تظاهرات "مواطنون ضد الانقلاب" في تونس: حشود تحرر المشهد السياسي من الجمود
فتح حراك "مواطنون ضد الانقلاب" مرحلة جديدة بتحرير الشارع السياسي التونسي من الجمود والخوف اللذين خيما على البلاد منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيد عن قراراته التي وُصفت بـ"الانقلابية" في 25 تموز/ يوليو.
ويعتبر قياديو "مواطنون ضد الانقلاب" أن نجاح مسيرة باردو الأحد شكل محطة مهمة في مسار مناهضة مشروع الرئيس سعيد، من خلال تمكنهم من "تحريك الشارع الديمقراطي وتحفيز الصامتين لمقاومته".
وبيّن لمين البوعزيزي، الناشط السياسي وأحد رموز حراك "مواطنون ضد الانقلاب"، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "نجاح المحطة الرابعة التي ينفذها حراك (مواطنون ضد الانقلاب) يؤسس لمرحلة كسر أكذوبة التفويض الشعبي بإبراز عكس ذلك وإثبات وجود شارع يقول لكل العالم إنه مؤمن بالديمقراطية والدستور، في مقابل شارع آخر يناشد ويبارك".
وأكد البوعزيزي أن "حراك "مواطنون ضد الانقلاب" يستمد أخلاقيته في اللجوء إلى الشارع دفاعا عن الدستور، وليس دفاعا عن الانقلاب".
وقال المتحدث ذاته: "نعتبر أن 14 نوفمبر/ تشرين الثاني محطة حررت الشارع الحزبي والسياسي من حالة البهتة والجمود بعدما كانت أغلب الأحزاب تنشط في سقف الانقلاب، إذ كانت بياناتها تدور حول الجانب الحقوقي والحريات، وترفض تسمية ما حصل بالانقلاب، ثم بدأت تتشكل جبهات حزبية ضد الانقلاب".
كسرت مظاهرات 14 نوفمبر حاجز الخوف من الانقلاب وقوضت أكذوبة التفويض الشعبي للمنقلب
وأضاف أن "حراك 14 نوفمبر/ تشرين الثاني هو تتويج لتجاوز مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" مرحلة التعريف بالضد (ضد مشروع سعيد)، إلى أن أصبحت اليوم مبادرة سياسية متكاملة الملامح تتضمن خارطة طريق لما بعد الانقلاب، بعدما كانت الساحة السياسية سابقا خالية من أي مبادرة".
وتابع البوعزيزي: "تمت الإجابة عن نعت الرئيس سعيد لأصحاب المبادرة بالنكرات، من خلال مشاركة الآلاف (...) هذه المبادرة لها جمهورها وداعموها، وتنطلق من الدستور وتحتكم له".
وأكد أن "المبادرة حررت الساحة السياسية من الجمود، حيث انفتحت على المعارضة ولامست شخصيات كانت في الدائرة الضيقة لرئيس الدولة (المستشار السابق لدى سعيد عبد الرؤوف الطبيب)، التي أصبحت تنشط ضمنها".
واستدرك المتحدث: "في النهاية الحراك ليس شغله الشاغل توحيد المعارضين ومقاومي الانقلاب، بل بالإمكان تنويع المسارات المعارضة"، مشيرًا إلى أهمية "التنوع والتقاطع في الهدف بين جميع المعارضين في مبدأ رفض الانقلاب".
وأكد البوعزيزي أن الحراك يوم 14 نوفمبر/ تشرين الثاني "أضاف إلى الشارع السياسي الديمقراطي شارعا اجتماعيا مناهضا، وهو ما تجلى في عقارب بمحافظة صفاقس، الذي اكتشف تضليله بعد 100 يوم من الوعود دون تحقيق شيء".
وحول الدعوات للاعتصام أمام البرلمان ومسيرات في الجهات، بيّن البوعزيزي أن "للمبادرة خياراتها ورؤاها"، مشيرا إلى أن "هناك أطرافا تزايد للركوب على حدث تحمل أصحابه أوزاره"، مشددا على أن "من يريد النضال فليتفضل إلى الساحة، لا أن يفرض على الحراك خيارات أخرى".
من جانبه، اعتبر الناشط السياسي وأحد منظري حراك "مواطنون ضد الانقلاب" الحبيب بوعجيلة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "مسيرة 14 نوفمبر/ تشرين الثاني فتحت طورا جديدا من النضال المؤسس على أرضية ومشروع ورؤى أكثر وضوحا، وباتت جاهزة للتفاوض مع مختلف الأطراف دون إقصاء".
ووصف المرحلة بأنها "أكثر تطورا من المسيرة الأولى، حيث كسرت حاجز الخوف من الانقلاب وقوضت أكذوبة التفويض الشعبي للمنقلب بإبراز الشارع الرافض والمناهض للانقلاب على الدستور والشرعية".
ولفت بوعجيلة إلى أن "محطة 14 نوفمبر/ تشرين الثاني أكدت اتساع رقعة المناهضين والمعارضين من جهة، من خلال التفاف المقاومات والمقاومين للانقلاب حول المبادرة التي تحمل مشروعا للخروج من الأزمة"، أما من جهة أخرى، فقد "أسقطت مساندي الانقلاب بعدما أنكر المنقلب دورهم، بل دعاهم لعدم الحديث باسمه، بل وصل الأمر به إلى تخوينهم".
وشدد المتحدث على أن ما "يحسب لـ"حراك مواطنون ضد الانقلاب" أنه نجح في كسر الجمود السياسي والحزبي ونقل الاحتجاج من البيانات والشعارات الحقوقية إلى مطالب شارع بمبادرة واضحة لفترة ما بعد الانقلاب".
هيئة الوقاية من التعذيب تأسف لاستمرار التضييق على حرّية التظاهر في تونس
وعبّرت الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب في تونس، أمس الإثنين، عن "أسفها الشديد لاستمرار إجراءات التضييق على حرّية التظاهر، ومحاولة إعاقة وصول المواطنين إلى مكان الاحتجاج".
ونبهت، في بيان لها، من "خطورة استعمال نفس الأساليب الأمنيّة التقليديّة في مواجهة الاحتجاجات الشعبيّة، لا سيما أنّها أثبتت فشلها في السّابق، ومفعولها العكسي".
وقالت الهيئة، إنه عملاً بصلاحيّاتها التي نصّ عليها القانون، ولا سيما "القيام بزيارات دوريّة منتظمة، وأخرى فجائيّة دون سابق إعلام، وفي كلّ وقت تختاره لأماكن الاحتجاز التي يوجد فيها أشخاص محرومون أو يمكن أن يكونوا محرومين من حرّيتهم"، وحرصاً منها على تلافي حصول انتهاكات حقوق الإنسان وتكرّرها في علاقة بالتعاطي مع الاحتجاجات الشعبيّة، واكبت الهيئة معظم الوقفات الاحتجاجيّة التي تواترت في الأسابيع الأخيرة، وكان آخرها الوقفة الاحتجاجيّة التي انتظمت يوم الأحد 14 نوفمبر/تشرين الثاني في شارع 20 مارس 1956 بباردو.
ولفتت الهيئة إلى أنها سجّلت جملة من التّضييقات والتجاوزات، وهي تعبر عن "أسفها الشديد لاستمرار إجراءات التضييق على حرّية التظاهر، ومحاولة إعاقة وصول المواطنين إلى مكان الاحتجاج بطرق مختلفة، مثل سدّ المنافذ، وتعطيل الحركة المروريّة، وإغلاق الطريق السيّارة جزئيّاً، وإنزال بعض الركّاب قسراً من وسائل النقل العمومي".
وشددت على "رفضها للتضييق عليها عند زيارة بعض الأماكن السّالبة للحرّية وخاصّة المراكز الأمنيّة". واستنكرت الهيئة "استفزاز بعض أعضائها، أو محاولة منعهم من الدّخول إلى بعض المرافق العموميّة بما في ذلك المحاكم".
وأكدت "احتفاظها بحقها في تتبّع المتسبّبين في تلك الانتهاكات قضائيّاً، منعاً للإفلات من العقاب، وتكريساً لعلويّة القانون". ودعت الهيئة، جهات الإشراف الأمنيّة ووكلاء الجمهوريّة، إلى وضع حدّ لمثل تلك التجاوزات، وضمان عدم تكرارها".