لا تزال مسارات حلحلة أزمة ملف الانتخابات في ليبيا متضاربة، وسط خلافات مستمرة بين الأجسام السياسية كافة، في وقت تستعد حكومة الوحدة الوطنية لحشد توافق واسع لمسودة قاعدة دستورية بعرضها للحوار مع الشرائح المجتمعية كافة.
وقال رئيس اللجنة الوطنية لتنفيذ خطة "عودة الأمانة للشعب"، التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، أشرف بلها، إن "اللجنة تعمل على عرض مسودة قاعدة قانونية انتخابية على شرائح المجتمع، من أجل خلق حال توافقية واسعة".
وأشار بلها في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن "المسودة تقبل التعديل وإعادة الصياغة، على أن تكون التعديلات في اتجاه التوافق وحماية الوحدة الوطنية"، مؤكداً أن لجنته ستتحاور مع كل الشرائح والمكونات والكيانات السياسية والاجتماعية والعلمية، والنقابات والنشطاء ومنظمات المجتمع المدني في كل ليبيا، بالإضافة إلى الأطراف الخارجية المتفاعلة مع الملف الليبي.
وكان رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، قد سلّم اللجنة، نهاية مارس/آذار الماضي، مسودة قانون انتخابات أعدّتها لجنة حكومية سابقة، بعد أن أعلن، منتصف فبراير/شباط الماضي، خطة لـ"عودة الأمانة للشعب"، مضمونها إعداد قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية نهاية يونيو/حزيران المقبل، رافضاً خريطة الطريق التي اعتمدها مجلس النواب، في الفترة ذاتها، والتي تؤجل إجراء الانتخابات 14 شهراً.
ووفقاً لإعلان تشكيل اللجنة الوطنية لتنفيذ خطة "عودة الأمانة للشعب"، فإنها تختص بإطلاق حوار وطني موسّع لمناقشة مسودة القانون وجمع الملاحظات عليها، لتعبّر عن أكبر شريحة ممكنة من المجتمع الليبي.
وعقدت اللجنة قبل أيام أول اجتماعاتها، ووفقاً لرئيسها بلها، فهي تضم شخصيات نشطة ومهتمة بالملف الليبي، وجاء اختيارها دون محاصصة أو انتقائية، وتنتمي إلى النسيج الليبي بشكل عام.
وعن مدى نجاعة ما أوكل إلى اللجنة من صياغة قاعدة انتخابية، قال بلها: "عمل اللجنة يأتي ضمن جهود وطنية مخلصة، تسعى لحل النزاع الليبي، ويقتضي الواجب الوطني ألا نقف متفرجين، ونحترم كل الجهود التوافقية بين الليبيين".
وأضاف أن اللجنة "ترى ألا يقتصر نشاطها على مسار واحد في المشهد الليبي، وهي تتطلع إلى المشاركة الجادة في كل المسارات، وترى أن الانتخابات هي الحل الأمثل في كل الأحوال".
وجاء تشكيل اللجنة وبدء عملها مع ضبابية المشهد السياسي، والخلاف الحاصل بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة حول قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أُجِّلت العام الماضي وموعدها.
ويمضي مجلس النواب في خريطة طريق أقرها في فبراير/شباط الماضي، وعدّل بموجبها الإعلان الدستوري، بحيث تُشكَّل لجنة دستورية مشتركة من 24 عضواً بالمناصفة مع مجلس الدولة، تتولى تعديل المواد الخلافية في مشروع الدستور وطرحه للاستفتاء ليكون دستوراً دائماً، وتجرى الانتخابات بناءً عليه.
وتداولت مواقع إخبارية، أمس الجمعة، قراراً صادراً بتاريخ الخامس من إبريل/نيسان الجاري عن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، يقضي باختيار 12 عضواً من المجلس لعضوية اللجنة، فيما تشير أخبار أخرى إلى ترقب اجتماع للجنة المشتركة سيعقد الاثنين المقبل في مصر، تشترك فيها المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز.
في المقابل، شكّل مجلس الدولة الشهر الماضي لجنته الدستورية، ولكنها لا تتماشى مع خريطة النواب المرفوضة بالنسبة إليه. وجاءت لجنة الدولة تلبية للمبادرة التي تقدمت بها وليامز، القاضية بتشكيل لجنة مشتركة من المجلسين تكلَّف صياغة قاعدة دستورية للانتخابات، لا تعديل مشروع الدستور كما تفيد خريطة النواب.
وفي هذا السياق، أفاد بلها بأن لجنتهم "لم تبدأ استطلاع المسار الدستوري. لكنها متحمسة لدعم الجهود من أجل إقرار دستور وطني توافقي".
وتابع: "بعد الانتهاء من صياغة مسودة القاعدة القانونية، ستقوم اللجنة بمخاطبة كل الشرائح التي شاركت في تعديلها وصياغتها النهائية، لكي تدفع باتجاه اعتمادها، من كل الجهات المختصة، التي تكون قائمة آنذاك".
وعن شبهات تقاطع ما تقوم به اللجنة مع خريطة النواب والمبادرة الأممية، علّق بلها قائلاً: "اللجنة تسعى لإنقاذ الوطن، وهي في جميع الأحوال لن تقف ضد أي عمل توافقي يجمع الليبيين. وإذا توافَقَ المجلسان، فقد يكون للجنة أعمال أخرى ضمن خطة عودة الأمانة للشعب، وطرح مسودة قاعدة قانونية هو البداية".