حقيقة واحدة وسط الغموض الليبي

26 مايو 2022
خلال تظاهرة في طرابلس للمطالبة بإجراء الانتخابات، مارس الماضي (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -

تشابك وغموض يلف مجدداً مصير المفاوضات الليبية المعلنة في القاهرة، وغير المعلنة في مونترو السويسرية وبوزنيقة المغربية، كما هو حال الغموض الذي يلف مصير الوضع السياسي في الأسابيع المتبقية قبل يوم 21 يونيو/حزيران المقبل، وهو التاريخ الذي يفترض أن تنتهي فيه صلاحية اتفاق جنيف الذي جاء بالسلطة التنفيذية الحالية. لكن حِراكات أخرى، لا تقل غموضاً على الرغم من أهدافها الظاهرة والواضحة، تحدث في عواصم أخرى.

وعلى الرغم من الإعلان عن نتائج الجولة الثانية من المفاوضات الدستورية في القاهرة، بالتوافق على 70 في المائة من مواد "مسودة الدستور"، إلا أن المستشارة الأممية في ليبيا، ستيفاني وليامز، التي تلت كلمة الختام، لم تبيّن كيف حدث التوافق؛ هل بالإبقاء على صيغة تلك المواد أم أنه جرى تعديلها؟ علماً بأن وليامز سمّت مواد الأبواب المتفق عليها، والتي لا يدور في الأصل أي جدل بشأنها. كذلك، ماذا عن موضوع الجولة الثالثة المقبلة مطلع يونيو المقبل؟

ويجعل هذا الوضع اجتماعات القاهرة طي الغموض والكتمان، خاصة في ظل تجاذب إقليمي في الملف الليبي، أقطابه القاهرة من جهة، وأنقرة والجزائر في جهة أخرى.

أما في بوزنيقة المغربية، فلم يعلن حتى الآن بشكل رسمي عن موضوع المفاوضات الجارية وأعضائها، وقبل ذلك المفاوضات في مونترو السويسرية ونتائجها، ولماذا جاءت في هذا التوقيت؟ فما تسرب حتى الآن يشير إلى أنها مفاوضات تجري بين ممثلي معسكر خليفة حفتر ومعسكر حكومة الوحدة الوطنية، فأين ممثلو مجلس النواب وحكومته بقيادة فتحي باشاغا؟!

وفي الأثناء، سربت صحيفة "لوموند" الفرنسية أنباء عن حراك فرنسي لتبني الطرح الفيدرالي كحل للأزمة الليبية، تزامناً مع تصريحات صحافية لوزير النفط والغاز بحكومة الوحدة الوطنية، محمد عون، حذر فيها من مغبة غموض "مصطلح توزيع الثروة". ومن دون أي سياق لتحذيره هذا خلال حديثه عن حصر خسائر الإغلاق الأخير لمواقع النفط في البلاد، قال عون "مسألة الأقاليم الثلاثة وتكريس الإقليمية أمر غير مقبول".

وقالت "لوموند" إن باريس استضافت 11 شخصية ليبية من جنوب ليبيا لإطلاق مبادرة عبر مؤتمر خاص، موضوعها الرئيسي اقتراح نظام سياسي اتحادي قوامه أقاليم ليبيا التاريخية الثلاثة (برقة وطرابلس وفزان). وسمت من بين الشخصيات التي حضرت رئيس الحكومة الليبية الأسبق، علي زيدان، الذي نفى في بيان رسمي هذه المشاركة. لكن اللافت أن باريس لم تعلق على تفاصيل الحدث الذي أوردته الصحيفة الفرنسية المرموقة.

كثيرة جداً هي المواقف الغامضة، من موقف أنقرة، لموقف الجزائر، وقبل الجميع واشنطن التي تنشط حيناً وتخبو حيناً آخر. لكن وسط هذا الغموض، تظهر حقيقة واحدة، وهي أن جميع العواصم المعنية بالملف الليبي لا تزال مختلفة وبحدّة، وأن ما قد يبدو من أمل من خلال نشاط تلك العواصم، لا حقيقة فيه، والحقيقة فقط هي أن حل الأزمة الليبية لا يزال بعيد المنال.