اعتبرت معظم التعليقات الإسرائيلية بشأن نتائج زيارة الرئيس الأميركي جون بايدن إلى الشرق الأوسط أن إسرائيل لم تحقق أهم مطالبها من واشنطن والمتمثل في الالتزام بعدم العودة إلى الاتفاق النووي وتبني سياسة أكثر تشددا إزاء طهران، وأن الزيارة كرست إخراج القضية الفلسطينية من جدول الاهتمامات الإقليمية، في حين بدا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في نظر المعلقين الإسرائيليين، أكبر الرابحين من الزيارة.
وقال عاموس يادلين، الذي شغل سابقا منصب قائد شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، إن إسرائيل لم تحقق ما تريده من الزيارة.
وفي مقابلة أجرتها معه إذاعة "103FM"، لفت يادلين إلى أن ما تحقق على صعيد اندماج إسرائيل في المنطقة خلال الزيارة كان أقل بكثير مما راهنت عليه إسرائيل، مشيرا إلى أن الزيارة لم تفض إلى تحسين قدرة تل أبيب على الانخراط في المنظومة الإقليمية، فضلا عن أن الرئيس الأميركي لم يقبل مطالب إسرائيل بشأن سبل التعاطي مع البرنامج النووي الإيراني.
ولفت إلى أنه على الرغم من أن بايدن أكد التزامه بالعمل على عدم تمكين إيران من الحصول على سلاح نووي وأن واشنطن ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لضمان ذلك، إلا أن الرئيس الأميركي في المقابل لم يطرح خيارا عسكريا "يمكن الوثوق به" كتهديد على الطاولة في حال واصلت طهران برنامجها النووي، فيما عد يادلين بن سلمان الرابح الأكبر من الزيارة.
في المقابل، يرى يادلين أن زيارة بايدن عززت العلاقات الثنائية بين واشنطن وتل أبيب، على اعتبار أن الرئيس الأميركي حرص خلال الزيارة على تأكيد التزامه بتقوية العلاقات الخاصة على المستوى الإستراتيجي وعبر عن حبه لإسرائيل وقدم نفسه على أنه "صهيوني"، مشيرا إلى أن "هذه المواقف تكتسب أهمية خاصة كون بايدن ينتمي إلى الحزب الديمقراطي".
وتبنى محرر الشؤون الدبلوماسية في "هارتس"، ألون بنكس، في مقال نشرته الصحيفة في عددها الصادر اليوم الأحد استنتاج يادلين بأن زيارة بايدن خدمت بشكل أساسي أهداف محمد بن سلمان لأنها ساعدت في تكريس شرعيته ورفع المقاطعة عنه ولم تسهم في اندماج إسرائيل في المنطقة.
أما معلق الشؤون العربية عويد غرانوت، فيرى أن بايدن فشل في إقناع الدول العربية بجدية الولايات المتحدة في مواجهة إيران.
وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" في عددها الصادر اليوم، أضاف غرانوت: "من الواضح أن الخوف من إيران موجود وملموس"، لافتاً إلى أن "الجميع مستعدون للتعاون مع إسرائيل في إنشاء مظلة إنذار ودفاع جوي ضد الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية...، لكن بما أنهم لا يثقون بشكل كامل في الأميركيين، فإنهم يفضلون أن يتم ذلك بهدوء، خلف الكواليس وبدون تصريحات لا داعي لها".
واستخلص غرانوت أنه حتى بعد هذه الزيارة "سيتعين على واشنطن العمل بجد لإقناع شركائها العرب في الشرق الأوسط بأن بايدن مصمم بالفعل على معالجة ملف إيران وملء الفراغ الذي سمح لروسيا والصين بدخول المنطقة، لكني لست متأكدا من أنه سينجح في ذلك".
وفي ما يتعلق بانعكاسات الزيارة على القضية الفلسطينية، أكد الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي في "هآرتس" أن الزيارة أثبتت للفلسطينيين أنهم وصلوا إلى طريق مسدود.
وفي مقال نشرته الصحيفة اليوم، اعتبر ليفي أن الزيارة بمثابة "شهادة وفاة حل الدولتين الذي مات منذ زمن طويل، والآن أصبح خيار الفلسطينيين الاستراتيجي بالاعتماد على الغرب في نضالهم من أجل نيل حقوقهم الوطنية قد مات هو الآخر، هذا الأمل لفظ أنفاسه... فقد وقع بايدن على شهادة الوفاة". وأضاف: "لقد حان الوقت للاستيقاظ من الحلم، أوروبا وأميركا لنا تفعل شيئاً حقيقياً للفلسطينيين للإضرار بإسرائيل".
وأشار معلق الشؤون العربية في قناة "12"، إيهود يعاري، في تعليق بثته القناة الليلة الماضية، إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى إدماج السلطة الفلسطينية في المنتديات الإقليمية التي تبلورت في أعقاب التوقيع على اتفاقات التطبيع، مشيرا إلى أن هذا التوجه الأميركي جاء في أعقاب ضغوط مارسها الأردن.
على صعيد آخر، أوضح يعاري أن أحد الظواهر السلبية التي تكرست خلال زيارة بايدن تمثلت في سعي المزيد من الدول العربية لتطبيع علاقاتها بإيران، مشيرا إلى إعلان الإمارات عن تعيين سفير لها في طهران وحرص مصر على التقارب معها.