تبون وماكرون يوقعان "إعلان الجزائر" من أجل شراكة متجددة

27 اغسطس 2022
ثاني وثيقة يوقعها البلدان خلال 10 سنوات (لودوفيك مارين/ فرانس برس)
+ الخط -

وقع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت، "إعلان الجزائر" من أجل شراكة متجددة.

ونقل التلفزيون الجزائري الرسمي مراسم توقيع الوثيقة النهائية في اليوم الثالث والأخير لزيارة الرئيس الفرنسي إلى البلاد، في القاعة الشرفية لمطار الجزائر الدولي هواري بومدين بالعاصمة.

ويتضمن الاتفاق الجديد جملة من التفاهمات تخص ملف الذاكرة وماضي الاستعمار الفرنسي في الجزائر (1830-1962) والتعاون في مجال الأمن والدفاع والسياسية الخارجية، والاقتصاد، وتحديداً في الغذاء والموارد النادرة، وفق ما ذكر ماكرون في تصريحات له الجمعة.

ولم يكن مبرمجاً مسبقاً توقيع الاتفاق قبل الزيارة.

وفي مؤتمر صحافي مشترك عقب توقيع "إعلان الجزائر" قال الرئيس تبون: "لقد اتفقنا مع الرئيس الفرنسي على المستقبل الذي يخص البلدين"، مشيراً إلى أنّ الطرفين سيعملان "معاً في العديد من المجالات خارج إطار الجزائر ـ فرنسا خدمة لمصلحة القارة الأفريقية التي لطالما دافعنا عنها".

وأضاف تبون، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، أنّ "فرنسا أيضاً قريبة من أفريقيا"، معتبراً أنّ "التقارب المسجل بين الجزائر وفرنسا بفضل زيارة الرئيس ماكرون سيسمح للبلدين بالذهاب بعيداً".

وأردف: "لأول مرة منذ الاستقلال يعقد اجتماع (أمس الجمعة) بحضور رئيسي البلدين والمصالح الأمنية المعنية من الجانبين، بما في ذلك الجيش من الطرفين، وهو ما يبشر بعمل مشترك لصالح محيطنا الجيوسياسي".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وتعليقاً على زيارة ماكرون التي دامت ثلاثة أيام قال تبون إنها "زيارة ممتازة وضرورية سمحت بتقارب لم يكن ممكناً لو لم تكن هناك شخصية الرئيس ماكرون نفسه".

وأضاف: "إنها زيارة ممتازة وضرورية ومفيدة للعلاقة بين البلدين، ومن وجهة نظري فإنها زيارة ناجحة جداً وضعت كثيراً من الأمور في نصابها".

وبخصوص ملف "الذاكرة" قال تبون، بحسب المصدر ذاته: "اتفقنا على استحداث لجنة مؤرخين مجردة من الاعتبارات السياسية".

وأردف: "أعتقد أنّ هذه اللجنة سترى النور خلال الخمسة عشر أو العشرين يوماً المقبلة حيث ستعكف على معالجة مسألة الذاكرة من الزاوية التاريخية وليس السياسية".

أما عن الآجال الممنوحة للمختصين من أجل القيام بهذا العمل، فقال تبون إنه اتفق مع نظيره الفرنسي على "أجل مدته سنة أو أقل إذا ما أنجز العمل قبل الآجال المتفق عليها".

وتابع تبون: "أما إذا استغرقوا (المختصون) وقتاً أكثر فلا بأس، لأن العمل المتقن يتطلب وقتاً أطول".

من جهته اعتبر الرئيس الفرنسي أنّ إعلان الجزائر سيتيح "تعزيز العلاقة المتقاربة من خلال إجراء حوار دائم حول جميع الملفات، بما في ذلك المواضيع التي منعتنا من المضي قدماً".

والاتفاق الموقع اليوم سيكون ثاني وثيقة يوقعها البلدان خلال 10 سنوات بعد إعلان التعاون والصداقة الموقع عام 2012، بين الرئيسين السابقين عبد العزيز بوتفليقة وفرنسوا هولاند.

وإضافة إلى "إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة" بين الجزائر وفرنسا تم توقيع 4 اتفاقيات تعاون ثنائية في عديد من المجالات، بحسب وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

بيد أنّ الاتفاقيات المشتركة التي عرج عليها مكتب ماكرون كانت ضعيفة فيما يتعلق بالتفاصيل، ولم تصل إلى حد بعيد للاعتذار الرسمي عن مخالفات حقبة الاستعمار الفرنسي، والذي لطالما طالب به الجزائريون.

تضمنت الاتفاقيات التعاون في مجالات أبحاث الغاز والهيدروجين والأبحاث الطبية، والرياضة، فضلاً عن تشكيل لجنة مشتركة لفحص أرشيفات تعود إلى 130 عاماً عندما كانت الجزائر جوهرة التاج في الإمبراطورية الفرنسية، وكذلك حرب الاستقلال التي استمرت ثماني سنوات.

وتعقيباً على إبرام الاتفاقيات، قال ماكرون "كانت لدينا لحظات مؤثرة في الأيام القليلة الماضية سمحت لنا ببناء أساس ما سيأتي".

ومع ذلك، أقرّ ماكرون بأنه "لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به".

وقام خلاف عميق بين البلدين في الخريف بشأن مسألة الذاكرة حول الاستعمار الفرنسي (1830-1962).

وتقرر خلال زيارة ماكرون إنشاء لجنة مؤرخين مشتركة من أجل تسوية الخلافات ومواجهة الماضي "بشجاعة" على حد تعبير الرئيس الفرنسي، و"يمكن تنصيبها في غضون الـ15 إلى 20 يوماً القادمة" وفق تبون الذي أوضع أن عملها قد يستغرق عاماً قابلاً للتمديد.

وقال ماكرون، أمس الجمعة، في كلمة أمام الجالية الفرنسية بالجزائر إنّ "الأمور سارت بزخم وحماس" مع نظيره الجزائري، وسيترجم ما اتفقا عليه في "اتفاقية شراكة جديدة".

ماكرون يزور محل "ديسكو مغرب" الشهير

وزار ماكرون، اليوم السبت، محلاً شهيراً للتسجيلات الموسيقية في الجزائر، في بادرة واضحة للشباب الجزائري.

واستقبل الناس ماكرون في محل "ديسكو مغرب" في مدينة وهران، معقل موسيقى الراي الجزائرية الشعبية والثورية في أغلبها في فترة الثمانينيات والتسعينيات.

ولعب بو علام بن حوى، صاحب المحل، دوراً مهماً في الترويج لنجوم الراي أمثال الشاب خالد - الذي غالبا ما يلقب بملك الراي - والشاب حسني، أيقونة الشباب في التسعينيات الذي قُتل على أيدي متشددين إسلاميين رافضين لأغانيه العاطفية.

الصورة
ماكرون يزور ديسكو مغرب في الجزائر (أوليغ سيتينك/أسوشييتد برس)
ماكرون يزور ديسكو مغرب في الجزائر (أوليغ سيتينك/أسوشييتد برس)

وعاد ديسكو مغرب إلى الأضواء مجدداً بعد أن أصدر دي جي سنيك، وهو منتج موسيقي فرنسي من أصل جزائري، أغنية تحمل اسم المحل.

وقال ماكرون إنّ زيارته للمحل "وسيلة للتعبير عن احترامي وإعجابي وذوقي" واصفاً إياه بأنه مركز موسيقى الراي.

وزادت أهمية العلاقات مع الجزائر بالنسبة لفرنسا إذ إنّ الحرب في أوكرانيا أدت إلى زيادة الطلب في أوروبا على غاز شمال أفريقيا، وبسبب الهجرة المتزايدة عبر البحر المتوسط. بينما تسعى الجزائر للاستفادة من ارتفاع أسعار الطاقة لجذب الاستثمار الأوروبي.

وعقب توقيع "إعلان الجزائر" من أجل شراكة متجددة بالقاعة الشرفية لمطار الجزائر الدولي هواري بومدين بالعاصمة، غادر ماكرون الجزائر وكان في وداعه نظيره الجزائري وكبار المسؤولين.

(الأناضول، فرانس برس، أسوشييتد برس)