استمع إلى الملخص
- تهدف الإدارة السورية إلى مواجهة المخاوف السياسية وتأسيس حكومة تشاركية، مع عقد مؤتمر حوار وطني وكتابة دستور جديد، بدعم عربي يضمن استقرار البلاد.
- تركز جولة الشيباني على تعزيز العلاقات مع قطر والإمارات والأردن، مع السعي لإعادة سورية لدورها الطبيعي في العالم العربي وبناء علاقات دولية متوازنة.
تأتي جولة الشيباني بعدما أنهى زيارة إلى السعودية الخميس الماضي
تحرك الإدارة الجديدة تجاه المحيط العربي يأتي في سياق أكثر من هدف
تأتي الجولة في وقت تبرز فيه هواجس عربية من النفوذ التركي
أعلن وزير الخارجية في حكومة تسيير الأعمال في سورية أسعد الشيباني في تغريدة على منصة إكس أول من أمس الجمعة، عزمه إجراء زيارات رسمية إلى كل من دولة قطر والإمارات والأردن، مشيراً إلى أنه "نتطلّع إلى مساهمة هذه الزيارات بدعم الاستقرار والأمن والانتعاش الاقتصادي وبناء شراكات متميزة".
وجاء الإعلان عن جولة الشيباني بعدما أنهى زيارة إلى السعودية، الخميس الماضي، وصفها بـ"التاريخية"، كانت الأولى خارجياً من قبل مسؤولي الإدارة الجديدة في سورية. وقال أسعد الشيباني إثر الزيارة: "عبّرنا عن أهمية سورية للعب دور إيجابي في المنطقة، ونسج سياسات مشتركة تدعم الأمن والاستقرار وتحقق الازدهار إلى جانب الدول العربية".
ولم يتأخّر الانفتاح العربي على الإدارة الجديدة، إذ زارت دمشق وفودٌ عربيّة ذات طابعين دبلوماسي وأمني. وبدأت المساعدات الإنسانية من دول عربية تتوالى إلى سورية، وخاصة من دولتي قطر والسعودية، لتخفيف الأعباء المعيشية والاقتصادية عن السوريين. كذلك وصلت إلى مطار دمشق الدولي صباح أمس السبت أول طائرة تحمل مساعدات من الهلال الأحمر المصريّ. ورغم نفي مصادر عراقية مطّلعة الأنباء التي تحدثت الجمعة الماضي عن استئناف تصدير النفط الخام إلى سورية، إلّا أنه من المرجح أن تواصل الحكومة العراقية تزويد سورية بالنفط خلال الأيام القليلة المقبلة في سياق الدعم العربي للإدارة الجديدة لضمان الاستقرار.
أهداف تحرّك سورية عربياً
ويبدو أنّ التحرك الدبلوماسي من قبل الإدارة الجديدة في دمشق تجاه المحيط العربي يأتي في سياق أكثر من هدف. وكانت قد برزت مخاوف عربية من طغيان لونٍ سياسي واحدٍ على الحياة السياسية الجديدة في سورية، خصوصاً بعدما دافع قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع عن هذا الخيار، في ظلّ طغيان تعيينات اللون الواحد التي تُجريها إدارته، بالقول إن "شكل التعيينات الحالي كان من ضرورات المرحلة وليس إقصاء لأحدٍ"، وإن كان حكّام دمشق الجدد يؤكّدون أنهم بصدد "تأسيس حكومة تقوم على التشاركية والكفاءة وتضم المكوّنات السورية كافة". كذلك تسود ضبابية بشأن عقد مؤتمر الحوار الوطني، خصوصاً بعد المؤشرات على توجه حكّام دمشق لرفض التعاطي مع الأجسام السياسية ضمن مؤتمر الحوار وتصريحات الشرع التي أكد فيها أن عملية كتابة الدستور وكذلك إجراء الانتخابات يحتاجان إلى سنوات.
محمد صبرا: الزيارات تأتي في إطار الانفتاح السوري على المجال العربي
وأكدت تصريحات المسؤولين العرب الحرص على وحدة الأراضي السورية والانخراط في عملية سياسية متكاملة تضمّ جميع القوى السياسية السورية من أجل الحفاظ على استقرار وأمن البلاد. كما تدفع الدول العربية باتجاه كتابة دستور جديد للبلاد بمشاركة القوى السياسية، يلبّي طموحات السوريين ويحمي حقوقهم على اختلاف رؤاهم السياسية، تُجرى على أساسه انتخابات بعد المرحلة الانتقالية.
ويبدو أن الإدارة الجديدة تُريد دوراً عربياً داعماً لها في المحافل الإقليمية والدولية يمهّد الطريق أمام اعتراف دولي بها. كذلك تبحث هذه الإدارة عن مشاركة عربية واسعة في جهود دعم مشروعات الإنعاش المبكر في سورية وتهيئة الظروف لعودة ملايين اللاجئين السوريين، وخاصة من دول الجوار وأبرزها الأردن ولبنان ومصر، إلى بلادهم.
الهدف من جولة أسعد الشيباني
كذلك تأتي جولة أسعد الشيباني على عدد من الدول العربية في وقت تبرز فيه هواجس عربية من النفوذ التركي في سورية والذي تعاظم بعد سقوط الأسد، حيث كانت أنقرة سباقة في إرسال وفود أمنية ودبلوماسية رفيعة المستوى بالتزامن مع إعادة افتتاح السفارة التركية في دمشق بعد 12 عاماً من القطيعة السياسية مع نظام الأسد.
أحمد القربي: زيارة الشيباني إلى الإمارات والأردن هدفها تهدئة المخاوف، وخاصة الأمنية
وتعليقاً على جولة أسعد الشيباني رأى المحلل السياسي محمد صبرا، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هذه الزيارات جميعاً مهمة"، موضحاً أنها تأتي في إطار الانفتاح السوري على المجال العربي وإعادة البوصلة السورية للاتجاه الصحيح. وتابع: "بعد عقود من اندماج النظام البائد، سواء خلال فترة حافظ الأسد أو المجرم الهارب بشار (الأسد)، في المشروع التوسعي الطائفي الإيراني، تحاول الإدارة العسكرية الانتقالية إعادة سورية لدورها الطبيعي في العالم العربي". ودعا صبرا الإدارة الجديدة للعمل على "بناء علاقات دولية تأخذ بعين الاعتبار التوازن وعدم الدخول في لعبة المحاور الإقليمية"، معتبراً أن جولة أسعد الشيباني المقبلة لا تأتي في سياق تبديد مخاوف العرب من النفوذ التركي في سورية، مضيفاً: "هذه المخاوف غير موجودة أصلاً، بل هي محاولة كما قلت لإعادة تصحيح البوصلة السياسية السورية بالاتجاه الصحيح".
من جانبه، رأى الباحث السياسي أحمد القربي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن جولة الشيباني المقرر إجراؤها خلال الأيام المقبلة لها العديد من الأهداف، مشيراً إلى أن الزيارة إلى الدوحة هدفها "تعزيز العلاقات السورية القطرية والتأكيد على حاجة سورية للدعم القطري، وخاصة على صعيد البنى التحتية". وقال: "كانت قطر ثاني دولة في العالم تُعيد افتتاح سفارتها في دمشق، ولها حضور سياسي وإنساني قوي في سورية منذ سقوط نظام الأسد. كما لا ننسى أنها كانت أول دولة تطلق جسراً جوياً لتقديم المساعدات للسوريين، وهي دولة رائدة في تقديم الدعم الإنساني على مستوى العالم". وتابع: "أما بالنسبة للزيارة إلى الإمارات والأردن فإن هدفها تهدئة المخاوف، وخاصة الأمنية". واعتبر أن هذه الزيارات هي "إشارات إيجابية من قبل الإدارة الجديدة في دمشق لجهة الانفتاح على المحيط العربي"، مضيفاً: "من المعروف أنه لدى الإمارات توجّس من قضية الإسلام السياسي، لذا فإن زيارة الشيباني ستسهم في تبديد أي مخاوف عربية على هذا الصعيد".