حدّد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري يوم الخميس المقبل جلسة لمجلس النواب لتلاوة رسالة الرئيس ميشال عون التي وجّهها إليه أمس الأحد، والتي طلب فيها سحب التكليف من الرئيس نجيب ميقاتي وذلك عقب إعلانه توقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة.
وفي خطوة وُضِعت في إطار المواجهة السياسية بين عون وميقاتي، قرّر الرئيس اللبناني استخدام توقيعه قبل انتهاء ولايته منتصف ليل اليوم، لقبول استقالة الحكومة، ليغادر قصر بعبدا، تاركاً فراغَيْن، واحد رئاسي، مع تعطيل فريقه السياسي و"حزب الله" وحلفائه 4 جلسات "انتخابية"، وآخر حكومي، خصوصاً مع عدم تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات في ظل صراع الحصص الوزارية بين صهره رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل وميقاتي.
وفي كلمةٍ أمام مناصريه وجمهور "التيار الوطني الحر" أمس في باحة القصر الجمهوري، أعلن عون عن توقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة، في خطوةٍ اعتبرها ميقاتي بلا قيمة دستورية، رافعاً سقف التحدّي بإصراره على متابعة حكومته القيام بواجباتها الدستورية كافة ومن بينها تصريف الأعمال.
ميقاتي لن يدعو لجلسات حكومية إلا للضرورة.. وعون يدعوه للاعتذار
وأكد ميقاتي في أكثر من تصريح صحافي، أنه لن يدعو لجلسات حكومية إلا في حالات خاصة وطارئة، مستبعداً أن يطلب أي وزير إعفاءه، وذلك في معرض رده على تلويح أوساط التيار بسحب وزرائهم من الحكومة في محاولة إسقاطها ومنع اجتماعاتها، مع الإشارة إلى أن أبرز مرافقي ميقاتي إلى القمة العربية في الجزائر اليوم هو وزير الطاقة وليد فياض الذي يعدّ من حصة عون الوزارية.
ووجّه عون رسالة إلى بري قال فيها: "يتوجّب على الرئيس المُكلَّف نجيب ميقاتي أن يعتذر، لكي يصار فوراً إلى تكليف سواه وإصدار مراسيم التشكيل فور ذلك تجنباً للفراغ، هذا إذا لم يبادر مجلس النواب إلى نزع التكليف فيما هو من أعطاه إياه".
وأضاف عون في رسالته أن "الأدهى والأخطر، هو ما لا أوافق عليه قطعاً، أن تمارس هكذا حكومة لا تتولى اختصاصها الذي ناطه الدستور بها إلا بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال، صلاحيات رئاسة الجمهورية بالوكالة حتى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهي صلاحيات يمارسها الرئيس تحت القسم ولا يستطيع توليها من انحسرت دائرة اختصاصه أصلاً بعدم توافر ثقة مجلس النواب بسلطته".
وتابع: "ما يزيد في الأمر خطورة أن رئيس حكومة تصريف الأعمال، المُكلّف والممتنع عن التأليف يرغب في عقد جلسات لمجلس الوزراء ورقابة مجلس النواب منعدمة، مخالفاً مفهوم تصريف الأعمال بالمعنى الضيّق ومبدأ فصل السلطات وتوازنها وتعاونها وهو من ركائز نظامنا الدستوري الديمقراطي البرلماني".
وبتكراره التحذير من فوضى دستورية، دعا عون بصورة عاجلة وماسّة إلى البدء بالإجراءات التي تقتضيها هذه الرسالة، وانتخاب رئيس جمهورية أو تأليف حكومة في اليومين المتبقيين من ولايته لتفادي سياسة "حافة الهاوية".
جلسة الخميس لن تقدم أو تؤخر
في السياق، قال عضو كتلة "التنمية والتحرير" (برئاسة نبيه بري)، قاسم هاشم: "جلسة الخميس لن تقدّم أو تؤخر، كتوقيع مرسوم قبول استقالة الحكومة، فساعات قليلة وتنتهي ولاية الرئيس عون ولا يمكن إصدار مراسيم أو تشكيل حكومة جديدة، كما أن موضوع سحب التكليف هو خارج الإطار الدستوري، من هنا، فإن مصيرها سيكون نفسه ما حصل سابقاً مثلاً عندما ناقش البرلمان في مايو/أيار 2021، رسالة الرئيس عون حول تأخر سعد الحريري بتشكيل الحكومة واتخاذ التدبير اللازم، ولم يأخذ بها".
ويشير هاشم إلى أن الأولوية اليوم لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، مشيرًا إلى أن رئيس البرلمان سيستكمل اتصالاته لتختار الكتل النيابية ممثليها إلى طاولة الحوار التي سيدعو إليها، لوضع الأمور في نصابها، وتحديد الآلية والمعايير التي ستعتمد، مشدداً على أن عنواناً واحداً سيكون للحوار هو "انتخاب رئيس للجمهورية".
وحول تلويح "التيار الوطني الحر" بسحب وزرائه من الحكومة أو اعتكافهم، يقول هاشم: "هناك وزراء رديفون يمكنهم تولي مهام الوزراء الأصيلين، وهم معينون بالمرسوم الذي يصدر عند تشكيل الحكومة"، مشيراً إلى عدم ذكر أي أحد أن الحكومة ستعقد جلسات، وإنما هي لن تفعل ذلك إلا بالحالات الطارئة وللضرورة القصوى.
"وزراء عون" لن يشاركوا بأي جلسة حكومية
وفي قراءته لوقائع جلسة الخميس، يقول الخبير الدستوري سعيد مالك لـ"العربي الجديد"، إن بري حدد يوم الخميس موعداً لعقد جلسة تلاوة رسالة الرئيس عون ملتزماً بالمهلة الدستورية المعطاة له، وبهدف مناقشتها واتخاذ الموقف منها.
وبحسب مالك، فإنه من المتوقع أن يذهب بري والبرلمان بالاتجاه نفسه عندما وجهت إليهما رسالة شبيهة في مايو/ أيار 2021 حين تقدم عون برسالة إلى مجلس النواب ورئيسه شاكياً تأخر سعد الحريري في إنجاز تشكيلته الوزارية، حيث كانت النتيجة حينها بتبني موقف يشير إلى أن سحب التكليف يعني تعديلاً للدستور، وبالتالي بقي التكليف.
ويشير مالك إلى أن "قبول استقالة الحكومة أو عدمه سيّان، وأن لا أثر قانونيا أو دستوريا لخطوة عون أمس الأحد، فالمرسوم هو إعلاني وليس إنشائياً، وبالتالي، فإن حكومة تصريف الأعمال ستبقى تصرف أعمالها كالعادة ولا شيء يمكن أن يمنعها من ذلك".
في المقابل، يلفت الخبير الدستوري والمحامي اللبناني إلى أنه "في حال استقال الوزراء المحسوبون على الرئيس عون أو التيار من الحكومة، فإن وزاراتهم ستوكل إلى البديل عنهم، تبعاً لمرسوم الوكالة، على أن تبقى الحكومة تمارس عملها بالحد الأدنى بالمعنى الضيّق".