رسائل متبادلة للمنطقة العازلة بين غزة ومصر تنفيذاً لتفاهمات القاهرة

30 يونيو 2017
جرافة تشارك بتسوية الأرض (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
انطلقت ورشة تسوية للأرض على الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية، تنفيذاً للتفاهمات الأخيرة التي جرى التوصل إليها بين قياديين من حركة "حماس" والسلطات المصرية، بعد قطيعة لأربع سنوات، تخللها كثير من التوتر. وتقوم جرافات كبيرة تابعة لوزارة الداخلية في حكومة "حماس" بعمليات تسوية الأرض، ونقل الرمال عبر شاحنات إلى مناطق أخرى، لتسهيل عملية المراقبة كمرحلة أولى يتوقع أن يتبعها تركيب كاميرات وأبراج مراقبة وشبكات إضاءة لتسهيل السيطرة على الحدود.

وكان القيادي في حركة "حماس"، محمود الزهار، قد أزال الشكوك حول ما يحكى عن اتفاق ما بين قيادة الحركة، والسلطات المصرية والقيادي الأمني المطرود من حركة فتح، محمد دحلان، فأكد وجود اتفاق بالفعل، وذلك خلال برنامج على قناة الجزيرة يوم الأربعاء. وقال الزهار إن اتفاق القاهرة مع السلطات المصرية ومع دحلان ينصّ على تفعيل المجلس التشريعي وإدخال الوقود والدواء إلى غزة، كاشفاً أن السلطات المصرية تجري حالياً إصلاحات على معبر رفح البري، لدخول الأفراد والبضائع، "ومن المتوقع أن تنتهي عمليات الصيانة قبل عيد الأضحى" على حد تعبيره. وطمأن إلى أن "حماس لا تسمح بأي حالة أمنية في غزة تضر بالمقاومة الفلسطينية"، لافتاً إلى أنه بالإمكان "أن نبدأ بالتبادل التجاري مع مصر بمليار دولار ويمكن أن يصل حجم التبادل إلى 7 مليارات".

وكانت هذه الحدود بين القطاع ومصر، حتى وقت قريب، منبعاً لعمليات التهريب التي أنقذت غزة من أزماتها الإنسانية قبل أن يتم تدمير الأنفاق فيها عقب الانقلاب العسكري في مصر وسيطرة الجيش مرة أخرى على مقاليد الحكم، وإسقاط حكم الرئيس محمد مرسي. وستكون المنطقة التي يجري تجهيزها حالياً على قدم وساق، بعمق مائة متر في الأراضي الفلسطينية وطول 12 كيلومتراً، على طول الشريط الحدودي. وتقول وزارة الداخلية في غزة إنها خطوة في "إطار الإجراءات الأمنية لضبط الحدود الجنوبية مع القطاع".

ويؤكد وكيل وزارة الداخلية في غزة، توفيق أبو نعيم، الذي كان أحد المحاورين للسلطات المصرية في زيارة الوفد الأخير للقاهرة، أن "هذه الإجراءات تأتي في سياق نتائج الزيارة الأخيرة للوفد الأمني لجمهورية مصر والتفاهمات التي تمت في هذا الإطار خلال الشهر الحالي". ويلفت إلى أن إجراءات ضبط الحدود ستستمر حتى تحقيق السيطرة التامة على الحدود الجنوبية مع مصر، ومنع التسلل والتهريب بشكل كامل. ولم يغفل المسؤول الأمني البارز في "حماس" توجيه رسائل طمأنة للسلطات المصرية بقوله إن "الأمن القومي المصري أمن قومي فلسطيني"، وفق تعبيره.


وبادرت "حماس" بالرد على "حسن النوايا" المصرية بخطوة المنطقة العازلة، وكأنها تستدرج مزيداً من التسهيلات المصرية للقطاع الساحلي المحاصر، والذي وصلت فيه الحياة إلى مستوى بالغ الصعوبة، وأضحت أوضاعه الإنسانية والاجتماعية والصحية والاقتصادية في حالة موت سريري. ووصلت في الأيام الماضية عشرات الشحنات من "السولار" المصري المدفوع ثمنه مسبقاً إلى قطاع غزة، وجزء منه لمحطة توليد الكهرباء التي كانت متوقفة، إضافةً إلى المحطات التجارية لبيعه لعموم المواطنين، وبأسعار أقل من ذلك الذي يأتي من الجانب الإسرائيلي.

لكن الاختبار الأهم في العلاقة يبقى معبر رفح البري، المغلق منذ ثلاثة أشهر على الأقل، ذلك أنّ فتحه بشكل مستمر وبعمل انسيابي سيكون إشارة واضحة على تغيّر التعامل المصري مع "حماس" وسكان قطاع غزة المحاصرين، وهو الذي تراهن عليه الحركة الفلسطينية حالياً، والتي تقول إنّ مصر تجري عمليات صيانة موسعة للمعبر وتحتاج إلى نحو شهرين لإنهاء هذه الأعمال ومن ثم فتحه.

في هذا السياق، اعتبر الباحث السياسي، ثابت العمور، أن الذي يجري على الحدود هو تنفيذ عملي لما تم الاتفاق عليه في القاهرة بين وفد "حماس" والاستخبارات المصرية العامة، وهو أمر له عدة دلالات أولها سرعة استجابة الحركة للمطالب المصرية.

وإنشاء المنطقة العازلة نوع من الاختبار لمرونة واستجابة "حماس" أمنياً وعسكرياً، وفق حديث العمور لـ"العربي الجديد"، والذي يشير إلى أن "إقامة منطقة عازلة لمسافة 100 متر لا جدوى منها ولا تبعات لها إطلاقاً، لأنه في حال أراد سلفيو سيناء التسلل إلى غزة أو منها، فلن تمنعهم المنطقة العازلة من تحقيق ذلك، لكن إقامتها هو برهان عملي على استجابة حماس فقط لا أكثر"، وفق قوله. وأشار إلى أنه كان يفترض إقامة منطقة تجارة حرة أو منطقة اقتصادية على الحدود، قبل المنطقة العازلة، لكن المفارقة أنّ التعاطي مع الملف الفلسطيني لا يزال محكوماً بالبعد الأمني فقط على حساب البعدين الاقتصادي والسياسي، بحسب تعبير العمور.


المساهمون