توقعات مصرية متفاوتة حول مصير اتفاق الهدنة الإنسانية

24 نوفمبر 2023
هاربون من قصف الاحتلال في رفح أمس (محمد عبد/فرانس برس)
+ الخط -

تتفاوت توقعات وقراءات أكاديميين ومحللين ومسؤولين مصريين سابقين، حول مصير اتفاق الهدنة الإنسانية الذي أُبرم بين حركة "حماس" وإسرائيل بموجب وساطة قطرية ورعاية أميركية ومشاركة مصرية، بين من يعتبر أن فرص نجاحها كبيرة إلى درجة أنه يمكن البناء عليها لإرساء وقف إطلاق نار مستدام، ومن يخالف ذلك التفاؤل ويشكك في نيات الاحتلال. 

موقف نتنياهو على المحك

يقول خبير حفظ السلام الدولي السابق في البلقان، أيمن سلامة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "من المتوقع أن تحدث انتهاكات من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، في المراحل المبكرة من اتفاق الهدنة الأخير، وذلك لأسباب مختلفة، منها عدم الترحيب الكامل بالاتفاق من قبل الإسرائيليين، وأيضاً عدم تعميم أوامر وقف إطلاق النار بشكل كامل من القيادة العسكرية على جميع الأفراد المحاربين الإسرائيليين". 

من جهته، يرى المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، صعوبة في تحول الهدن الإنسانية المؤقتة إلى وقف شامل لإطلاق النار، قائلاً في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "موقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على المحك، لأنه لو حصل وقف إطلاق نار شامل، سيُزاح عن منصبه، وسيكون معرضاً للسجن، وبالتالي فإنه لجأ إلى الهدن المؤقتة كي يجري تمديدها، ولكن دون وقف إطلاق نار شامل".

مخيمر أبو سعدة: هذا الصراع لا يمكن حسمه بالطرق العسكرية

ويضيف الأشعل: "لا أعتقد أن يوافق نتنياهو على وقف شامل لإطلاق النار، لأنه لا يزال يصرّ على إبادة الشعب الفلسطيني وإبادة حماس، وبالطبع هو سيحاول بقدر المستطاع، مثل ما يحدث الآن، وقبل دخول الهدنة حيّز التنفيذ، أن يكثف من الغارات الجوية لكي يقتل أكبر عدد ممكن من الناس، لأن هدفه الأساسي إبادة الشعب، والذي ينجو من الإبادة يُبعَد إلى مصر، وبالتالي هو لا يريد أن تكون في غزة أي مقاومة". 

بدوره، يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة، لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "في نهاية الأمر، سيكون هناك وقف إطلاق نار شامل، سواء حصل الآن أو حصل بعد عدة أيام أو أسابيع. فهذا الصراع لا يمكن حسمه بالطرق العسكرية".

ويلفت أبو سعدة إلى أن "هدف إسرائيل منذ بداية هذا العدوان، القضاء على حماس وقدراتها العسكرية، ولكن من الواضح أن صمود المقاومة الفلسطينية وتكبيد قوات الاحتلال الإسرائيلي الخسائر الكبيرة يؤكد أن حماس لا تزال قادرة على إطلاق الصواريخ حتى اللحظة، وقادرة على مباغتة قوات الاحتلال، بحسب ما يُنشَر من خلال الصور التي يبثها الإعلام العسكري التابع لكتائب القسام".

ويستبعد أبو سعدة "التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل بعد الهدنة، لأن نتنياهو قال في تصريح له إنّ القتال سيُواصَل بعد انتهاء الهدنة، ولكن قد تكون الهدنة مقدمة لهدن أخرى أو وقف إطلاق نار شامل في المستقبل، ولكن من الواضح أن نتنياهو وحكومته لا يريدان ذلك". وبرأيه فإن "الدليل على ذلك تصويت بعض وزراء حكومة نتنياهو مثل إيتمار بن غفير  ضد صفقة تبادل الأسرى، لأنهم اعتبروا أن ذلك سيُعتبَر مكسباً للمقاومة وللفلسطينيين، ولذلك يبدو أن هناك على الأقل أصواتاً في إسرائيل ترفض الهدن الإنسانية ووقف إطلاق النار، وقد نجد أصواتاً أخرى راديكالية ويمينية في إسرائيل مصممة على الاستمرار في الحرب وتدمير قطاع غزة وإبادة أكبر عدد من الفلسطينيين، كما حدث في الأيام السابقة". 

هدنة غزة بين الفرص والتحديات

الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد الكومي، يختلف قليلاً في هذا الرأي، فهو يرى أن "التهدئة فيها فرص، كما فيها تحديات". ويلفت في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنها "في كلتا الحالتين لصالح المقاومة، باعتبار أنها استطاعت أن تجرّ الاحتلال إلى المربع الذي تريده، وخصوصاً أن المقاومة منذ الأيام الأولى للمعركة تطالب بإتمام صفقة تبادل، وبالتالي أثبتت أنه لا يوجد حل غير صفقة التبادل، وأثبتت فشل الخيار العسكري مع المقاومة الفلسطينية، كما ثبتت معادلة أن تحرير الأسرى لا يتم إلا بصفقة تبادل".

أحمد الكومي: عائلات الأسرى قد تشكل ضغطاً أكبر، خصوصاً أنهم بدأوا يرون نتائج لصفقة التبادل

وبرأي الكومي فإن "موضوع تمديد الهدنة أمر وارد في ظل الجهود والمساعي القطرية والمصرية، وفي ظل الضغط الأميركي على إسرائيل". ويلفت إلى أن الأمر "مرتبط بمدى قدرة هذه الجهود في الضغط على الطرف الإسرائيلي للقبول بشروط المقاومة، وربما في ظل النتائج التي من الممكن أن تتحقق في المراحل الأولى من هذه التهدئة، يتشكل ضغط أكبر على المستويين الأمني والسياسي في إسرائيل، وفي ظل أن المزيد من عائلات الأسرى قد يشكل ضغطاً أكبر، خصوصاً أنهم بدأوا يرون نتائج لصفقة التبادل مع المقاومة، ما سيشكل ضغطاً على نتنياهو للاستمرار في هذا المسار دون الحل العسكري". 

بدوره، يتوقع الناشط السياسي الفلسطيني ـ المصري رامي شعث، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن يحصل "تمديد الهدن الإنسانية للوصول إلى وقف إطلاق نار، مبنياً أساساً على قدرة المقاومة على الاستمرار في إحداث خسائر بالعدو الصهيوني في المعدات والأرواح، واستمرار إطلاق الصواريخ، بما يضر بالاقتصاد الصهيوني ويوقف حركته، وتوسع المقاومة في لبنان والضفة الغربية واليمن وفي أماكن أخرى". وبتقديره، فإن "الهدن ووقف إطلاق النار، ستأتي بعد الفشل في تحقيق الهدف، وهو إخلاء قطاع غزة من سكانه والاستيلاء عليه، والاستمرار في تكبيد العدو خسائر بشرية، فكلما حدث ذلك واستمرت قدرة المقاومة بأشكالها المختلفة في تحقيق الانتصارات، فشل العدو في تحقيق أهدافه، ووصلنا إلى هدن إنسانية، ومنها إلى وقف إطلاق نار شامل".