تقوم المعارضة السورية وفي مقدمتها الائتلاف الوطني، بالعديد من التحركات على المستوى الدولي من أجل تحريك الملف السوري، وفي سبيل استعادة شيء من شرعيتها وفعاليتها على الساحة الدولية. فقد أجرى الرئيس الجديد للائتلاف سالم المسلط، منذ توليه هذا المنصب، العديد من اللقاءات مع مسؤولي الدول المعنية بالقضية السورية، كما شكّل وفداً كبيراً توجّه للولايات المتحدة بالتزامن مع اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتقى مسؤولين أميركيين وأوروبيين بالإضافة إلى وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، سعياً لتحريك الملف السوري باتجاه تطبيق قرار مجلس الأمن 2254، وفي سبيل كسب موقف مؤيد للمعارضة والضغط على النظام من أجل تحريك عمل هيئة التفاوض، واللجنة الدستورية، وتحقيق تقدم في الملفات التي لا يزال يرفض التجاوب حيالها وفي مقدمتها ملف المعتقلين.
إلا أن سعي المعارضة لتحريك الملف السوري قابلته تحركات للنظام وروسيا على أكثر من صعيد، فخلال الفترة الماضية تخلت موسكو عن دور الضامن وقامت بإجبار معظم سكان درعا على توقيع اتفاقات تسوية مع النظام مهددة بعمل عسكري في حال رفض الانصياع للاتفاقات الجديدة. ومن خلال هذه العملية توسعت مناطق سيطرة النظام لتشمل المنطقة الجنوبية بشكل شبه كامل. كما كثفت روسيا من عملياتها وعمليات النظام في البادية السورية ضد خلايا تنظيم "داعش" بهدف تسويق النظام كمحارب للإرهاب وكشريك للمجتمع الدولي بمحاربته، على الرغم من إدانته بارتكاب جرائم بأسلحة محرمة دولياً من قبل منظمات حظر تلك الأسلحة.
وعلى الصعيد السياسي، استغل النظام بدعم روسي اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكسر العزلة المفروضة عليه، فالتقى وزير الخارجية السوري فيصل المقداد بوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لأول مرة منذ بدء عزلة النظام دولياً بعد الثورة السورية. كما التقى المقداد في نيويورك وزير الخارجية المصري سامح شكري. بالموازاة، تحاول موسكو إعادة النظام إلى المجتمع الدولي من خلال تحركها مع الأردن ومحاولة إقناع الولايات المتحدة بمباركة أو التغاضي عن إعادة النظام إلى جامعة الدول العربية.
مما سبق يتضح أن تحريك الملف السوري ضمن الظرف الراهن كله يسير باتجاه تعويم نظام بشار الأسد، بدلاً من السير نحو فرض حل سياسي عادل في سورية يقوم على قرارات الشرعية الدولية، بسبب عدم امتلاك قوى المعارضة أوراق قوة حقيقية، فيما يبذل حلفاء النظام جهوداً استثنائية من أجل الحفاظ عليه، في وقت لا تتوافر إرادة دولية بشكل عام وأميركية خصوصاً، لدفع حل سياسي في سورية.