أثار تصريح الأمين العام لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، الطيب زيتوني، بشأن مشاركة مناضلي حزبه في الحراك الشعبي، سخرية سياسية وشعبية كبيرة، خاصة وأن الحزب الثاني للسلطة بالجزائر وقيادته ومناضليه، كانوا من أكبر المؤيدين لترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة في الانتخابات التي كانت ستجري قبل إلغائها بسبب مظاهرات الحراك الشعبي.
وقال زيتوني، خلال تجمع شعبي نظمه بولاية تلمسان أقصى غربي الجزائر، مساء أمس الإثنين، في إطار الحملة الانتخابية للاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد والمقرر في الأول نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، إن "مناضلي التجمع كانوا في الصفوف الأولى للحراك الشعبي ضد العصابة"، في إشارة منه إلى مجموعة الرئيس السابق بوتفليقة. ومع ذلك أقر بأن "الحزب أخطأ في المرحلة السابقة وكان حزبا للتصفيق والمتاجرة بجهود المناضلين"، إذ كان الحزب منذ تأسيسه عام 1997 يدعم كل سياسات السلطة والحكومة.
وبمقدار الجرأة السياسية لزيتوني في الادعاء بانخراط مناضلي الحزب في الحراك الشعبي، تناسى أن الحراك كانت من أبرز مطالبه منذ الجمعة الأولى له الدعوة لحل "التجمع الوطني الديمقراطي" وكذا "جبهة التحرير الوطني"، ومحاسبة قيادة الحزب على تورطها في الفساد المالي والسياسي وتزوير الانتخابات.
وعمت موجة من الدهشة المعلقين السياسيين بشأن مزاعم زيتوني، فقال عضو "منبر الأحرار"، نور الدين خذير، لـ "العربي الجديد" إن "هذا أمر غير معقول، مثل هذا التصريح ليس سخرية سياسية فقط، بل محاولة لقلب الحقائق وركوب متأخر على موجة الحراك الشعبي"، مشيرا إلى أن "الحراك نفسه كان يطالب بحل هذا الحزب ورفعت في المظاهرات الأولى لافتات تهاجم التجمع وقيادته، وعندما كان الجزائريون يسعون لوقف كارثة العهدة الخامسة كان كبار قادته ومناضليه في القنوات يدافعون عن نظام بوتفليقة".
وشاركت قيادة الحزب ومناضلوه في التجمع الشعبي لأحزاب التحالف الرئاسي الذي عقد في التاسع من فبراير/ شباط 2019 في العاصمة دعما لبوتفليقة، كما شاركوا في عملية جمع التوقيعات لصالح ترشحه، حتى بعد اندلاع مظاهرات الحراك. وظل الحزب وكافة قياداته وهياكله تهاجم الحراك الشعبي وتدافع عن بوتفليقة حتى استقالته في الثاني من إبريل/ نيسان 2019.
وعقب استقالة بوتفليقة، أعلن عدد من قياديي الحزب، أبرزهم المتحدث الرسمي باسمه شهاب صديق أن الحزب كان مخطئا في تقديراته السياسية وكان يدعم مشروعا سياسيا مهينا للجزائريين (الولاية الخامسة لبوتفليقة)، وأنهم لم يغلبوا المصلحة الوطنية. واعتبرت تلك التصريحات إقرارا سياسيا بمغالطة الجزائريين، وسارع الحزب حينها إلى فصل صديق من الحزب والقيادات التي عبرت عن الموقف نفسه، فيما أعلنت قيادات أخرى استقالتها من الحزب.
رفع الحصانة عن رئيس حزب ووزير سابق
من جهة أخرى، رفع البرلمان الجزائري في جلسة عقدها اليوم الحصانة النيابية عن رئيس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، محسن بلعباس، ووزير الموارد المائية الأسبق عبد القادر واعلي، بناء على طلب من القضاء تمهيدا لملاحقتهما في قضايا تخصهما.
ووافق 242 نائبا على طلب وزارة العدل رفع الحصانة عن بلعباس، فيما صوت 40 نائبا بالرفض وامتنع 19 آخرون، في جلسة سرية عقدت اليوم.
وكان بلعباس قد رفض المثول أمام لجنة الشؤون القانونية والحريات في البرلمان، لتقديم وجهة نظره في القضية المرفوعة ضده، والتي تخص وفاة عامل من الجنسية المغربية، غير مصرح به، في ورشة بناء بفيلا تعود ملكيتها له في الضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية.
وسبق أن استدعي بلعباس لدى مصالح الدرك للتحقيق في القضية، غير أن الحزب اعتبر في بياناته الأخيرة أن هذه القضية تدخل ضمن سياق محاولات الضغط السياسي على الحزب ورئيسه بسبب مواقف بلعباس المعارضة للسلطة، ونتيجة معارضته للمسار الانتخابي ورفضه الإقرار بشرعية الرئيس عبد المجيد تبون ورفضه للدستور الجديد واستمرار دعمه للحراك الشعبي.
وفي السياق، تم اليوم خلال الجلسة نفسها قبول التنازل الطوعي للنائب عن حزب "جبهة التحرير الوطني"، عبد القادر واعلي، عن الحصانة البرلمانية قبل بداية التصويت، تمهيدا لملاحقته قضائيا بصفته وزيرا سابقا للأشغال العمومية والموارد المائية، في قضية فساد ومنح صفقات بطريقة غير قانونية لصالح زعيم الكارتل المالي علي حداد الموقوف في السجن. وكان واعلي قد أفلت شهر مارس/ آذار الماضي من رفع الحصانة عنه في جلسة برلمانية.