حرب غزة: شركة دنماركية أخرى متورطة بتصدير معدات للجيش الإسرائيلي

17 يناير 2024
تجاوزت الشركة الدنماركية ضوابط التصدير (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت تقارير في كوبنهاغن، أمس الثلاثاء، عن قيام الشركة الدنماركية للتقنيات العسكرية "ماي ديفينس" بتزويد جيش الاحتلال الإسرائيلي بمعدات "تزيد من قدرته في غزة"، وذلك في تجاوز للقوانين المتعلقة بمراقبة التصدير العسكري التي تفرضها سلطات كوبنهاغن.

ويتعلّق الأمر بما يسمّى "أنظمة حماية من هجمات طائرات درون" وتسمى "بيتبول" و"وينغمان"، أثناء عمليات الغزو في غزة.

وتشير التقارير إلى أن الشركة الدنماركية "ماي ديفينس" أرسلت بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي معدات لجيش الاحتلال، متجاوزة ضوابط التصدير، وشمل ذلك أيضاً تواصلاً مباشراً من جيش الاحتلال الإسرائيلي مع شركات تقنيات أسلحة في الدنمارك لطلب معدات، ومن خارج قنوات الموافقات الرسمية المتشددة في مسألة تصدير ما يتعلق بالمعدات العسكرية، بما في ذلك طلباً مباشراً من شركة "نورث غوتلاند" (شمال الدنمارك وتقع ماي ديفينس تحت مظلتها)، للحصول على أحدث نسخ من طائرات بدون طيار محلية الصنع.

واعترف مدير الشركة دان هيرمانسن، لمؤسسة "دان ووتش" المتخصصة بالتحقيقات الصحافية، بأنه جرى التواصل معه بصورة مباشرة من قبل متخصصين في جيش الاحتلال، "كانت لديهم حاجة ملحة، وسألونا عن الكمية التي لدينا (من طائرات درون) وكم يمكننا تأمينه بين الحين والآخر، وأجبتهم بأننا سنرى ما يمكننا فعله".

وتؤكد شركة "ماي ديفينس" أنه "لم يجرِ انتهاك القوانين ولا لوائح تتعلق بالتصدير". وتشير الشركة إلى أن معداتها جرى تقييمها في 2021 على اعتبار أنها لا تقع ضمن فئات المعدات الخاضعة لرقابة الصادرات.

وفي السياق نفسه، تقول صحيفة "دان ووتش"، وشريكتها في التحقيقات المتعلقة بتزويد الاحتلال بمعدات صحيفة "إنفورماسيون"، إنه مع ذلك، "فإن التصدير مثير للجدل، لأن إسرائيل متهمة من منظمات حقوق الإنسان الدولية بارتكاب جرائم حرب في غزة". وتضيف: "تجري النيابة العامة في المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً مستمراً في جرائم حرب محتملة ارتكبها كلّ من الإسرائيليين والفلسطينيين، وقد رفعت جنوب أفريقيا للتو دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في غزة".

وتشير في السياق إلى قول مديرة فرع "العفو الدولية" (أمنستي) في الدنمارك مالين هالكانسون إن ما يجري في غزة كارثة إنسانية، "ومن المقلق للغاية أن شركات الدفاع الدنماركية يمكنها تصدير معدات عسكرية إلى الجيش الإسرائيلي، حتى بدون تصريح تصدير"، وتشدد في تعقيبها على الكشف الأخير عن التصدير، على أنه "يتوجب على الدنمارك والاتحاد الأوروبي فرض حظر على الأسلحة على جميع الأطراف المتحاربة في الصراع بين إسرائيل وحماس والجماعات الفلسطينية المسلّحة الأخرى"، وذلك "حتى لا يكون هناك خطر كبير من إمكانية استخدام الأسلحة المصدرة لارتكاب أو تسهيل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، أو القانون الدولي الإنساني".

وهذا الأمر نفسه يذهب إليه مدير منظمة "هيومن رايتس ووتش" في إسرائيل وفلسطين عمر شاكر، بسؤاله: "كم عدد المدنيين الآخرين الذين يجب أن يعانوا أو يقتلوا نتيجة لجرائم الحرب قبل أن تقوم الدول التي تزوّد إسرائيل بالمعدات العسكرية بوقف التدفق والتواطؤ في هذه الفظائع؟".

ووفقاً لـ"دان ووتش" و"إنفورماسيون"، فإن السلطات الدنماركية تواصل التسلح بالصمت على انتهاك معاهدة الأمم المتحدة للأسلحة والقواعد المشتركة للاتحاد الأوروبي لصادرات الأسلحة، وخصوصاً أن كوبنهاغن تعهدت بتنفيذ ضوابط التصدير ورفض الصادرات العسكرية إذا كان هناك خطر "واضح" من أن تساهم المعدات في انتهاك قواعد الحرب.

تحذيرات مبكرة لاحتمال تورط الدنمارك

وفي مرات عدة، حذر خبراء قانونيون في القانون الدولي من أن استمرار الدنمارك في تزويد الاحتلال بالسلاح أو المعدات التقنية، كما يفعل مصنع "تيرما" للسلاح في آرهوس، وسط غرب البلاد، قد يضع الدنمارك على حافة "انتهاك القانون الدولي والمشاركة في جرائم حرب".

وكان آخر التقارير المتعلقة بمخاطر مشاركة الدنمارك بجرائم حرب قد كُشف النقاب عنه في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، في سياق متابعة تواصل دعم كوبنهاغن لدولة الاحتلال الإسرائيلي في حربها على غزة.

وعادة ما تتذرع الشركات والمصانع، مثل "تيرما" المشاركة في صناعة طائرات "إف 35" الأميركية، بأن التصدير يتم عبر دولة ثالثة، كالولايات المتحدة. ومع ذلك، يقول خبراء القانون الدولي لـ"دان ووتش" إن ذلك لا يعفي السلطات الدنماركية من القيام بتقييم المخاطر قبل منح إذن التصدير. وفي السياق، يشير أستاذ القانون الدولي في جامعة بريتوريا في جنوب أفريقيا (ومؤلف كتاب قانون الحدّ من الأسلحة ونزع السلاح) ستيوارت كيسي ماسلن للصحيفة إلى أن "هذا النهج يتعارض بشكل مباشر مع القانون الدولي".

ووفقاً لقواعد الاتحاد الأوروبي، فإن السلطات ملزمة بالرفض عندما يكون هناك "خطر واضح" من أن المعدات "قد" تُستخدم لارتكاب "انتهاكات خطيرة للقانون الدولي". وتحدّد معاهدة الأمم المتحدة لتجارة الأسلحة هذا الحد بخطر "سائد".

ومنذ وقت مبكر من الحرب على غزة، ظلّت التقارير الاستقصائية، وآراء متخصصين في القانون الدولي الإنساني، تحذر الدنمارك من تجاهل احتمال الاتهام بالتورط بدعم جرائم حرب محتملة في غزة. ففي الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كُشف النقاب في كوبنهاغن عن تلك المخاطر، وأشار أستاذ القانون الدولي بجامعة كوبنهاغن مارك شاك إلى أن "استمرار تصدير الدنمارك معدات عسكرية يحمل مخاطر المشاركة في جرائم حرب". ولفت على وجه الخصوص إلى أن "إسرائيل تواجه اتهامات خطيرة للغاية بارتكاب جرائم حرب، وخطورة الوضع تؤكد أن الدنمارك تتحمّل مخاطر قانونية عندما تسمح بتصدير أجزاء الأسلحة إلى بلد من المعروف أنه يتحدى العواقب".

وعلى الخطى نفسها، كان أستاذ القانون الدولي في جامعة "أبردين" زراي يهديغو قد أشار (في 2 نوفمبر الماضي)، إلى أن عمليات التصدير "تثير أسئلة جدية حول التناسب والامتثال (الإسرائيلي) لواجب حماية المدنيين أثناء النزاع المسلح". واعتبر يهديغو أن مسؤولية ارتكاب جرائم حرب تمتد على أطراف أخرى "تساهم في إمداد الأطراف الفاعلة في الحرب، فالقانون الدولي الحديث يحظر التواطؤ في جريمة دولية، وبشكل محدّد أكثر تحظر معاهدة الأسلحة التابعة للأمم المتحدة وتشريعات الاتحاد الأوروبي توريد الأسلحة التقليدية، والذخيرة، وقطع الغيار، والمكونات، عندما يكون هناك خطر من استخدامها في انتهاك القانون الإنساني الدولي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان".

المساهمون