جنيف 2: طريق الحل أم عقبة جديدة؟

30 يونيو 2022
ضغط على صالح والمشري للتوصل إلى إطار دستوري (دينيس باليبوز/فرانس برس)
+ الخط -

قبيل التئام الاجتماع بين رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في جنيف، أول من أمس الثلاثاء، أصدرت خمس دول غربية بياناً مشتركاً حددت فيه الخطوط العريضة للاجتماع، ومررت وسطها النتائج، وكأن ذلك البيان سيناريو معلن لينفذ المسؤولان الليبيان تفاصيله، وبكل اقتدار.

السبت الماضي وعلى مدار يومين، اختلفت آراء المراقبين حول قراءة البيان وحقيقة فحواه، لكن تم الاتفاق على أنه غامض، وتوقيته غير مناسب، وقد يكون سبباً في إرباك لقاء المشري وصالح. غير أن الحقيقة أن البيان كان بمثابة الإعلان عن "الخطة ب"، بعد الفشل الذي مني به مسار جولات اللجنة الدستورية المشتركة في القاهرة لصنع إطار دستوري للانتخابات المؤجلة.

وكان مضمون البيان، أو "الخطة ب"، يتمحور حول ثلاث نقاط؛ أولها أن مسار خريطة الطريق، المعروفة إعلامياً بخريطة جنيف، ينتهي بإجراء الانتخابات. النقطة الثانية تتعلق بالضغط على صالح والمشري للتوصل إلى إطار دستوري يقود للانتخابات في أقرب وقت. أما النقطة الثالثة، فكانت من خلال الحديث عن ضرورة وجود حكومة موحدة. لكن مجيء هذا المطلب في آخر البيان يعني أن ذلك لن يُسمح بحدوثه إلا بعد الاتفاق على الإطار الدستوري.

وفعلاً كانت كل محطات لقاء المشري وصالح تؤكد ذلك، فقد انعقد هذا اللقاء في جنيف التي تم توقيع خريطة الطريق السابقة فيها، والحديث لم يعد حول تعديل مسودة الدستور، بل عن وثيقة دستورية، ما يعني تجاوز نتائج جولات القاهرة.

أما عن مطلب توحيد الحكومة، فيبدو أن تغييرات طفيفة حدثت في الخطة الجديدة، المعلنة في شكل بيان خماسي. ففي الوقت الذي كان فيه السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، يجري أول من أمس، لقاءات مع كبار المسؤولين في طرابلس، وعلى رأسهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، كان رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، فتحي باشاغا، يرسل تبريكاته للرئيسين في جنيف، ويؤكد دعمه لمخرجات لقائهما. ليصدر بعد ذلك تصريح على لسان نورلاند، يؤكد فيه "وجود سبل للمضي قدماً" لإجراء الانتخابات "بعيداً عن ضرورة وجود حكومة ليبية واحدة في السلطة"، فـ"يمكن إجراء انتخابات عامة في ليبيا من دون شرط حل الأزمة بين الحكومتين المتنافستين"، بحسب تصريحات له نقلتها وكالة "رويترز".

ومن دون شك، فإن هذا التعديل الطارئ في خطة جنيف الجديدة، جاء بناءً على وقائع لقاء الرئيسين، الذي لا يبدو أنه أنتج ضمانات كافية لمنع انقلابهما ككل مرة على الاتفاقات. وبالتالي، فإن بقاء الحكومتين يمكن أن يكون ضامناً لردع أي من الطرفين عن الإعلان عن دعم خصمه في حال تخليه عن تحقيق ما اتفق عليه بشأن إجراء الانتخابات.

في واقع الأمر، ما لا يمكن إنكاره أنه كما أن الحلول تُصنع في الخارج ويجري تنفيذها بأيد محلية في الداخل، كذلك العقبات تصنع في الخارج وتُنفذ في الداخل. فهل تحبط الأطراف الدولية نفسها النسخة الثانية من اتفاق جنيف، كما أحبطت النسخة الأولى، وتحديداً موسكو التي لا يزال موقفهاً غائباً عما جرى في جنيف؟

المساهمون