استمع إلى الملخص
- **تأثير القيود على الزراعة:** أكد المهندس الزراعي جاد حسين أن منع دخول أصناف مهمة من الأسمدة تسبب في تراجع إنتاج المحاصيل الزراعية إلى أقل من 40%، مما يؤثر سلباً على القطاع الزراعي والوضع الاقتصادي.
- **مزاعم إسرائيلية وتأثير اقتصادي:** الإجراءات تأتي بزعم استخدام الأسمدة في تصنيع عبوات ناسفة، مع ضبط 150 كيساً واعتقال ستة من أصحاب المحال، مما أدى لانكماش الاقتصاد الفلسطيني وتأثر الناتج المحلي الإجمالي.
بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي سياسة ملاحقة المشاتل الزراعية ومحالّ بيع الأسمدة الكيماوية والأدوات البيطرية في الضفة الغربية، بعد أن شنت قوات الاحتلال حملة مداهمات واقتحامات لها، اليوم الأربعاء، وصادرت جزءاً من محتوياتها، واعتقلت عدداً من أصحابها في مناطق مختلفة من الضفة الغربية المحتلة، بحجة أنها تستخدم لصناعة "عبوات ناسفة".
وقبل انسحابه من عدة محال، ألصق جيش الاحتلال منشورات على أبواب تلك المحال والمشاتل التي دهمها، حذّر فيها المزارعين والتجار من استخدام وبيع الأسمدة "غير القانونية"، وجاء فيها أن "أي مزارع أو أي تاجر سيتم العثور بحيازته على أسمدة غير قانونية يعتقل ويعاقب".
أضرار كبيرة
ويؤكد المهندس الزراعي، جاد حسين، أن منع دخول أصناف مهمة من الأسمدة للضفة تسبب بتراجع إنتاج المحاصيل الزراعية إلى أقل من 40% من القدرة الحقيقية لها، ويوضح أن "نترات البوتاسيوم والسماد المركب وسماد اليوريا الذي يتحكم في طول النبتة جميعها ممنوعة عن الضفة، وعدم وجودها يؤثر سلباً بالقطاع الزراعي والوضع الاقتصادي عموماً، لكنه يسمح بإدخالها ضمن تركيبة كيميائية معينة، لا تسمح باستخدامها بشكل مزدوج"، وفق قوله. ويشير حسين إلى أن الاحتلال يمنع دخول المواسير الزراعية والكبريت والأسمدة، وجميع المواد التي تحتوي على النترات، ومنها اليوريا ونترات البوتاسيوم ونترات الكالسيوم.
ووصف أحد أصحاب المحال التي جرت مداهمتها في مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة، والذي طلب عدم كشف هويته، ما جرى بـ"عملية قرصنة تتشابه تماماً كما سبق وحدث لدى العديد من محال الصرافة والمطابع". ويقول لـ"العربي الجديد": "قدمت للضابط الإسرائيلي كشفاً يظهر الكميات التي أملكها، وأماكن بيعها وتوزيعها بدقة متناهية، لكن دون جدوى، فهو يحمل قراراً صادراً عن قائد المنطقة في جيش الاحتلال بمصادرة أنواع معينة من الأسمدة السائلة والصلبة". ويتابع: "أنا لست مجرد بائع، بل أحمل شهادة علمية، وحريص جداً على عدم إحضار الأسمدة المهربة أو غير القانونية، فالضرر سيلحق قبل كل شيء بأبناء شعبي، حيث يتم استخدام تلك الأصناف في عملية الزراعة، لكن من جديد الاحتلال لا يفهم إلا ما يريد فهمه".
السلطة الفلسطينية تفرض قيوداً
وتشير تقارير اقتصادية إلى أن الخطوة تندرج في إطار استمرار الحرب على المقدرات الاقتصادية للفلسطينيين، لا سيما أن الاحتلال يفرض رقابة مشددة على استيراد أو إدخال أنواع كثيرة من الأسمدة للضفة الغربية، لكن بصورة أقل مما يفرضه على قطاع غزة، كما أن الجهات الرسمية المتمثلة بوزارة الزراعة والاقتصاد تفرض على أصحاب تلك المحال شروطاً لتوثيق أي منتج سمادي، وتسجيل اسم ورقم المزارع الذي اشتراه حين بيعه.
فيما يرى مراقبون أن هذه الخطوة ما كانت لتحدث لولا كمية وقوة العبوات الناسفة محلية الصنع التي نجحت في تفجير آليات عسكرية إسرائيلية أبرزها آلية النمر، وإلحاق أضرار كبيرة فيها، وصلت لقتل وإصابة جنود الاحتلال في مخيمات شمال الضفة الغربية، وتحديداً مخيمات: نور شمس، وطولكرم، وجنين، وبلاطة، وعسكر، والفارعة، ومدينة طوباس.
ووفق الموقع الإلكتروني لرئاسة الوزراء الفلسطيني "باب دليل الخدمات"، بشأن استيراد الأسمدة اللازمة في الإنتاج الزراعي، تنص التعليمات على أن "الإدارة العامة للتسويق الزراعي تقوم بمخاطبة الجانب الإسرائيلي للحصول على الموافقة النهائية، وهناك بعض أنواع الأسمدة المرتبطة برقم التعرفة الجمركي التي تبدأ بالأرقام (3102-3103-3104-3105) ويجري إصدار الرخص من وزارة الاقتصاد بشأنها، حيث يتم إصدار كتاب للشركة المستوردة بعدم ممانعة وزارة الزراعة من استكمال إجراءات الاستيراد.
ومع استمرار الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة، انكمش الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 35% على أساس سنوي، خلال الربع الأول من العام الجاري. وبحسب بيانات كشف عنها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في وقت سابق، تراجع اقتصاد الضفة الغربية بنسبة 25% على أساس سنوي، بينما انكمش اقتصاد قطاع غزة بنسبة 86%. وبلغت قيمة الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول 2024 في الضفة الغربية مليارين و474 مليون دولار، وفي قطاع غزة 92 مليون دولار.
مزاعم إسرائيلية بشأن صناعة "عبوات ناسفة"
ويأتي استهداف الأسمدة الزراعية، عقب مزاعم إسرائيلية باستخدام الأسمدة في تصنيع عبوات ناسفة ومتفجرات بالضفة، بالتزامن مع تطور كبير في صناعة العبوات المتفجرة، التي باتت تلحق خسائر بشرية في صفوف جنود الاحتلال، وفي تدمير آلياته المصفحة. ويدعي الاحتلال أن عناصر المقاومة الفلسطينية يستخرجون مادة الفوسفور والكبريت والنيتروجين من هذه الأسمدة، لصنع متفجرات لإعطاب آليات الاحتلال حين يقتحمون المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية.
وأعلن جيش الاحتلال، في بيان له، اليوم الأربعاء، ضبط أكثر من 150 كيساً تحتوي على مواد لتحضير عبوات ناسفة في أنحاء المناطق الخاضعة لسيطرة قيادة المنطقة الوسطى، واعتقلت ستة من أصحاب محال عمدوا إلى بيع هذه المواد ثم حولتهم لأقبية التحقيق.
وزعمت تقارير عبرية مؤخراً، أن تطوير قدرات المقاومة في الضفة فيما يتعلق بصناعة المتفجرات، يعود إلى سهولة صناعتها وتجميعها من مواد ذات استخدام مزدوج كالأسمدة الزراعية، و"بيروكسيد" الهيدروجين، و"الأسيتون"، والأحماض الصناعية، وغيرها من المكونات المدنية التي يتم نقل بعضها من الداخل المحتل إلى الضفة الغربية. ورجحت هذه التقارير، في وقت سابق، أن يستخدم الاحتلال الإسرائيلي النموذج الذي سبق واستخدمه في قطاع غزة فيما يتعلق بالأسمدة، وإنشاء آلية مراقبة لكميات المواد، وأنواعها، والوجهة النهائية التي تصل إليها، قبل أن يقدم اليوم على مداهمة محال بيعها واعتقال أصحابها.
وبشأن مصادرة الأسمدة الزراعية بادعاء استخدامها في صناعة عبوات ناسفة ومتفجرات، يوضح أبو العدس أن "هذا موضوع قديم لجأت له المقاومة الفلسطينية منذ عقود طويلة، وقد طوعت كل المقدرات على بساطتها لتطوير أدائها، وهذه الملاحقة أو المصادرة لن توقف الفعل المقاوم، فإن أغلق الاحتلال باباً فتح المقاومون أبواباً أخرى".