خلاف جديد يهدد استئناف مشاورات القاعدة الدستورية في ليبيا: عودة إلى المربع الصفر؟

24 يناير 2023
انتقادات لتقلّب مواقف عقيلة صالح (دينيس باليبوز/ فرانس برس)
+ الخط -

نفى عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي، إدريس أبو فايد، قبول أعضاء المجلس في لجنة المسار الدستوري الدعوة الموجهة إليهم من مجلس النواب لاستئناف المشاورات حول القاعدة الدستورية للانتخابات، عازياً ذلك إلى "مراوغة وعدم جدية رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح الذي انقلب على اتفاقه مع رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، الذي أعلناه سابقاً من القاهرة".

وأكد أبو فايد في تصريح لـ"العربي الجديد" اليوم الثلاثاء أن ذلك "لا يُعَدّ رفضاً لمبدأ الحوار"، بل بسبب "تقلّب آراء عقيلة صالح وتصريحاته"، مضيفاً: "إن وُجهت دعوة أخرى أكثر توازناً، يحدد فيها مكان الاجتماع وزمانه، فمن الممكن قبولها".

وتابع أبو فايد الذي يشارك كعضو في لجنة المسار الدستوري عن المجلس الأعلى للدولة، قائلاً: "لقد رجع بنا صالح إلى المربع الأول، عندما نفى كل ما اتفق عليه مع المشري، كذلك فإن الرجل متذبذب، فتارة يتحدث عن القاعدة الدستورية التي تفاوضت حولها اللجنة في اجتماعات القاهرة، وتارة أخرى عن اعتماد الإعلان الدستوري كقاعدة انتخابية، فبشكل عام حديث صالح لا ينبئ بخير، وأسهم في تعميق أزمة الثقة بين المجلسين واستبعاد أي توافق قريب".

وأوضح أبوفايد الفرق بين تفاهمات لجنة المسار الدستوري، واتفاق صالح والمشري، قائلاً: "اجتماعات لجنة المسار في القاهرة تمّ من خلالها تعديل عدة مواد في مشروع الدستور المقدم من الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، على أن تكون النتيجة قاعدة دستورية تنظم على أساسها الانتخابات. أما ما اتفق عليه صالح والمشري، فأساس دستوري يتكون من 66 مادة، ويختلف تماماً عمّا اتفقت عليه لجنة المسار في القاهرة".

وأضاف: "مع كل ذلك، فقد عقدنا جلسة تشاورية خلال المدة الماضية، وتناولنا المواد الـ 66 بالنقاش، وكان من المفترض إنهاء النقاش حولها، ثم التصويت عليها في جلسة لاحقة، ولكن، بعد تراجع صالح، لم يعد هناك معنى للاجتماع، فقد عاد بنا صالح إلى المربع الأول، وأصبحت الرؤيا أكثر قتامة".

ولم يستبعد أبو فايد أن يكون تنصل صالح من اتفاقه مع المشري في القاهرة راجعاً إلى ضغوط تعرّض لها، ورجّح زيادة في تأزم الوضع بخصوص الانتخابات وكل القضايا العالقة.

وفي ظل هذه المستجدات، توقّع أبو فايد استمرار الوضح الحالي كما هو عليه في الملفات الثلاثة العالقة (قاعدة الانتخابات، والمناصب السيادية، وتغيير السلطة التنفيذية) موضحاً أن المشري "مستعد للتفاوض مع صالح حول الحكومة والمناصب السيادية، ولديه رغبة في ذلك". وشدد على ضرورة المضي في الملفات الثلاثة بالتزامن، وإلا فسيتعرقل كل شيء في حال المضي بملف الحكومة منفرداً، على حد قوله.

وكان رئيس فرق مجلس النواب بلجنة المسار الدستوري، عبد الهادي الصغير، قد وجه، الأربعاء الماضي، دعوة إلى المجلس الأعلى للدولة لاستئناف مشاورات المسار الدستوري، وترك للجنة تحديد مكان الاجتماع وزمانه، قبل أن يؤكد لـ"العربي الجديد"، الخميس الماضي، استجابة مجلس الدولة للدعوة.

ومنذ يونيو/ حزيران الماضي توقفت اجتماعات لجنة المسار الدستوري في القاهرة بعد الانتهاء من وضع "القاعدة الدستورية" للانتخابات، مستثنية شرطين من شروط الترشح للانتخابات، جرى حولهما خلاف كبير بين ممثلي المجلسين في اللجنة، وهما أحقية العسكريين ومزدوجي الجنسية في الترشح، وقررت إحالة البت فيهما على رئيسي المجلسين، عقيلة صالح وخالد المشري، لكن الأخيرين اجتمعا في العاصمة التركية، نهاية يونيو/ حزيران، دون أن يفصلا في الشرطين.

وفي الخامس من يناير/ كانون الثاني الجاري، أعلن صالح والمشري، من القاهرة، اتفاقهما على وثيقة دستورية للانتخابات، وطلبا من لجنة المسار الدستوري إحالة الوثيقة على المجلسين من أجل التشاور والموافقة حول موادها، في ظل ترجيحات لإمكانية حسم شرطَي الترشح الخلافيين عبر استفتاء عام.

وجاءت دعوة مجلس النواب لمجلس الدولة لاستئناف مشاورات لجنة المسار الدستوري، بعد أقل من يومين من رجوع الخلافات بين صالح والمشري. فبعد أن وصف صالح، خلال كلمة له في اجتماع مجلس النواب الثلاثاء الماضي، اتفاقه مع المشري، المعلن في القاهرة، بـ"اللفظي فقط"، واعتبر أن مجلس النواب جسم "استشاري" ولا يحق له "إصدار وثيقة دستورية"، وأن مجلس النواب "هو الجسم التشريعي الوحيد في ليبيا"، ردّ المشري بتغريدة على حسابه، مفادها أنّ "من أراد التوافق فيده ممدودة، ومن أراد خلافه فلن يحصد إلّا سوء نياته".

وخلال كلمته طلب صالح تشكيل لجان برلمانية، منها لجنة لوضع تصور للقاعدة الدستورية، وأمهل المجلس الأعلى للدولة 15 يوماً للرد على مجلس النواب بشأن ملف القاعدة الدستورية للانتخابات.

وفي تصريح جديد، الأحد الماضي، هاجم عقيلة صالح المجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، واتهمهم بالسعي لتعطيل المسار الدستوري المفضي إلى الانتخابات.

وأكد صالح، في لقاء متلفز مع قناة "المسار"، المقربة منه، أن مجلس النواب "سيعد قاعدة دستورية" للانتخابات دون إشراك المجلس الأعلى للدولة، في حال تجاوز الأخير المدة المحددة له بـ15 يوماً.

وذكر صالح أن ما اتفق مع المشري عليه في القاهرة هو "انعقاد لجنة المسار الدستوري" المشكلة من المجلسين للنظر في القاعدة الدستورية التي اتفقت عليها اللجنة خلال أعمالها في القاهرة منتصف العام الماضي، مضيفاً أن وعود مجلس الدولة "أقوال دون أفعال، ولن نقبل بأن نكون تحت رحمته".

وأكد صالح ضرورة تشكيل حكومة موحدة في البلاد، كاشفاً النقاب عن تقديم مجلس النواب مقترحاً للبعثة الأممية "حول آليات تشكيلها"، مشيراً إلى أن فرصة التوافق مع مجلس الدولة حول تشكيل حكومة جديدة "لا يزال قائماً".

وفيما شدد صالح على انتهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية، هاجم أيضاً المجلس الرئاسي، مشيراً إلى أنه "لم يقم بمهامه ولم يُجرِ الانتخابات والمصالحة الوطنية التي هي من صميم عمله".

المساهمون