خاص | انقسام بين الفصائل العراقية حول استئناف التصعيد ضد الأميركيين

خاص | انقسام بين الفصائل العراقية حول استئناف التصعيد ضد الأميركيين

27 ابريل 2024
عناصر من "الحشد الشعبي"، بغداد، فبراير الماضي (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الفصائل العراقية الحليفة لإيران منقسمة حول استئناف العمليات ضد المصالح الأميركية، رغم ضغوطات رئيس الوزراء للحفاظ على الهدنة.
- حوادث أمنية ضد مواقع أميركية تشير إلى توترات مستمرة، فيما العراق وأمريكا يوقعان اتفاقيات تعاون دون خطوات لتقليص الوجود الأميركي.
- الحكومة العراقية والأطراف السياسية تسعى لمنع تصعيد عسكري وتحافظ على التهدئة، وسط خلافات بين الفصائل وتأثير إيراني يعقد الوضع.

كشفت مصادر عراقية لـ"العربي الجديد"، عن وجود انقسام في مواقف الفصائل العراقية الحليفة لإيران بشأن استئناف العمليات العسكرية ضد المصالح والأهداف الأميركية في العراق وسورية، مع استمرار الحراك والضغط من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للحفاظ على الهدنة بين الفصائل والأميركيين. وسجل العراق وسورية في الأسبوع الحالي حادثين أمنيين ضد مواقع أميركية، بعد عودة السوداني من واشنطن، الأسبوع الماضي، من دون أن تسفر مباحثاته عن أي إعلان عن إنهاء الوجود الأميركي أو تقليصه في العراق، فيما وقّع الطرفان العراقي والأميركي سلسلة اتفاقيات حملت عنوان "الشراكة الثنائية" في مجالات أمنية وعسكرية واقتصادية ومالية مختلفة.

وكشف مسؤول أميركي، الاثنين الماضي، بحسب وكالة "رويترز"، عن تعرّض قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، غربي العراق، التي تضم قوات أميركية، لهجوم بطائرة مسيّرة من دون وقوع إصابات أو أضرار. والأحد الماضي، تم استهداف قاعدتي حقل العمر وخراب الجير في سورية بعدد من الصواريخ انطلقت من قرية حمد أغا في ناحية زمار، شمال غربي الموصل، التي تقع تحت السيطرة الأمنية لهيئة الحشد الشعبي.


كشف مصدر حكومي عن احتواء تحرك لفصيل ضد الأميركيين

وقال مسؤول حكومي بارز في بغداد، أمس الجمعة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "تحركات فردية من فصيل مسلح تجاه القوات الأميركية في العراق وسورية تم احتواؤه خلال ساعات قليلة من خلال اتصالات للحكومة مع أطراف مختلفة داخل العراق". وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "فصيلاً واحداً قرر التحرك بشكل منفرد ضمن ما يسميه الرد على عدم حسم الوجود الأميركي في زيارة السوداني إلى واشنطن، لكن تم احتواء الموضوع ووقف التصعيد، من خلال التنسيق مع أطراف عراقية وأخرى إيرانية بشأن الحفاظ على التهدئة داخل العراق وأيضاً سورية"، مؤكداً أن "الهجمات التي تنفذها تلك الفصائل من الأراضي السورية على أهداف للاحتلال الإسرائيلي بين وقت وآخر لا علاقة للعراق بها".

ودخلت فصائل المقاومة العراقية هدنة مع الجانب الأميركي إثر اغتيال القيادي في كتائب حزب الله العراقية أبو باقر الساعدي قبل أكثر من شهرين، ولم تنفذ الفصائل العراقية أي عملية ضد المصالح الأميركية في البلاد منذ تلك الفترة، على الرغم من استمرار نشاط الطيران الأميركي المسيّر في الأجواء العراقية، خصوصاً في بغداد والأنبار وإقليم كردستان.

من جهته، قال قيادي بارز في كتائب سيد الشهداء، لـ"العربي الجديد"، إن "عدم تحقيق وعود السوداني للفصائل بشأن نتائج مُرضية حول الوجود الأميركي في العراق ستتحقق بعد زيارة الولايات المتحدة، سبّب انقساماً بالمواقف بين استئناف الهجمات أو الاستمرار بالهدنة". وبيّن القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "العمليات العسكرية التي استهدفت الأميركيين في قاعدة عين الأسد وسورية، الأسبوع الماضي، لم تكن من قبل المقاومة الإسلامية في العراق، بل هي عمليات نُفذت من دون أي تنسيق بين أي من الفصائل، ويمكن اعتبارها تصرفاً فردياً من إحدى جماعات المقاومة".

وأضاف القيادي أن "السوداني وبعض قادة الإطار التنسيقي تحركوا نحو قادة الفصائل العراقية من أجل الضغط والحث على استمرار الهدنة، باعتبار أن عودة العمليات سيكون لها تأثير على نتائج زيارة السوداني الأخيرة إلى واشنطن وعلى حوارات تقول الحكومة إنها لم تنته بعد بشأن ملف إنهاء دور التحالف الدولي في العراق، ولهذا الجميع عملوا على التهدئة، لكن ربما هي مؤقتة ويتم كسرها من قبل بعض الفصائل مجدداً، كونها لمست عدم وجود أي جدية بحسم ملف إخراج الأميركيين".


عائد الهلالي: كل الأطراف السياسية والحكومة تعمل على منع الفصائل من أي تصعيد 

من جهته، رأى عضو "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق عائد الهلالي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "كل الأطراف السياسية وكذلك الحكومة تعمل على استمرار التهدئة ومنع الفصائل من أي تصعيد عسكري ضد الأميركيين، لما لذلك من تداعيات قد تدفع إلى ذهاب الأمور الأمنية نحو منعطف خطير يخرج عن السيطرة". وكشف الهلالي أن "الحراك الحكومي على مختلف الأصعدة متواصل من أجل الضغط على الفصائل العراقية لمنعها من التصعيد ضد الأميركيين، والعمليات الأخيرة ضد الأميركيين لم يتم تبنيها من أي فصيل مسلح، وهذا يؤكد أن الجميع مع التهدئة وعدم التصعيد لمنع أي إحراج للحكومة ولمنع أي تأثيرات على مفاوضات إنهاء كل الوجود الأجنبي من العراق".

وأضاف الهلالي أن "الحكومة والأطراف السياسية في الإطار التنسيقي على تواصل مع قادة الفصائل، والمؤكد أن تلك الفصائل هي داعمة للسوداني وحكومته وهي لا تريد أي أعمال تؤثر على الاستقرار السياسي والحكومي، ولهذا التهدئة مستمرة. وما حصل ربما يكون ضمن رسائل الضغط على الجانب الأميركي وكذلك الجانب العراقي للإسراع بحسم مفاوضات إخراج القوات الأميركية، وعدم التسويف بهذا الملف، الذي يعد أولوية للفصائل وقوى الإطار".

في المقابل، أشار المحلل السياسي محمد علي الحكيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الخلافات بين الفصائل المسلحة ليست جديدة بل اندلعت منذ بدء العمليات العسكرية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فهناك بين الفصائل من رفض الدخول في أي صراع مسلح مع الأميركيين خشية فقدان النفوذ السياسي، وهناك من عمل على التصعيد، لكن حتى تلك التي اتخذت قرار التصعيد مختلفة في ما بينها".

وأوضح الحكيم أن "الفصائل العراقية مهما اختلفت في ما بينها، فهناك ضابط لإيقاعها وهي طهران، فطهران لا يمكنها السماح بتوسعة الخلافات، كما أن هناك توجيهات إيرانية سرية لبعض الفصائل تختلف عن الفصائل الأخرى المنضوية في ما يسمى المقاومة الإسلامية في العراق أو ما يسمى هيئة تنسيقية المقاومة، فإيران أحياناً تعطي رسائل عبر فصائل محددة، والعمليات الأخيرة في الأسبوع الماضي ربما هي رسائل إيرانية أكثر مما هي رسائل من الفصائل نفسها". وأضاف الحكيم أن "أحداث غزة كشفت زيف الكثير من مدعي المقاومة من الفصائل والقوى السياسية ضمن الإطار التنسيقي، ولهذا انقسام الفصائل أمر طبيعي، وربما إيران تريد هذا الانقسام بشكل محدود، حتى لا تكون هناك رؤية موحدة قد تعطي لهذه الفصائل قوة في اتخاذ القرارات وفق المصالح العراقية".