مئات المتظاهرين يتجمعون وسط بغداد لإحياء ذكرى "انتفاضة تشرين": دولة مدنية

25 أكتوبر 2022
بدا لافتاً الحضور النسوي في تظاهرة بغداد(صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

انطلقت في العاصمة العراقية بغداد، ظهر اليوم الثلاثاء، تظاهرة شارك فيها المئات من الناشطين المدنيين الذين يمثلون قوى وحراكات مختلفة، لإحياء الذكرى الثالثة لتظاهرات أكتوبر/تشرين الأول 2019، والتي سقط فيها في مثل هذا اليوم العشرات من الناشطين والمتظاهرين بنيران قوات الأمن ومسلحين ما زالت السلطات العراقية تتحايل على تحديد هوياتهم، بحسب وصف قوى مدنية عراقية.

وعلى الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة وغلق الطرق وعدد من الجسور في بغداد، مع نشر قوات الشرطة الاتحادية في ساحة التحرير، إلا أن المئات من المتظاهرين تمكنوا من الوصول إلى نقطة التجمع التي اتفق عليها الناشطون وهي تحت نصب الحرية في ساحة التحرير.

وبدا لافتاً الحضور النسوي في التظاهرة التي رفعت فيها صور وشعارات مختلفة، من بينها "الدولة المدنية والقضاء على المحاصصة الطائفية هي الحل"، و"بعدنه نريد وطن"، بمعنى ما زلنا نريد وطنا، في إشارة إلى شعار التظاهرات الأولى الرئيسي وهي "نريد وطن"، وشعارات أخرى رافضة لحكومة محمد شياع السوداني التي وصفتها بحكومة المحاصصة الطائفية.

وأفاد مراسل "العربي الجديد" في بغداد، بأن غالبية القوى المدنية مشاركة في التظاهرة التي أخذت شكل التجمع الكبير بعد تضييق قوات الأمن ومنع المحتجين من السير أو الاتجاه نحو جسر الجمهورية على نهر دجلة، مشيراً إلى أن "احتكاكاً بين المتظاهرين وقوات الأمن تسبب بإصابة عدد من المحتجين نتيجة ضرب ولكمات تعرضوا لها من قبل أفراد الأمن".

ومنعت قوات الأمن وسائل الإعلام من البث المباشر للتظاهرة أو آلية دخول الناشطين لساحة التحرير، وسط بغداد، كما أمرت ناشطين بإغلاق هواتفهم بعد رصدهم يقومون ببث مباشر عبر حساباتهم في موقع "فيسبوك"، في تضييق آخر يهدف لاحتواء الاحتجاجات.

وحتى الساعة الثالثة بتوقيت بغداد، فإن عدد المتظاهرين يبلغ زهاء 300 شخص وهو أقل من المتوقع، لكن ناشطين أكدوا أن ذلك يعود إلى التضييق الأمني الذي فرضته القوات العراقية، وأيضاً تحذيرات بعض الأطراف المدنية من إمكانية أن يستغل التيار الصدري الحراك الشعبي لتمرير رسائل لخصومه السياسيين ويدفع بعدد من مناصريه للاحتكاك بقوات الأمن، وهو ما لم يحصل لغاية الآن في بغداد وفي مدن جنوبي البلاد.

وفي الوقت الذي يستعد فيه ناشطو محافظات جنوب ووسط العراق للخروج بتجمعات مماثلة لإحياء الذكرى، يؤكد عضو الحراك المدني في البصرة محمد الفتلاوي لـ"العربي الجديد"، على أهمية مواصلة التجمع وإجراء ممارسات احتجاجية بالشارع بين وقت وآخر استعدادا لتظاهرات أوسع.

وقال الفتلاوي "لا يوجد جديد، العراق قبل 2019 كما هو الآن، أحزاب الإسلام السياسي تتحايل ولا تريد أو تقبل بأي تحديث أو إصلاح للعملية السياسية التي أثبتت فشلها طوال العشرين عاما الماضية، لذلك نحن نضع بالحسبان تظاهرات جديدة قد تكون أوسع وأقوى من السابقة، ولن ننتظر تغييراً من الخارج".

وأكد الفتلاوي، وهو عضو بارز في تنسيقيات العشّار، وسط البصرة، أن "الجوع والفقر والبطالة تتسع وهي وقود التظاهرات الجديدة التي لن تتأخر أكثر من عام من الآن".

وشهدت الناصرية وكربلاء والبصرة والديوانية وقفات احتجاجية متزامنة لإحياء ذكرى انتفاضة 25 أكتوبر.

 

وأعلنت "قوى التغيير الديمقراطية"، التي تضم كلا من الحزب الشيوعي العراقي، وحركة نازل آخذ حقي، وحزب البيت الوطني، والتيار الديمقراطي، وتيار الوعد العراقي، وحراك البيت العراقي، وحركة تشرين الديمقراطية والتيار الاجتماعي الديمقراطي في وقت سابق من صباح اليوم الثلاثاء، دعمها للتظاهرات المزمع خروجها الثلاثاء، داعية تنظيمات الأحزاب والحركات المنضوية ضمنها إلى تنظيم الوقفات مع المحتجين.

وجاء في البيان: "إننا نؤكد مساندتنا للتظاهرات السلمية التي ستنطلق في ساحة التحرير وبقية ساحات الاحتجاج في المحافظات"، وأضاف: "نتابع وإياكم مسار تشكيل الحكومة، وإصرار المعنيين على التمسك بالمحاصصة، وفتح مزاد لبيع وشراء الوزارات بين هذه الجهة وتلك"، معتبراً أن "وصفة الفشل، المحاصصة التي تشكلت وفقها الحكومات السابقة، ويعاد اعتمادها اليوم، لا يمكن أن تنتج حلولاً ومعالجات جذرية وشاملة لأزمات البلد".

وأشار إلى أن "مشروع التغيير، الذي يستند إلى الديمقراطية والمواطنة والعدالة الاجتماعية، بات ضرورة ملحة وحاجة يشعر بها المواطنون يوماً بعد آخر".

واندلعت التظاهرات العراقية في الأول من أكتوبر 2019، عقب دعوات انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تردي الخدمات وتفاقم نسبة البطالة، قبل أن تنفجر بشكل واسع في بغداد ومدن جنوبي العراق ووسطه.

ويعتبر قادة الحراك 25 أكتوبر 2019 نقطة تحول كبيرة في الاحتجاجات بعد امتدادها إلى مدن جنوب ووسط البلاد، وبدء نصب خيام الاعتصام في الساحات الرئيسية، لا سيما في بغداد.