنت أن محمد محمد أصبح سفيرًا للنظام في تونس بعد أدائه القسم القانوني أمام رئيس النظام بشار الأسد. يأتي هذا بعدما قبل الأسد أوراق اعتماد محمد المهذبي كسفير فوق العادة ومفوض للجمهورية التونسية لدى النظام السوري في 8 من يونيو/حزيران الماضي.

تجدر الإشارة إلى أن الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي طرد سفير النظام السوري عام 2012، وسحب أي اعتراف بنظام الأسد، بسبب ممارساته القمعية ضد السوريين، وذلك في إطار توجه عربي لفرض عزلة دولية على النظام. ومع تحسن العلاقات بين البلدين، أعادت تونس بعثتها الدبلوماسية عام 2017 واستُؤنفت حركة الطيران بينهما في نهاية 2018.

من جهته، قام الرئيس التونسي الحالي، قيس سعيد، بإعادة فتح العلاقات مع النظام على مستوى السفراء في إبريل/نيسان الماضي، مدّعياً أن "مستقبل سورية يعود للشعب السوري فقط وأن تونس تتعامل مع الدولة السورية دون التدخل في اختيارات الشعب".

وفي خطوة مشابهة، أعاد النظام السوري، السبت، افتتاح سفارته في المملكة العربية السعودية بعد عقد من إغلاقها، على الرغم من الصراع الدائر في سورية وعدم استجابته لمبادرات السلام والمساعي السياسية. هذا التحول يعكس توتر العلاقات وعدم تجاوب النظام مع مبادرات السلام العربية.

وذكرت وسائل إعلام النظام أن القنصل محمد رمان وصل إلى الرياض لاستئناف العمل الدبلوماسي في السفارة، مشيرة إلى أن النظام عيّن أيمن سوسان معاون وزير الخارجية الحالي في حكومته، سفيراً في الرياض، ولكن لم يُعرف بعد موعد وصوله الى الرياض.

وكان النظام السوري والسعودية أعلنا في مايو/أيار الفائت عودة العلاقات الدبلوماسية بينهما. كما لعبت الرياض دوراً محورياً في إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية في مايو الفائت، واستقبلت الأسد في مدينة جدة لحضور اجتماع القمة العربية.

وكان وزراء خارجية عدة دول عربية قد وضعوا في العاصمة الأردنية عمّان في مايو الماضي، أسس مبادرة عربية للحل في سورية دعت إلى "خطوات تبادلية"، عبر تخفيف العقوبات والعزلة عن النظام في مقابل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتأمين العودة الآمنة والطوعية للاجئين، وحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات من دون أي عوائق إلى كل المناطق، ومكافحة تهريب المخدرات. وتريد الدول العربية حلاً للقضية السورية بما ينسجم مع القرار الدولي 2254 الذي ينص على انتقال سياسي وكتابة دستور وإجراء انتخابات، بيد أن النظام يرفض التعامل معه بجدية.

وتؤكد الوقائع عدم تجاوب النظام السوري مع المبادرة العربية، إذ لا تزال المخدرات تتدفق عبر الحدود السورية الأردنية، وفق المسؤولين الأردنيين.

وكانت مصادر إعلامية مقربة من النظام السوري قد أعلنت أن اللجنة الخاصة التابعة لجامعة الدول العربية المعنية بالملف السوري "جمّدت اتصالاتها مع ممثلي الحكومة السورية"، وهو ما يؤكد أن الدول العربية لا تملك أوراق ضغط على النظام السوري تجبره على تعاط إيجابي مع مبادرات الحل.

ويعتقد المحلل السياسي رضوان زيادة في حديث مع "العربي الجديد"، أن "إرسال السفراء والقناصل عملية روتينية بعد القرار السياسي بإعادة العلاقات"، مشيراً إلى أن "المهم الآن إعلان الأردن فشل المبادرة العربية اتجاه الأسد".

وبيّن أن هذا الإعلان "ربما سيكون له تداعيات سياسية من قبيل شن الأردن عملية عسكرية جنوب سورية لمحاربة تجارة الكبتاغون، أو لجوء دول عربية لخفض التمثيل الدبلوماسي مع النظام".

وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قد أكد أن عمليات تهريب المخدرات من سورية إلى الأردن زادت بعد محادثات التطبيع العربي مع النظام السوري، مشيراً إلى أن بلاده ستفعل ما يتوجب عليها لحماية مصالحها.

من جهة أخرى، ميّز مدير الدراسات في مركز "أبعاد"، محمد سالم، في حديث مع "العربي الجديد" بين إيفاد سفير للنظام السوري إلى تونس، وقنصل إلى الرياض.

وأوضح أن "توجهات الرئيس التونسي قيس سعيد معروفة لجهة مواجهة الربيع العربي، لذلك هو يقف مع النظام السوري".

وأشار إلى أن "سعيد يقف ضد محاولات التحول الديمقراطي في العالم العربي، ومن ثم فإن دوافعه مختلفة عن الدوافع السعودية".

ورأى أن وصول قنصل وليس السفير إلى الرياض "دليل على انزعاج عربي ولاسيما سعودي وأردني من عدم تفاعل النظام مع ما هو مطلوب منه لجهة مكافحة تهريب المخدرات من سورية إلى الدول العربية".