تعهد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اليوم الجمعة، بالعمل مع دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ضد "الإكراه"، في إشارة بالكاد تكون مبطنة إلى الصين، بينما حذرت إندونيسيا، مستضيفة اجتماع رابطة آسيان، من تحويل المنطقة إلى ساحة للخصومات العالمية.
والتقى بلينكن بوزراء خارجية رابطة آسيان في جاكرتا في اجتماع ضم كبير دبلوماسيي الصين وروسيا، أكبر خصمين للولايات المتحدة.
وغداة محادثاته الأخيرة مع الصين بشأن إدارة الخلافات بين القوتين، أطلق بلينكن إشارة تكاد لا تكون مبطنة إلى المخاوف المشتركة مع كثيرين في المنطقة بشأن بكين.
وقال بلينكن لوزراء خارجية دول الرابطة: "نتشارك رؤية لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ تكون حرة ومنفتحة ومزدهرة وآمنة ومتصلة ومرنة"، وأضاف: "هذا يعني منطقة تكون فيها للبلدان الحرية في اختيار مساراتها الخاصة وشركائها، ويتم التعامل فيها مع المشاكل بانفتاح وليس من خلال الإكراه".
وأكد الوزير الأميركي ضرورة "الحفاظ على حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي والشرقي والحفاظ على السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان".
وتصاعدت الخلافات منذ سنوات بين بكين ودول جنوب شرق آسيا، لا سيما فيتنام والفيليبين، بسبب مطالبة الصين بالجزء الأكبر من بحر الصين الجنوبي.
لكن إندونيسيا حذرت من أن الرابطة لا يمكن أن تصبح ساحة معارك مع تصاعد التوتر، ليس فقط بين الولايات المتحدة والصين بل بسبب غزو روسيا لأوكرانيا أيضاً.
وقالت وزيرة الخارجية الإندونيسية، ريتنو مارسودي، لوزراء خارجية الرابطة، التي تضم 18 دولة، الذين يجتمعون بحضور الولايات المتحدة والصين وروسيا إلى جانب اليابان والهند وأستراليا: "يجب ألا تكون منطقة المحيطين الهندي والهادئ ساحة معركة أخرى"، وأضافت: "يجب أن تبقى منطقتنا مستقرة ونعتزم الحفاظ عليها على هذا النحو".
إدارة التوتر
وتشهد الاجتماعات عادة مناقشات حادة بين القوى الكبرى، لكن الولايات المتحدة والصين تعملان على منع الخلافات من الخروج عن السيطرة.
والتقى بلينكن، مساء أمس الخميس، لأكثر من ساعة ونصف الساعة رئيس السياسة الخارجية الصيني، وانغ يي، بعد أقل من شهر على زيارة نادرة قام بها بلينكن لبكين.
وقال مسؤول أميركي إن بلينكن أبلغ وانغ أن واشنطن ستحاسب القراصنة الذين تتهمهم باختراق حسابات البريد الإلكتروني لعدد من مؤسسات الحكومة الأميركية، وكان مسؤولون أميركيون حمّلوا جهات تدعمها بكين مسؤولية الاختراق.
من جهته، حث وانغ واشنطن على "العمل مع الصين في الاتجاه نفسه" لتحسين العلاقات ووقف التدخل في شؤون الصين، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الصينية، الجمعة.
وعقدت وزيرة الخارجية الأسترالية، بيني وونغ، اجتماعاً مع وانغ، أمس الخميس، وقالت إنها حثت بكين على "الشفافية" بشأن اتفاق أمني مثير للجدل أبرمته الصين مع جزر سليمان.
وصرحت وونغ للصحافيين، اليوم الجمعة: "سنواصل المشاركة في الحوار وسنواصل العمل للتغلب على خلافاتنا بحكمة. قلت إنه يمكننا تنمية علاقاتنا الثنائية مع الحفاظ على مصلحتنا الوطنية".
والتقى وزير الخارجية اليابانية، يوشيماسا هاياشي، اليوم الجمعة، بوانغ وتبادلت طوكيو وبكين الانتقادات اللاذعة بشأن الخطة اليابانية لتصريف المياه المعالجة من محطة فوكوشيما النووية.
الولايات المتحدة تتجنب روسيا
سعت الولايات المتحدة إلى زيادة التواصل مع الصين، لكن بلينكن تجنب أي اتصال بوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حتى بالنظر.
وهي المرة الأولى التي يتواجد فيها بلينكن ولافروف في قاعة واحدة، منذ اجتماع مجموعة العشرين في نيودلهي في آذار/مارس الماضي عندما تبادلا حديثاً قصيراً على هامش اللقاء.
ويرى مسؤولون أميركيون أن روسيا ليست مهتمة فعلياً بالدبلوماسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وفي المقابل تكثف القوى الغربية دعمها العسكري لكييف، ودعا بلينكن خلال الاجتماع إلى "سلام عادل ودائم في الحرب العدوانية الروسية" في أوكرانيا.
في المقابل، وفي حوار مع وسائل إعلام إندونيسية نشر خلال الأسبوع الجاري، قال لافروف إن الحرب في أوكرانيا لن تنتهي حتى تتخلى الدول الغربية عن مساعيها لإنزال "الهزيمة" بروسيا.
الضغط على ميانمار
وهيمنت الأزمة في ميانمار على محادثات آسيان، ورفضت الرابطة دعوة المجموعة العسكرية الحاكمة في البلاد، بعدما استولت على السلطة في شباط/فبراير 2021، وكان مقعد ميانمار فارغاً حول الطاولة، بينما دعا بلينكن إلى ممارسة مزيد من الضغوط على العسكريين.
وقال بلينكن: "يجب أن نضغط على النظام العسكري لوقف العنف وتنفيذ اتفاق آسيان المكون من خمس نقاط ودعم العودة إلى الحكم الديمقراطي"، وكانت الرابطة توصلت إلى خطة سلام من خمس نقاط قبل عامين مع العسكريين الحاكمين لكنها لم تنفذ بعد.
لكن تايلاند، جارة ميانمار، تحركت بمعزل عن الكتلة عبر التواصل مع المجموعة العسكرية الحاكمة، وقال وزير خارجيتها إنه تمكن أيضاً من لقاء الزعيمة المدنية المخلوعة، أونغ سان سو تشي، الأحد الماضي.
وفي ختام الاجتماعات، اليوم الجمعة، قال وزير خارجية سنغافورة، فيفيان بالاكريشنان، للصحافيين إن الدول الأعضاء في آسيان "تدعو إلى فتح جميع قنوات الاتصال".
(فرانس برس)