ينتظر مليونا فلسطيني في قطاع غزة الساحلي المحاصر، خطوات حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التالية عقب تعثر جهود الوصول إلى اتفاق تهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، وجمود المصالحة الحالي، والشروط الموضوعة من قبل كل الأطراف لحل الأزمات الإنسانية والمعيشية المتراكمة.
وكان قائد "حماس" في غزة، يحيى السنوار، أعلن في وقت سابق أنّ "حركته وفصائل المقاومة اتخذت قراراً بكسر الحصار عن قطاع غزة بكل الوسائل الممكنة"، مؤكداً أنهم "اتخذوا قراراً بكسر الحصار بعز عزيز أو ذل ذليل، وسنفرض ذلك بكل الوسائل الممكنة". وتبدو الحركة في وضع لا تحسد عليه، نتيجة الأزمات القاسية ومحاولات كثير من الأطراف تحريض الفلسطينيين عليها، لكن أمامها فرصا عدة للخروج من هذا المأزق، علماً أن قادتها يتجنبون في هذا الوقت إعلان خياراتهم المقبلة.
ووفق مصادر في غزة، فإنّ "وفداً من حماس سيزور القاهرة منتصف الشهر الحالي، وسيسبقه إلى هناك وفود من الجبهتين الشعبية والديمقراطية وحركة فتح، وسيتركز البحث على تفعيل المصالحة الفلسطينية ومن ثم ملف التهدئة، لكن دون هذه اللقاءات عوائق كبيرة وكثيرة".
وقال القيادي في حركة "حماس"، النائب عنها في المجلس التشريعي يحيى موسى لـ"العربي الجديد"، إنّ "واقع الأمور والأحداث في القطاع حالياً يسير نحو التصعيد، خصوصاً أن الاحتلال في حالة بازار انتخابي والمسؤولين في دولة الاحتلال أعينهم على الكرسي". وأوضح أن "الاحتلال ورغم المراوغة التي يقوم بها إلا أنه لم يجد حلاً سحرياً في التعامل مع مجريات الأحداث وتطوراتها في القطاع، وبالتالي إن فشل وتعثر جهود التهدئة سيساهم في تصعيد الأحداث خصوصاً أن الاحتلال لا يفكر إلا بهذه الطريقة".
وأضاف موسى أن "الحالة القائمة حالياً في غزة ليست جديدة، فمنذ أشهر وإلى اليوم هناك حالة صراع مفتوحة على كل الخيارات مع الاحتلال على الحدود، والأحداث تتصاعد فترة وتخفت فترة ويتم تطويقها من خلال جهود دولية أو تنفلت منها تارة". وأعاد ذلك إلى "الحالة الناتجة عن انتفاض الغزيين من أجل إنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم للعام الثاني عشر على التوالي، إضافةً إلى أن التفاؤل والتوقعات العالية التي صاحبت الجهود الدولية جعلت الأمر يبدو وأن التهدئة قريبة".
ونوّه كذلك إلى "تصعيد فعاليات مسيرات العودة خصوصاً بعد نصب الخيام قرب شواطئ منطقة زيكيم من الجانب الفلسطيني"، موضحاً أنّ "ذلك أمر منطقي لأن لكل فعل رد فعل وكلما ضيق الاحتلال كان رد الفعل أكبر". وشدّد موسى على أنه "بات واضحاً أن الاحتلال يتلاعب بالوقت من أجل ابتزاز المقاومة وتحصيل تنازلات متعلقة بأسراه ومتعلقة بقضايا أخرى، في الوقت الذي كان موقف حماس واضحا بفصل جميع المسارات عن بعضها البعض، وأي تهدئة مع الاحتلال هي غير مشروطة بأي سقف سياسي، لكن الواقع الميداني يدلل على أن الأحداث كلها مقبلة على التصاعد وعلى الجميع إيجاد حل".
من جانبه، رأى المحلل تيسير محيسن في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "التوصيف الحالي للمشهد يعكس وجود تراجع للخطوات التي بدئ بها بشأن مسار التهدئة لأسباب عدة، سواء أسباب متعلقة بموقف الوسيط المصري أو الاحتلال الإسرائيلي أو غياب قوة الإرادة الدولية لفرض التهدئة".
واعتبر أن "المشهد يتجه إلى حالة اللا سلم واللا حرب، وهو ما يعني أن الأمور قد تنحصر في تصعيد ميداني في حالة الاشتباك بوتيرة متدرجة، ولا تصل إلى حد انهيار الحالة الأمنية في القطاع والتي من شأنها أن تتسبب في عدوان شرس، وفي نفس الوقت عدم الركون إلى ما جرى من سرقة للوقت ضمن مباحثات التهدئة".
ولفت إلى أنّ "الرئيس محمود عباس وحركة فتح أديا دوراً كبيراً في إحباط هذه المساعي والتي كانت لا تخدم الرؤية الإجرائية الخاصة بملفي المصالحة والتهدئة، وعملوا على عدم إنجاح الجهود المصرية الرامية للوصول إلى اتفاق ينهي حصار غزة".
ولفت إلى أنّ "الأطراف المختلفة أرادت إفقاد المقاومة وحماس أهم ورقة ضغط وتمرير الوقت للوصول إلى فترة زمنية تعجز، وتكون قوة الفعل الميداني للحراك الشبابي على الحدود الشرقية باهتة في ظل دخول فصل الشتاء وصعوبة استخدام الطائرات الورقية الحارقة".
وأكد على أنه "لا مفر ولا يوجد هناك مسار أو فعل يمكن أن يرد على الانتكاسة الحاصلة في جهود التوصل لاتفاق التهدئة إلا عبر التصعيد سواء تصعيد الجبهة من خلال مسيرات العودة وحالة الاشتباك والتصعيد المنظم والقوي، من خلال استحداث نقاط إضافية كنقطة زيكيم البحرية والتي من شأنها إحداث ارباك إضافي لدى الاحتلال".
ونوّه إلى "وجود خيار ثالث يتمثل في تشكيل حكومة وحدة وطنية لإدارة شؤون قطاع غزة وتتصدر المشهد في رعاية أزمات الناس وشؤونهم، خصوصاً أن الرغبة في الذهاب لحرب مفتوحة مع الاحتلال هو الخيار الأسوأ، ومن دون الضغط على الاحتلال لا يمكن تحقيق الإنجاز والمطلوب هو سياسة اللا حرب واللا سلم وسياسة الإشغال الدائم للاحتلال كونها الخيار الأفضل حالياً".