دوافع صمت بعض خصوم الحوثيين عن الغارات على اليمن

14 أكتوبر 2024
آثار الهجوم الإسرائيلي على الحديدة، 30 سبتمبر الماضي (محمد حمود/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تشهد الأجواء اليمنية غارات جوية متكررة من الطيران الأميركي والبريطاني والإسرائيلي، مستهدفة مواقع الحوثيين لحماية الملاحة الدولية، مما يثير ردود فعل متباينة في اليمن.
- أطلقت الولايات المتحدة وبريطانيا عملية "سهم بوسيدون" مستهدفة خمس مدن يمنية، وأدان التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري هذه الغارات، بينما شن الطيران الإسرائيلي غارات على الحديدة، مما أثار إدانة واسعة.
- يرى المحللون أن غياب المواقف الواضحة من بعض القوى اليمنية يعود لتماهيها مع الموقف السعودي، بينما تُعتبر الغارات الأميركية والبريطانية شرعية قانونياً، وتُدان الغارات الإسرائيلية بشكل واسع.

الأجواء اليمنية مستباحة من قبل الطيران الأميركي والبريطاني والإسرائيلي، الذي يشن بين الحين والآخر غارات جوية تستهدف المدن اليمنية تحت مبرر استهداف مواقع تابعة لجماعة الحوثيين من أجل تأمين وحماية طريق الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب والرد على الهجمات التي تنفذها الجماعة على أهداف داخل إسرائيل. والملاحظ هو تباين مواقف القوى السياسية اليمنية من هذه الغارات، إذ تُقابل بإدانة بعض الأطراف، في حين أن بعض الأطراف الفاعلة في الساحة اليمنية تُقابل هذه الغارات بصمت مطبق.

"سهم بوسيدون" لاستهداف الحوثيين

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي بدأ الطيران الأميركي والبريطاني شن هجمات على الأراضي اليمنية لاستهداف جماعة الحوثيين في إطار العملية التي أطلق عليها اسم "سهم بوسيدون"، واستهدفت الغارات الجوية خمس مدن يمنية، أبرزها صنعاء والحديدة. لم تعلق القوى السياسية اليمنية المناهضة للحوثيين على هذه الغارات باستثناء التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، الذي أصدر يومها بياناً دان فيه "بأشد عبارات الإدانة الانتهاك السافر للسيادة الوطنية لليمن من خلال عدوان غاشم نفذته القوات الأميركية والبريطانية طاول مناطق متعددة في خمس محافظات يمنية". وأشار إلى أن الإصرار على مواصلة العدوان وانتهاك السيادة اليمنية من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا يقدّم دليلاً جديداً على دعمهما للعدو الصهيوني والدفاع عنه، ولو أُشعلت المنطقة كلها بالحروب".

سنحان سنان: القوى السياسية تخلّت عن مسؤولياتها لأن الحرب أنتجت قوى عسكرية أصبحت هي الفاعل والمؤثر

وفي يوليو/تموز الماضي، شنّ الطيران الإسرائيلي غارات جوية استهدفت مدينة الحديدة، غربي اليمن، وهي الغارات التي دانها التحالف الوطني للأحزاب والقوى السياسية اليمنية (يضم أحزاباً سياسية أبرزها المؤتمر والإصلاح والاشتراكي والناصري)، "بأشد عبارات الإدانة والاستنكار". وأكد التحالف في بيان الدعم الكامل لموقف الحكومة الشرعية وتعزيز موقفها في حمل القضية الوطنية والدفاع عن السيادة اليمنية، مجدداً في الوقت نفسه رفضه "رهن مصير اليمن بيد المليشيات الانقلابية الحوثية المدعومة من إيران التي تستخدمها كذراع لقتل اليمنيين وتدمير مقدرات الدولة ومكتسباتها الاقتصادية، والقيام بأعمال خارج الإجماع الوطني، والزج بالشعب اليمني في معارك عبثية خدمة لمصالح النظام الإيراني ومشروعه التوسعي في المنطقة".

وفي مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حمّل تحالف الأحزاب "الكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات جراء غاراته الجوية الجديدة على الأراضي اليمنية، بما في ذلك مخاطرها في تعميق الأزمة الإنسانية". كما حمّل "المليشيات الحوثية المسؤولية عما يجري على البلاد ومصالح المواطنين جراء التصعيد غير المسؤول في ممرات الملاحة الدولية".

في المقابل، يُعدّ المجلس الانتقالي الجنوبي، والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، من أبرز القوى التي التزمت الصمت حيال الغارات الأميركية والبريطانية والإسرائيلية على اليمن، والتي انتهكت السيادة اليمنية واستهدفت البنية التحتية، ما يثير التساؤلات عن عدم إدانة هذه الغارات.

وعن ذلك، قال المحلل السياسي سنحان سنان، لـ"العربي الجديد"، إن "غياب المواقف الواضحة من الغارات الأميركية والبريطانية والصهيونية هو بسبب تماهي القوى السياسية مع الموقف الرمادي للسعودية، على الرغم من توحد الموقف الشعبي في اليمن ضد العدوان الصهيوني على اليمن وعلى البلدان العربية". واعتبر أن "القوى السياسية اليمنية تخلّت عن مسؤولياتها داخلياً وخارجياً، وذلك لأن الحرب أنتجت قوى عسكرية خارج سياق السياسة، وأصبحت هذه القوى هي الفاعل والمؤثر مع صدأ وترهل الأحزاب التاريخية في اليمن، لكن هذا الغياب السلبي وصل إلى مرحلة مسّت الثوابت التاريخية لليمن بعمقه العربي المسلم". وأضاف أن "القوى السياسية اليمنية تنتظر الضوء الأخضر الأميركي لدول التحالف العربي للمضي قدماً في إجراءات التهدئة والحل السياسي، لكن هذا الانتظار يجعل حل الأزمة اليمنية مرتبطاً بما ينتج عن اللحظة الإسرائيلية المسعورة التي تنطلق بدعم وغطاء أميركي غربي خدمة للأجندة الإسرائيلية فقط".

حسام ردمان: من غير المنطقي المساواة بين الغارات الأميركية والبريطانية والغارات الإسرائيلية

من جهته، رأى الباحث السياسي في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية حسام ردمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "من غير المنطقي المساواة بين الغارات الأميركية والبريطانية والغارات الإسرائيلية، لسبب بسيط هو أن عملية (سهم بوسيدون)، التي قادتها الولايات المتحدة وبريطانيا في اليمن جاءت بقرار دولي، وبقرار من مجلس الأمن، وبالتالي قانونياً هي شرعية، ولهذا لم تكن هناك إمكانية لإدانتها، أما الهجمات الإسرائيلية على اليمن والتي حصلت في مناسبتين فقد حظيت بإدانة واسعة".

وأشار إلى أنه "في المرة السابقة حين تم استهداف الحديدة في يوليو الماضي كانت هناك إدانات سواء من الحكومة الشرعية أو القوى السياسية، وفي المرة الأخيرة كانت هناك إدانة أيضاً من قبل الحكومة الشرعية التي تمثل كل الأحزاب بطبيعة الحال، ولكن الأكيد أن الأحزاب اليمنية لن تدين كل عملية قصف". ولفت إلى أن "الموقف السياسي للأحزاب أن هذا العدوان الإسرائيلي على اليمن غير مقبول، وفي الوقت نفسه أن هذا العدوان جاء عقب مغامرات حوثية غير محسوبة أودت بنا إلى هذا المنعطف، بالتالي كانت هناك دائماً إدانة نستطيع تسميتها إدانة مزدوجة، من جهة إدانة العدوان الإسرائيلي ومن جهة أخرى إدانة الحوثيين الذين يقدمون على مغامرات غير محسوبة استراتيجياً وتودي بنا إلى مثل هذا المنعطف". ولكنه رأى أن "الموقف في معسكر الشرعية اليمنية سواء من خلال الموقف الحكومي الرسمي أو من خلال الموقف الحزبي هو واضح حيال الضربات الإسرائيلية، ولكن الموقف من الضربات الأميركية مختلف، لأن هذه الضربات جاءت بقرار من مجلس الأمن، أصدر في يناير/ كانون الثاني".

وعن علاقة ذلك بانتظار حلول خارجية للأزمة اليمنية، قال ردمان إن "هناك أطرافاً يمنية كانت تعتقد أن تحوّل الحوثيين إلى قوة مهددة للأمن الإقليمي قد يولّد نوعاً من تغير ميزان القوى الاستراتيجي يصب في مصلحة الشرعية، ولكن أعتقد أن جميع القوى السياسية توصلت إلى قناعة بأنه لن تكون هناك أي معجزات نتيجة هذا التدخّل للحوثيين، وبالتالي ليس هناك أي انتظار في هذه اللحظة لأي متغيّر خارجي بالنسبة للشرعية، ولكن هذا لا ينفي أن المتغيرات الأخيرة التي حصلت منحت الشرعية نوعاً من هامش المناورة الاستراتيجية بعد أن كانت تُساق إلى موضوع خريطة الطريق التي كانت تصب في مصلحة الحوثيين حصراً".


 

المساهمون