استمع إلى الملخص
- يُظهر جليلي تصميماً على تعزيز الاقتصاد ومكانة إيران دولياً، مع حملة انتخابية قوية ودعم من أعضاء حملة رئيسي السابقة، ويُعد زيارته لمنزل والدة رئيسي خطوة رمزية لتأكيد استمراريته لنهج رئيسي.
- يُقدم نفسه كمدافع عن السيادة الإيرانية، مع التركيز على استغلال الطاقات الداخلية وتعزيز العلاقات الدولية، رغم التحديات الناتجة عن اتهامات بعرقلة انضمام إيران لمجموعة العمل المالي الدولية (FATF)، مما يبرز التوترات بين النهج الأصولي والمتطلبات الدولية.
سوّق أحد المرشحين المحافظين البارزين للانتخابات الرئاسية الإيرانية، المقررة اليوم الجمعة، سعيد جليلي نفسه على أنه الأنسب والأقدر لمواصلة نهج الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، إلى جانب محمد باقر قاليباف، رافضاً الدعوات إلى الانسحاب لصالح الأخير، ومصراً على البقاء في السباق الرئاسي حتى النهاية. وعن الفارق بين سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف، أشار رئيس تحرير صحيفة فرهيختغان المحافظة مسعود فروغي لـ"العربي الجديد" إلى فوارق في طبيعة وهيكلية قاعدتهما المحافظة، إذ حظي جليلي بأصوات الأيديولوجيين (المحافظين)، وقاليباف بأصوات البراغماتيين المحافظين. وقال فروغي إنه إذا انسحب سعيد جليلي من الانتخابات، فإن معظم أصواته "ستصبّ في مصلحة قاليباف"، لكن في حال انسحاب الأخير فـ"هناك صعوبات أكثر" لحصول سعيد جليلي على أصواته.
اتُهم سعيد جليلي بتشكيل "حكومة الظل" خدمة لروسيا
ماضي سعيد جليلي
وسبق أن ترشح سعيد جليلي مرتين للانتخابات الرئاسية الإيرانية، عامي 2013 و2021. في المرة الأولى حصل على أكثر من 4 ملايين صوت، وحل ثالثاً بين المرشحين، لكن في ترشحه الثاني انسحب من السباق الرئاسي قبل يومين لمصلحة رئيسي. وعد سعيد جليلي الناخبين الإيرانيين بحل المشكلات الاقتصادية وتعزيز موقع إيران إقليمياً ودولياً، وحملته الانتخابية التي اختارت شعار "فرص بسعة العالم لقفزة إيران"، كانت أكثر تنظيماً من بقية المرشحين المحافظين. وكان فريقه الانتخابي منتشراً في جميع المدن الإيرانية، ومعظم أعضائه كانوا من نواة حملة رئيسي الانتخابية، ومنهم محسن منصوري، نائب الرئيس الإيراني الراحل للشؤون التنفيذية، الذي أدار حملة سعيد جليلي الانتخابية. وتدعيماً لدعايته بين المحافظين بأنه الأنسب لخلافة رئيسي واستمرار نهجه، زار سعيد جليلي، مساء أول من أمس الأربعاء، منزل والدة الرئيس الإيراني الراحل في مدينة مشهد الدينية، شمال شرقي إيران.
سعيد جليلي من مواليد 1965 في مدينة مشهد، وهو ضليع في اللغة الفرنسية، وحاصل على شهادة الدكتوراه في فرع المعارف الإسلامية والعلوم السياسية من جامعة الإمام الصادق في طهران، وهي جامعة حكومية خاصة لتخريج كوادر النظام، وكان معظم أعضاء حكومة رئيسي من خريجيها. وسعيد جليلي هو صاحب فكرة "حكومة الظل" في إيران، مدافعاً عنها في برامجه ومناظراته الانتخابية. وبحسب موقعه الإعلامي، فإن "حكومة الظل" باشرت العمل منذ 8 سنوات، وفيها 20 فريق عمل متخصصا مكونا من "مديرين مخضرمين واقتصاديين وشباب متخصصين وأساتذة جامعات" في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والإدارية والثقافية، عازياً وجودها إلى السعي لتقديم العون "والخدمة" للحكومة الإيرانية. لكن خصوم سعيد جليلي من السياسيين هاجموا "حكومة الظل"، ومنهم رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي البرلمانية الأسبق، حشمت الله فلاحت بيشه، الذي اعتبر أخيراً أن هذه الحكومة "خيانة للشعب وخدمة لروسيا"، قائلاً إن السياسة الخارجية للحكومة الإيرانية الحالية "تأثرت" بجليلي، متهماً إياه بعرقلة إحياء الاتفاق النووي.
ركز سعيد جليلي على ضرورة العمل على إفشال العقوبات الأميركية
وسعيد جليلي كان كبير المفاوضين الإيرانيين سابقاً. مفاوض عنيد، وسياسي أصولي، تم تعيينه بين عامي 2007 و2013، أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني من قبل الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، فضلاً عن أنه بعد تعيينه أميناً للمجلس بعام، عيّنه المرشد الإيراني علي خامنئي أيضاً أحد ممثليه الاثنين في المجلس. وخلال فترة توليه أمانة مجلس الأمن القومي الإيراني، قاد سعيد جليلي المفاوضات النووية مع المجموعة الدولية خمس سنوات، لكن لم تسجل خلال هذه الفترة نجاحات في حلحلتها، بل زاد الأمر تعقيداً، إذ صدرت ضد إيران ثلاثة قرارات أممية في مجلس الأمن الدولي، فضلاً عن فرض عقوبات أميركية وأوروبية وأممية على إيران. عُزل سعيد جليلي من منصبه أميناً للمجلس الأعلى للأمن القومي، فور فوز الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني بالرئاسة عام 2013، لكنه ظل أحدَ الممثلين الاثنين للمرشد الإيراني في المجلس. وفي عام 2013، عيّنه خامنئي عضواً في مجلس تشخيص مصلحة النظام، وفي عام 2014 عضواً في المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية.
جليلي والعقوبات الأميركية
خلال حملته الانتخابية، ركز سعيد جليلي على ضرورة العمل على إفشال العقوبات الأميركية، من دون الحديث عن رفع العقوبات عبر التفاوض، مؤكداً ضرورة سحب ورقة العقوبات من أميركا، عبر إفشال مفاعيلها من خلال استغلال الطاقات الداخلية وتفعيل القدرات والطاقات في العلاقات الإيرانية مع بقية الدول. أكد سعيد جليلي مراراً أن العالم ليس بلداً أو بلدين، في إشارة إلى الولايات المتحدة، وانتقاده لإصلاحيين ومحافظين معتدلين اعتبروا أن حل مشكلات البلاد الاقتصادية مرتبط بالتوصل إلى تفاهم واتفاق مع واشنطن. وخلال المناظرات الانتخابية، اتهم المرشح مصطفى بور محمدي، سعيد جليلي بعرقلة انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي الدولية، المعروفة اختصاراً باسم "فاتف" (FATF)، التي طالبت إيران بإقرار مشاريع قبل الانخراط في المجموعة، ومنها مشاريع تهدف إلى مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وبعد عدم إقرار تلك المشاريع وُضعت إيران على قائمتها السوداء التي منعت وصولها إلى المصارف والمراكز المالية الدولية في التبادلات النقدية والمالية.