حرب روسيا على أوكرانيا تقترب من عامها الثاني.. توعد هنا وتحذيرات هناك

20 يناير 2024
روسيا متفائلة بعد صمود خطوط دفاعها (Getty)
+ الخط -

شهر وأربعة أيام تفصلنا عن الذكرى السنوية الثانية لقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا، فيما ودعت روسيا عام 2023 بحالة من التفاؤل على الجبهة الأوكرانية، وسط تعثر هجوم أوكرانيا المضاد وتراجع الدعم الغربي المقدم لكييف، بعد انشغال العالم بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وصمود خطوط الدفاع الروسية، وحققت موسكو مجموعة من النجاحات السياسية والعسكرية، بما فيها إجراء الرئيس بوتين زيارات خارجية عدة، كانت آخرها إلى منطقة الخليج، من دون أن يُعتقل بموجب مذكرة التوقيف الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية، وإحكام السيطرة على بعض البلدات والمدن مثل باخموت وماريينكا، وسط استمرار المعارك من أجل أفدييفكا.

على الصعيد المقابل، لم يزل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يدق أجراس الحذر في كل زياراته الخارجية وخطاباته، مؤكدا أن بوتين لن يوقف أعماله العسكرية ما لم تضع أوكرانيا وحلفاؤها حدّاً له، وأنّ هزيمة أوكرانيا من شأنها تعريض الدول المجاورة الأخرى لروسيا لخطر الغزو، فتردد الحلفاء في "توفير المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا، يتسبب أحياناً في زيادة تجرؤ روسيا وقوّتها"، كما يقول.

تلك التصريحات جاءت ردا على حزمة مساعدات من الاتحاد الأوروبي بقيمة 50 مليار يورو (55 مليار دولار) كانت في طريقها إلى أوكرانيا، لكنها (علقت) بعد استخدام المجر حق النقض (الفيتو)، زد على ذلك انقسام الكونغرس الأميركي بشأن إرسال مساعدات إضافية، فالرئيس الأميركي جو بايدن حاول، في شهر ديسمبر/ كانون الأول الفائت، حض أعضاء الكونغرس المنقسمين بشأن الحرب في أوكرانيا على سرعة الإفراج عن مساعدات عسكرية إضافية لكييف بقيمة 60 مليار دولار.

أوروبا تسرّع إنتاج الذخيرة في ظل تحذيرات أوكرانيا

غير أن الاتحاد الأوروبي أعلن، أمس الجمعة، أنّه سيزيد إنتاج الذخيرة بشكل كبير هذه السنة استجابة لمطالب أوكرانيا المتزايدة بدعمها في حربها ضدّ روسيا، في وقت استدعت الأخيرة السفير الفرنسي بي. ليفي إلى وزارة الخارجية الروسية، وعرضت عليه أدلة على تورط باريس المتزايد في النزاع في أوكرانيا، مؤكدة أنها أصدرت شكوى رسمية بحق فرنسا، وجاءت هذه الخطوة بعد أيام فقط من إعلان موسكو - من دون تقديم أدلة - أنها قتلت مجموعة من المرتزقة الفرنسيين في غارة على خاركيف شمال شرقي أوكرانيا.

وردا على استدعاء موسكو السفير الفرنسي أمس الجمعة، بعد إعلان القوات الروسية قتلها مجموعة من المرتزقة الفرنسيين في ضربة استهدفت مدينة خاركيف الأوكرانية في ساعة متأخرة من ليل الثلاثاء، وصفت الخارجية الفرنسية هذه الاتهامات بأنّها "تلاعب روسي أخرق آخر".

وتعدّ فرنسا حليفاً رئيسياً لأوكرانيا منذ بدء الهجوم الروسي. وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، هذا الأسبوع، أنّ باريس سترسل عشرات الصواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا.

وحثّ ماكرون، أمس الجمعة، مصنّعي الأسلحة على تسريع الإنتاج لزيادة إمدادات الأسلحة لأوكرانيا.

وقال في خطاب أمام القوات المسلّحة الفرنسية لمناسبة رأس السنة: "علينا توسيع التحوّل الذي بدأناه" للاستجابة بسرعة أكبر لاحتياجات أوكرانيا.

وأضاف ماكرون: "لا يمكننا أن ندع روسيا تظنّ أنّ بإمكانها الفوز"، محذّراً من أنّ "انتصاراً روسياً سيعني انتهاء الأمن الأوروبي".

وأكد مفوّض السوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي تييري بريتون، خلال زيارة إلى إستونيا، أنّ الاتحاد سيكون قادراً على إنتاج ما لا يقل عن 1,3 مليون طلقة كذخيرة بحلول نهاية هذا العام.

وقال للصحافيين: "نحن في لحظة حاسمة بالنسبة إلى أمننا الجماعي في أوروبا. وفي الحرب العدوانية التي تقودها روسيا في أوكرانيا، يتعيّن على أوروبا أن تدعم وتستمر في دعم أوكرانيا بكلّ وسائلها".

وأشار بريتون إلى أنّه بحلول مارس/آذار أو إبريل/نيسان 2024، ستصل الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي إلى هدف الطاقة الإنتاجية المتمثل في مليون قذيفة كذخيرة كلّ عام.

وأضاف: "سنواصل تعزيز طاقتنا الإنتاجية، بما في ذلك بنحو 1,3 إلى 1,4 مليون.. في نهاية هذه السنة، ونواصل الزيادة بشكل كبير خلال السنة المقبلة". ويأتي كل ذلك "للتأكد من أنّ الجزء الأكبر من هذه الخطوة سيكون لمصلحة أوكرانيا كأولوية. لأنّ هذا هو المكان الذي توجد فيه حاجة ملحّة"، بحسب بريتون.

أوكرانيا تحاول الانتقام وروسيا تحذر من ضربة قاضية

في موازاة ذلك، دعت أوكرانيا الدول الغربية إلى منع روسيا من الحصول على المكونات الرئيسية لإنتاج الأسلحة الخاصّة بها للحرب التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى.

وأعلنت أوكرانيا، أول من أمس الخميس، أنّها واجهت حاجة "ملحّة" للذخيرة، كما دعا وزير الخارجية دميترو كوليبا، أمس الجمعة، إلى بذل جهود أكبر لمنع روسيا من الحصول على قطع أسلحة لهجومها.

وقال كوليبا، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، إنّ "الغرب يجب أن يتعامل بجدّية مع شلّ قدرة روسيا على إنتاج الأسلحة"، مشيرا إلى أنّه "وفقاً لبعض البيانات، فإنّ ما يصل إلى 95 في المائة من المكوّنات الحيوية المنتجة في الخارج، والتي وُجدت في الأسلحة الروسية المدمّرة في أوكرانيا، تأتي من دول غربية".

ولم يقدّم كوليبا دليلاً على تصريحاته، ولكن كييف تقوم بانتظام بتفكيك الصواريخ والمسيّرات الروسية التي تسقط على أراضيها لتحليل مكوّناتها.

ميدانياً، شنّت أوكرانيا هجوماً تسبّب في نشوب حريق هائل في مخزن للنفط في غرب روسيا، حسب ما أفاد به مصدر أمني أوكراني، واستهدف الهجوم مخزناً في كلينتسي، على بعد حوالى 70 كيلومتراً من الحدود مع أوكرانيا، وهو الهجوم الثاني على مخزن للنفط خلال يومين، بعدما أعلنت كييف أنّها استهدفت منشأة لتخزين النفط في منطقة لينينغراد الشمالية الخميس.

واستهدفت أوكرانيا البنية التحتية الروسية للنفط والغاز طوال فترة الصراع، في هجمات تقول إنّها انتقام عادل من الضربات التي تطاول أراضيها.

يأتي ذلك بينما حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء الفائت، من أنه إذا استمر الوضع القائم، فقد تتعرّض مكانة الدولة الأوكرانية لضربة خطرة جداً وقاضية"، مجددا اتّهام أوكرانيا بـ"رفض التفاوض" على إنهاء الحرب، ومؤكداً أن موسكو وكييف "اتفقتا على مختلف الأمور" خلال المحادثات التي عُقدت في إسطنبول عام 2022، قبل أن "يتخلّى الوفد الأوكراني عن كل ما اتُّفق عليه".

وقال بوتين أن "صيغة السلام" التي طرحها الرئيس الأوكراني زيلينسكي، وتنصّ على استعادة كل الأراضي التي احتلتها روسيا، وإنشاء محكمة دولية، تتضمن "شروطاً تقيّد عملية التفاوض"، مؤكداً أنه من "المستحيل" تبديد المكاسب العسكرية التي حققتها موسكو في أوكرانيا.

(العربي الجديد، فرانس برس)

المساهمون