رجّح مراسل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، أن يكون توقيت كشف اغتيال عناصر من الموساد للقيادي في تنظيم القاعدة، أبو محمد المصري، الذي اغتيل في السابع من أغسطس/ آب الماضي في قلب العاصمة الإيرانية طهران، مقصوداً، ومرتبطاً على ما يبدو بخطط إسرائيلية للمرحلة القادمة، بالرغم من أن تنفيذ العملية جاء بناءً على طلب أميركي، حسبما أوردت أمس صحيفة "نيويورك تايمز".
وبحسب يهوشواع، إن الكشف عن العملية وهوية المنفذين، يرتبط بخطط إسرائيلية تستبق دخول الرئيس الأميركي المنتخب، جو بادين، في كل ما يتصل بالحرب ضد إيران ومشروعها النووي.
وأضاف مراسل الصحيفة أن هذه العمليات لن تكون الأخيرة التي تجري في آخر أيام إدارة الرئيس دونالد ترامب، متسائلاً في الوقت ذاته: لماذا لم يستخدم ترامب عملية اغتيال أبو محمد المصري، المسؤول عن قتل أميركيين في عمليات التفجير المختلفة، في المعركة الانتخابية وتوظيف ذلك لمصلحته؟
وأشار يهوشواع إلى الزيارة التي بدأها وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، وسيحطّ خلالها في إسرائيل هذا الأسبوع، والتي سيلتقي خلالها أيضاً برئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، معتبراً أن اللقاء المرتقب سيتناول اتفاقيات التطبيع الأخيرة بين إسرائيل ودول عربية (الإمارات والبحرين والسودان) وأيضاً التعاون الإسرائيلي الأميركي في الشأن الإيراني.
وبحسب يهوشواع، فإن التقديرات الإسرائيلية لا تشير إلى إقدام ترامب على توجيه ضربة إلى المنشآت النووية الإيرانية، لكن من المعقول الافتراض أن نسمع عن مزيد من العمليات السرية نسبتها إيران إلى إسرائيل. وهي عمليات طاولت المشروع النووي الإيراني، ووجهت رسائل إلى إيران والولايات المتحدة بأن إسرائيل لا تعتزم تغيير سياستها لمنع تقدم إيران في مشروعها النووي، وأنّ بمقدور إسرائيل، كما الولايات المتحدة أيضاً، تنفيذ عمليات في العمق الإيراني دون التدهور إلى حرب شاملة أو مواجهة عسكرية.
إلى ذلك، أثنى يهوشواع على المستوى العالي في تنفيذ عملية الاغتيال في قلب طهران، بأسلوب يجيده الموساد، وهو يذكر بأسلوب اغتيال قائد الجهاد الإسلامي، فتحي الشقاقي في مالطة، واغتيال فادي البطش في ماليزيا.
وأشار مراسل الصحيفة إلى أن العملية تضاف عملياً إلى سلسلة عمليات ناجحة للموساد ضد المشروع النووي الإيراني، زرع عبوات ناسفة في مفاعل نطنز، وسرقة الأرشيف النووي الإيراني من قبل الموساد، واغتيال عدد من العملاء العاملين في المشروع الإيراني، واستهداف عناصر وقيادات لحركة حماس حالت دون تطوير الحركة لقدراتها الصاروخية.
ولفت يهوشواع، مثله في ذلك مثل رونين بيرغمان، الذي يعمل أيضاً في صحيفة نيويورك تايمز، إلى أن هذه العمليات تكشف حجم التعاون الاستخباراتي الأميركي الإسرائيلي، وانتقال الطرف الأميركي من كبح مثل هذه العمليات إلى الموافقة عليها وإقرارها والمشاركة فيها بشكل كامل.
وكان بيرغمان قد أشار من جهته في تقرير له هو الآخر في يديعوت أحرونوت اليوم، إلى أن العملية تكشف أيضاً حجم الاختراق الإسرائيلي للاستخبارات الإيرانية والحرس الثوري الإيراني والجيش في إيران، إلى درجة تمكن الموساد، بحسب تقارير أجنبية (يحرص بيرغمان على عدم إقرار ذلك مباشرة وردّه إلى مصادر أجنبية) من تفجير مفاعل نطنز في إيران قبل عدة أشهر، فضلاً عن عمليات التفجيرات في ميناء بندر شاه.
ويخلص بيرغمان إلى القول إن "هناك أملاً بأن تكون العمليات الأكبر أمامنا، وأن تصفية الحساب مع أبو محمد المصري تشكل حدثاً هامشياً مقارنة بالموضوع الرئيسي، وهو المواجهة المستمرة التي هي بمثابة حرب مفتوحة منذ مدة بين إيران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة ثانية، حيث لم تقل بعد الكلمة الأخيرة في هذا الملف".