تجمع الآلاف في الساحة الرئيسية بالعاصمة التشادية نجامينا، اليوم الجمعة، لتشييع جثمان الرئيس إدريس ديبي، الذي قُتل أثناء قيادته عمليات عسكرية لصد هجوم للمتمردين، فيما ينتظر أن يشارك بمراسم الجنازة الرسمية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس غينيا ألفا كوندي، وغيرهما من زعماء الدول الأفريقية، وذلك رغم تحذيرات بعدم حضورهم لدواع أمنية.
ويوارى جثمان ديبي، الذي حكم تشاد لأكثر من ثلاثين عاما، بالقرب من مسقط رأسه بعد الجنازة الرسمية، فيما تواجه البلاد مستقبلاً غير مؤكد.
وأعلن الجيش وفاة ديبي الثلاثاء المنصرم، بعد يوم من إعلان مسؤولي الانتخابات فوزه بفترة رئاسية سادسة، وقاطعت معظم أطياف المعارضة الانتخابات.
وقال كل من قادة المعارضة والمتمردين المتهمين بقتل ديبي إنهم غير راضين عما يقولون إنه بمثابة انقلاب بعد تسليم السلطة إلى نجل ديبي، محمد إدريس ديبي، 37 عامًا، لقيادة حكومة انتقالية مدتها 18 شهراً.
ويرى العديد من المعارضين الذين تعرضوا للقمع من قبل نظام ديبي أن تولي الحكم بهذه الطريقة ليس سوى "انقلاب مؤسسي".
وحضر رؤساء حوالى 12 دولة إلى العاصمة التشادية، الجمعة، بينهم قادة الدول الأربع الأخرى في مجموعة الساحل (مالي والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا)، ورئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان. كما أكد الكونغولي فيليكس تشيسكيدي، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، حضوره.
ووصل ماكرون، رئيس الدولة الغربي الوحيد الذي يحضر التشييع، مساء الخميس، إلى نجامينا والتقى على الفور ابن الرئيس الراحل.
إلى ذلك، أوردت وكالة "رويترز" عن مصدر بالرئاسة الفرنسية قوله إن فرنسا والدول الخمس الكبرى الأخرى أبدت بوجه عام دعمها لانتقال مدني-عسكري للسلطة في تشاد لصالح الاستقرار الإقليمي، وذلك بعد اجتماع مع المجلس العسكري المؤقت في تشاد.
وبعد التكريم العسكري والخطب، ستُتلى الصلاة في المسجد الكبير في نجامينا، ثم ينقل جثمان إدريس ديبي بالطائرة إلى أمجراس، التي تبعد أكثر من ألف كيلومتر، لدفنه بالقرب من والده في هذه القرية الصغيرة المجاورة لمسقط رأسه بيردوبا، عاصمة إقليم إنيدي الشرقي (شمال شرق)، بالقرب من الحدود السودانية.
ويمثل حضور رؤساء الدول تحديا أمنيا كبيرا للنظام الجديد الذي ما زال يواجه متمردين قادمين من ليبيا وعدوا بالزحف إلى نجامينا ويرفضون الانتقال العسكري.
كما يمكن أن يأتي التهديد من داخل النظام، لأن تولي الشاب محمد إدريس ديبي السلطة مفاجئ وهناك شخصيات كانت تطمح للصعود إلى السلطة من داخل عشيرة رئيس الدولة الراحل.
وفي تعليق على ذلك، قال رولان مارشال، المحلل في مركز الأبحاث الدولي التابع لجامعة العلوم السياسية في باريس، لوكالة "فرانس برس"، إن الإدارة العامة للخدمات الأمنية لمؤسسات الدولة، وهي الهيئة التي تتمتع بنفوذ كبير ويقودها الرئيس الجديد، "قد تنقسم".
وأضاف "سيحلون مشاكلهم كما فعلوا في الماضي، عن طريق محاولات القيام بتصفيات جسدية، أي مع عنف مسلح في العاصمة".
ودفع الاعتماد الغربي، الفرنسي خصوصاً، على تشاد، إلى تجاهل كل مساوئ حكم ديبي على مدى 30 عاماً، تحديداً في سياق انتهاكات حقوق الإنسان، بسبب تمرّس الجيش التشادي في الحرب ضد الجماعات المسلّحة، تحديداً ضد جماعة "بوكو حرام".
ومن شأن التركيز على ديبي الابن أن يكون خياراً منطقياً لفرنسا أولاً، لكن على المجلس العسكري الجديد مواجهة تحدّيات عدة، بدءاً من إعلان المتمردين نيّتهم مواصلة الحرب حتى إسقاط نظام ديبي، خصوصاً مع تأكيد المتحدث باسم "جبهة التناوب والوفاق في تشاد"، كينجابي أوغوزيمي دي تابول، وجود نية لـ"مواصلة الهجوم" على العاصمة. ولا تقتصر مخاوف المجلس العسكري على المتمردين، بل أيضاً على 30 حزباً تشادياً معارضاً، نددوا بما سمّوه "عملية انقلاب"، بقياد ديبي الابن. ودعوا إلى "إقامة مرحلة انتقالية يقودها مدنيون من خلال حوار شامل".
وطالبت الأحزاب المعارضة "بعدم الانصياع للقرارات غير القانونية وغير الشرعية وغير النظامية التي اتخذها المجلس العسكري الانتقالي، خصوصاً الميثاق الانتقالي وحظر التجول".
(العربي الجديد، وكالات)