حرب أوكرانيا... ملامح عامٍ ثان

حرب أوكرانيا... ملامح عامٍ ثان

24 فبراير 2023
ستتزايد لعبة كسب حلفاء لكلا المعسكرين (ماندل نغان/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن الحرب في أوكرانيا، بعد عام من الغزو الروسي لهذا البلد في 24 فبراير/شباط الماضي، تتخذ أبعاداً أخرى بنظر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فقد أعاد بوتين، الثلاثاء الماضي، الحديث عن سرديات غير "تحرير الناطقين بالروسية" و"القضاء على النازيين في سلطة كييف". ومن الواضح أن الغرب واصل، بالتدرج التسليحي، تحويل أوكرانيا إلى مستنقع عسكري عكس رغبة موسكو بالسيطرة السريعة على كييف خلال أيام، وجعل "الدولة العظمى" (روسيا) تعاني عسكرياً، وتتآكل سمعة أسلحتها حول العالم.

في المواجهة الغربية الروسية، وباعتراف موسكو أنها تواجه أوروبا وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، لم تعد مراهنة الطرفين فقط على مستوى صلابة مواقف الشوارع الغربية في تأييد تدفق السلاح والمساعدات للأوكرانيين، وتركيز الكرملين على الأزمات الاقتصادية وغلاء المعيشة لاستدعاء تململ من الحرب ومبرّراتها غربياً.

إذاً، قفز بوتين إلى سردية أن المواجهة تتعلق بسعي الغرب إلى نشر الفساد و"الشيطنة"، وضرب قيم الأسرة والدين والثقافة المحافظة، في مقابل سردية الغرب عن "القيم الديمقراطية والحريات". وعلى مستوى البعض الأوروبي، يضيف استدعاء بوتين تاريخ وجغرافية أوروبا في القرن التاسع عشر، إلى جانب التلويح بالسلاح النووي، بعداً جديداً للخوف مما يرونه "التمهيد لتوسعية روسية"، حتى وإن وضعت الحرب أوزارها.

بالطبع لا أحد يستطيع الجزم بمستوى تأييد شوارع أوروبية لخطاب بوتين عن القيم الدينية، واتهاماته الأخرى في السياق. لكن يبدو أن الأمر أبعد من الغربيين، فلعبة كسب "حلفاء"، أو جلب مناصرين جدد لكلا المعسكرين، ستتزايد في الآتي من الأيام.

فأمام سيناريوهات استمرار المواجهة في العام الثاني، ربما يسعى الطرفان نحو توسيع الاصطفافات لتطاول دولاً أخرى، كأحد احتمالات استعادة أجواء "الحرب الباردة"، كما حذرت الاستخبارات العسكرية السويدية، وغيرها في أوروبا، أخيراً.

وفيما كانت النماذج "الشيوعية السوفييتية" لا تلقى رواجاً وتأييداً في مجتمعات محافظة (بما فيها السوفييتية السابقة وشرق أوروبا)، فإن إلقاء بوتين حجر القيم الدينية المحافظة، و"الانحلال الأخلاقي" الأوروبي، واللعب على "ازدواجية معايير وخطاب الغرب" في التبشير بقيمه، ينذر بملامح السعي لإقحام مجتمعات محافظة في معسكره، بما فيها عربية وإسلامية وأفريقية وآسيوية وغيرها، من دون أن يعني هذا أن الغرب سيصمت على ذلك.

على كل، ذلك لا يعني يقيناً أننا بصدد "حرب عالمية ثالثة"، بل ربما محاولة تجميع أوراق قوة، سواء للتفاوض أو لمواجهة أشمل، بإعادة فرز واصطفاف الدول، بكل ما يعنيه ذلك من مآس مستقبلية خارج أوروبا.
 

المساهمون