تتواصل في الخرطوم ومدن سودانية أخرى حملات تنظيم مليونية 13 نوفمبر/تشرين الثاني، ضمن التصعيد المستمر ضد انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في وقت حذر فيه وزراء بحكومة عبد الله حمدوك من العودة إلى دائرة العزلة الدولية والحصار الخانق للسودان، في حال استمرّ مخطط الانقلاب.
وطبقاً لمعلومات لـ"العربي الجديد"، فإن سلطات الانقلاب تسعى لاستصدار قرار بإغلاق المدن وحظر التنقل، وربما منع التجول، بحجة زيادة الإصابات بفيروس كورونا، في مسعى لإجهاض المليونية.
وأصدرت عشرات النقابات والأجسام المهنية والأحزاب السياسية بيانات داعمة لمليونية السبت، آخرها تلك الصادرة عن كتلة اللجان التسييرية والتمهيدية لنقابات العاملين بشركات إنتاج ونقل خام النفط، التي دعت كل قواعدها إلى "المشاركة والانخراط في المليونية مع جماهير الشعب الباسلة، رفضاً للانقلاب وللمطالبة بعودة الحكم المدني وإطلاق سراح جميع المعتقلين".
كما حثت الكتلة، في بيان لها، العاملين في المكاتب والحقول ومواقع الإنتاج على "الانتظام في وقفات احتجاجية من مواقع عملهم، والتعبير السلمي المكفول بكل الشرائع والقوانين، مع ضرورة رصد وتوثيق أي شكل من أشكال الانتهاكات اللفظية أو الجسدية أو الترهيب بالفصل، مما يحاسب عليه القانون".
كما أصدرت تنسيقيات لجان المقاومة في الأحياء بيانات تعهدت فيها بمواصلة الحراك الثوري إلى حين سقوط الانقلاب العسكري. وأكدت التنسيقيات تمسكها بسلمية الحراك سلاحاً أقوى من الرصاص في مواجهة الاستبداد، محذرة من الانزلاق للعنف "لأن العنف قد يمنح قبلة الحياة وعمراً أطول للانقلابيين وأعوانهم".
"الترويكا" تسعى للدفع نحو حوار مباشر بين المدنيين والعسكر في السودان
في الأثناء، أبلغت مجموعة دول "الترويكا"، التي تضم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج، تحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير" في السودان برغبتها في الدفع بحوار مباشر بين المدنيين والمؤسسة العسكرية، للخروج من الأزمة السياسية التي أعقبت انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
وقالت مصادر لـ"العربي الجديد"، إنّ ممثلين عن "الترويكا" اجتمعوا، اليوم الخميس، برؤساء أحزاب تحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير"، لحثهم على الانخراط في حوار يضم الحرية والتغيير بشقيها الرافض للانقلاب والمؤيد له، والمؤسسة العسكرية.
وأشارت مصادر من داخل الاجتماع إلى أن قيادات الأحزاب أبلغت بدورها مجموعة سفراء "الترويكا" برفضها الدخول في حوار في ظل اعتقال رئيس الوزراء ووزراء ومسؤولين وعدد من الناشطين سياسياً ولجان المقاومة والمهنيين، وهي اعتقالات لم تتوقف حتى الآن بعد الأنباء عن توقيف عضو سكرتارية "تجمع المهنيين السودانيين" وأحد أيقونات الثورة السودانية محمد ناجي الأصم.
وأضافت المصادر أنّ رؤساء أحزاب التحالف أبلغوا كذلك "الترويكا" بأهمية العودة للعمل بالوثيقة الدستورية، ورفع حالة الطوارئ، مبينة أنّ السفراء تفهموا تماماً تلك المطالب، ووعدوا بنقلها لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان خلال اجتماع مرتقب معه في الساعات المقبلة.
تحذير من عودة السودان إلى العزلة الدولية
سياسياً، حذر وزراء بحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك من العودة إلى دائرة العزلة الدولية، والحصار الخانق للسودان، في حال استمر مخطط انقلاب البرهان.
جاء ذلك في بيان أصدره ممثلو تحالف قوى "إعلان الحرية والتغيير" بحكومة حمدوك، ونشرته صفحة وزارة الثقافة والإعلام في "فيسبوك"، نادوا فيه بإطلاق سراح زملائهم من الوزراء وجميع المعتقلين السياسيين من دون استثناء، ورفع حالة الطوارئ، ووقف الفصل التعسفي الجائر لمنسوبي الخدمة المدنية واستبدالهم بفلول العهد البائد، مشيرين إلى أنّ الشعب السوداني، ومنذ الخامس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، "أعلن بعزيمة لا تكلّ، وبشجاعة، رفضه للانقلاب، وأن تطلعه لدولة مدنية وتحول ديمقراطي سلمي لا رجعة عنه، وإن إرادته لا راد لها، مقدماً في سبيل ذلك الشهداء والجرحى والمعتقلين".
وأكد البيان أنّهم كوزراء الحكومة الانتقالية الشرعية يمضون في المسار ذاته، قائلين: "لا نحيد عنه، مستلهمين نضال شعبنا وقواه الحية، وحاضره وإرثه الزاخر في مقاومة الديكتاتوريات العسكرية وإسقاطها في ثلاثة أجيال متعاقبة". واستنكر الوزراء العنف والقمع والاعتداءات الممنهجة التي تمارسها القوات الأمنية ضد المتظاهرين السلميين، وحملات الاعتقالات التي طاولت المئات من أبناء وبنات الشعب في كل أنحاء البلاد، ودعوا لتحقيق جدي صارم لملاحقة الجناة المتورطين في قتل المتظاهرين، والاعتداء الهمجي عليهم.
وعدّ البيان الانقلاب العسكري "نكوصاً عن الإنجازات المهمة لحكومة الفترة الانتقالية، متمثلة في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والإعفاء من الديون، والحصول على منح مليارية، وثبات سعر الصرف، وخفض نسب التضخم، وارتفاع رصيد بنك السودان المركزي من الذهب والعملات الحرة، والزيادة الملحوظة في الإنتاج الزراعي والحيواني".
ودعا الوزراء كل قوى الثورة إلى "التوحد وتغليب الحرص المشترك على مستقبل البلاد على التناقضات الثانوية بين القوى السياسية لمواجهة الانقلاب العسكري، وتنظيم صفوفها من أجل التصعيد الثوري حتى إسقاط الانقلاب"، وأشادوا بـ"الدعم الدولي والإقليمي الواسع للشعب السوداني في مناهضته الباسلة للانقلاب العسكري".
جرعة دعم أوروبية لحكومة حمدوك
دولياً، شدد سفراء الاتحاد الأوروبي المقيمون في السودان على دعمهم العودة إلى النظام الدستوري والإفراج الفوري عن المعتقلين وحماية الحق في التظاهر السلمي.
جاء ذلك في اجتماع لهم مع وزيرة خارجية السودان مريم الصادق المهدي، اليوم الخميس، بالخرطوم، والتي اجتمعوا بها بصفتها الرسمية كوزيرة خارجية، من دون اكتراث لقرار قائد الجيش حلّ حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن في وقت سابق اعترافه بحكومة حمدوك فقط كسلطة شرعية في البلاد.
أمر بإعادة خدمة الإنترنت في السودان فوراً
على صعيد آخر، أمرت محكمة الخرطوم الجزئية شركة الاتصالات بإعادة خدمة الإنترنت فوراً لحين الفصل في دعوى التعويض عن الضرر، وذلك بعد التحايل على حكم مماثل، صدر أول أمس الثلاثاء، بإعادة الخدمة للذين تقدموا بدعاوى قضائية فقط.
وجاء القرار بعدما تقدم عدد من الجهات بدعاوى قضائية ضد شركات الاتصال لقطعها خدمة الإنترنت بقرار من الانقلاب منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولم يصدر من شركات الاتصال أي تعليق حتى الآن على الحكم الجديد للمحكمة، أو من سلطات الانقلاب التي أرغمت الشركات على قطع الخدمة.
ورغم ذلك، ذكرت منظمة، اليوم الخميس، أن الوصول إلى الإنترنت لا يزال مقيدا إلى حد بعيد في السودان منذ الانقلاب العسكري الشهر الماضي، بالرغم من أمر محكمة يلزم مقدمي الخدمة بإعادتها.
وفقا لتغريدة من منظمة "نت بلوكس"، فإن انقطاع الإنترنت في السودان يمثل "عرقلة مستمرة" للديمقراطية وحقوق الإنسان.
جامعة سودانية جديدة تعلّق الدراسة رفضاً للانقلاب
إلى ذلك، انضمّت جامعة أم درمان الإسلامية، ثانية كبرى الجامعات السودانية، إلى خمس جامعات أخرى علّقت الدراسة فيها "إلى أجل غير مسمّى"، رفضاً للانقلاب العسكري بقيادة البرهان.
وصدر قرار الجامعة الإسلامية خلال اجتماع لمجلس عمداء الكليات، أمس الأربعاء، وأُعلن اليوم الخميس.
ودعا القرار، وفق ما ذكرته صفحة الجامعة في "فيسبوك"، جميع منتسبي الجامعة إلى متابعة ما يستجدّ من قرارات بمواقع إعلانات الجامعة.
وسبقت جامعة أم درمان الإسلامية باتخاذ هذا القرار كل من جامعات الخرطوم، والجزيرة، والنيلين، والسودان، والبحر الأحمر.
أيضا، دخلت جامعة الزعيم الأزهري، اليوم الخميس، ضمن قائمة الجامعات المشتركة في العصيان المدني المناهض للانقلاب العسكري.
وأعلنت الجامعة، في بيان، تعليق الدراسة "إلى أجل غير مسمى"، كما دانت مقتل أحد طلابها أثناء موكب 21 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وكان رؤساء مجالس 10 جامعات حكومية قد أصدروا بياناً، أمس الأربعاء، دانوا فيه الانقلاب العسكري، وما تلاه من إجراءات قمعية من قتل وإخفاء قسري واعتقالات وتعذيب ومصادرة للحريات العامة وقطع خدمة الإنترنت.
وأعلن رؤساء المجالس الجامعية رفضهم التعاطي مع أي قرارات صادرة عن الانقلابيين، تخصّ الجامعات السودانية واستقلاليتها.