تمدد "تحرير الشام" شمالي سورية

تمدد "تحرير الشام" شمالي سورية

17 ديسمبر 2023
خلال تدريبات للهيئة في إدلب، 2022 (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

يشي الواقع العسكري في مناطق شمال غرب سورية بوجود تهافت ملحوظ لفصائل المعارضة على تنظيم "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، سواء تلك التي تنتمي إلى "الجيش الوطني"، أو إلى الجبهة الوطنية، أو حتى الفصائل المستقلة. هذا التهافت على الهيئة يُترجم إما بعقد اتفاقيات دفاع مشترك معها، أو بطلب الاندماج معها بشكل كامل، على الرغم من تصنيفها تنظيماً إرهابياً من قبل الولايات المتحدة الأميركية، المتحكم الأبرز بالملف السوري، ومن قبل تركيا الداعم والمتحكم بفصائل في المعارضة السورية.

وجاء إعلان فصيل "صقور الشام"، الأسبوع الماضي، انفصاله عن "الجبهة الوطنية للتحرير"، أحد مكونات "الجيش الوطني" المدعوم تركياً، والانضمام إلى غرفة عمليات "الفتح المبين" التي تديرها "هيئة تحرير الشام" وتشكل المكون الأساسي فيها، ليكشف عن ‏تشرذم إضافي في مكونات "الجيش الوطني"، ونجاح الهيئة في استقطاب هذا المكون ليكون تحت قيادتها، على الرغم من العداوة الكبيرة سابقاً بين "صقور الشام" والهيئة والاقتتال بينهما الذي أدّى إلى طرد "صقور الشام" من معظم مناطق محافظة إدلب.

وبدأت، منذ بداية العام الحالي، بوادر انقسام ضمن فصائل "الجيش الوطني"، تمخضت عن تشكيل تجمّع تحت مسمى "تجمّع الشهباء"، ضمّ عدداً من الفصائل المنضوية ضمن "الجيش الوطني" وتبيّن أنها موالية لـ"تحرير الشام"، إذ سهّلت دخول الأخيرة إلى مناطق سيطرة "الجيش الوطني"، وزرع عناصر أمنية لها ضمن منطقة عفرين. وكان أبرز الفصائل التي أبدت تأييدها للهيئة، فصيل "أحرار الشام - القاطع الشرقي" الذي طُرد سابقاً من محافظة إدلب على يد الهيئة نفسها.

قد تكون القوة الكبيرة والمنضبطة تحت قيادة موحدة، التي تمتلكها "هيئة تحرير الشام"، واحداً من الأسباب التي تدفع بعض فصائل "الجيش الوطني"، المنقسم والمتناحر بين فصائله، للتحالف مع الهيئة، أو العمل تحت قيادتها، إما لضمان بقائها أو لتصفية حسابات مع فصائل أخرى متناحرة معها.

لكن واقع تلك الفصائل، التي تتحكّم تركيا بتمويلها وبقراراتها ومعاركها وتوقيتات تحركاتها، يجعل من الصعب جداً عليها اتخاذ قرارات تتعلق بالانسحاب من "الجيش الوطني"، أو التحالف مع "تحرير الشام"، من دون أخذ ضوء أخضر من الجانب التركي الذي يستطيع قطع الدعم عن الفصيل الذي يخرج عن كلمته، أو تأديبه عن طريق فصائل أخرى. ويشير ذلك إلى رضا تركي، وحتى أميركي، على وجود الهيئة في المنطقة كجزء أساسي من المشكلة وجزء أساسي من الحل، وبالتالي امتلاك أكبر قدر ممكن من أدوات التحكم فيها.

المساهمون