أعلن اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، الأربعاء، تكليفه لرئيس الأركان العامة، الفريق عبد الرزاق الناظوري، بمهام منصب "القائد العام" بالمليشيات التابعة له وذلك لمدة ثلاثة أشهر، في خطوة على ما يبدو لتحقيق حلمه القديم بالترشح للانتخابات الرئاسية.
وبحسب مضمون القرار فإن حفتر سيترك منصبه للناظوري ابتداءً من اليوم الخميس وحتى 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، مضيفاً أنه ستكون للناظوري "جميع الصلاحيات المقررة بموجب القانون رقم 1 لسنة 2015 بشأن منصب القائد العام"، في إشارة للقرار الذي أصدره مجلس النواب بشأن استحداث منصب "القائد العام للجيش الوطني" وتكليف حفتر به.
ويعد الناظوري من أهم الضباط المقربين من حفتر، إذ قُتل ابناه في صفوف مليشيات حفتر أثناء حروبه في بنغازي.
ولم يشر القرار الى أسباب تخلي حفتر عن منصبه، لكن المرجح أن يكون على علاقة بعزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، إذ يسمح قانون الانتخابات الرئاسية المثير للجدل، الذي اعتمده مجلس النواب دون تصويت قبل أسبوعين، لـ"العسكري الترشح لمنصب الرئيس شرط التوقف عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بـ 3 أشهر" وأنه "إذا لم يُنتخب فإنه يعود لسابق عمله".
ويدخل حفتر في الجدل الدستوري حول التشريعات اللازمة قبل إجراء الانتخابات، فبينما يسمح قانون الانتخابات الرئاسية الصادر عن مجلس النواب للعسكريين الترشح لانتخابات رئيس الدولة دون قيد، بشرط تخليهم عن مناصبهم بشكل مؤقت لمدة ثلاثة أشهر، اشترط قانون الانتخابات الرئاسي الصادر عن المجلس الأعلى للدولة على العسكريين مضي عامين على الأقل على انتهاء مدة خدمتهم للترشح. كما أضاف إلى ذلك قيوداً أخرى تتعلق بمنع الحاصلين على جنسية أجنبية من الترشح سواء للانتخابات الرئاسية أو البرلمانية، فيما يحمل حفتر الجنسية الأميركية والليبية.
وكان عدد من أنصار حفتر قد أعلنوا، منتصف أغسطس/ آب الماضي، عن تأسيس "حزب الكرامة"، ودعوا إلى انتخاب حفتر لـ"استعادة الدولة واستكمالاً لتضحيات أبطالنا وأهلنا وذوينا ضد الإرهاب والتطرف والفوضى".
وهذه ليست المرة الأولى التي يسعى فيها حفتر الوصول إلى الحكم، فبعد انشقاقه عن رفيقه العقيد الراحل معمر القذافي، نهاية ثمانينيات القرن الماضي، انضم لعدد من الحركات المعارضة لنظام القذافي، خارج البلاد، كقائد لأجنحتها العسكرية، وشارك في بعض حركات التمرد التي شهدتها فترة النظام السابق قبل الإطاحة به.
وإثر اندلاع الثورة الليبية في فبراير/ شباط 2011، انضم حفتر إلى صفوف الثوار، ومنح نفسه لقب "قائد القوات البرية"، قبل أن يختفي لعدة سنوات، ويظهر مجدداً، في فبراير/ شباط 2014 على شاشة قناة "العربية"، ليعلن عن انقلاب على المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة وتجميد الإعلان الدستوري.
بعد ساعات من ذلك الظهور، سيختفي مجدداً ليظهر بعدها بشهرين في بنغازي بالشرق الليبي ويطلق عملية عسكرية عرفها باسم "عملية الكرامة"، توسعت، تحت عديد المسميات والشعارات كـ"محاربة الإرهاب" و"القضاء على المليشيات". وشملت عدداً من مدن الشرق والجنوب وبالأخص منطقة الهلال النفطي، لتصل، مطلع إبريل/ نيسان 2019 إلى جنوب العاصمة الليبية طرابلس.
ومع بدء ظهور ملامح انكسار عدوانه العسكري على طرابلس بعدما نجحت قوات حكومة الوفاق السابقة في التصدي له أطلق أنصار حفتر، في إبريل/ نيسان 2020، حملة لجمع تفويض شعبي لقيادته للبلاد. وغطت وسائل إعلام مقربة منه حملات التفويض من خلال جمع التوقيعات في عدد من مدن شرق ليبيا، قبل أن يعلن، نهاية الشهر ذاته، عن قبوله للتفويض وإسقاط الاتفاق السياسي وكل الهيئات السياسية في البلاد، بما فيها مجلس النواب، في تغطية واضحة على هزيمته العسكرية.